بين «الصناعة» ونقابات (النسيجية).. فائض العمالة أم نقصها؟!

بين «الصناعة» ونقابات (النسيجية).. فائض العمالة أم نقصها؟!

 

 جمعت نقابات العمال للمرة الثانية الحكومة وعمال وإدارات شركات القطاع العام الصناعي على منصتها، فبعد مؤتمر لصناعة الاسمنت في سورية، عقد في الاتحاد العام لعمال دمشق، مؤتمر للصناعات النسيجية  بتاريخ 7/10/2015 حضره وزير الصناعة ونالت القضايا العمالية، والاقتصادية الفنية حصتها من طروحات غنية حول واقع القطاع..

قاسيون تابعت أعمال الملتقى وترصد أهم القضايا العمالية حول قطاع الصناعات النسيجية، بينما سيكون للقضايا الاقتصادية والفنية المرتبطة بالقطاع موضع آخر للنقاش.

تشغيل العمال المتوقفين بأي ثمن!
الحكومة عبر وزارتها مصرة على مبدأ تقليص التكاليف في الأجور العمالية، حيث يعلن الوزير أن كتلة الأجور تبلغ 20 مليار ل.س، ولا يمكن زيادة العبء، بالتالي فإنها تعلن استبعاد التعيين الجديد، أو تثبيت العمالة الموسمية، لأن المنطق وفق الوزارة يقول: بأن عمال الشركات المدمرة والمتوقفة الذين تستمر الدولة بدفع رواتبهم، يجب أن (يعملوا أينما وضعتهم الدولة) بحسب الوزير، وأن (يتم تدريبهم أياً كانت طبيعة العمل).
للنقابيين رأي آخر في هذا السياق، ويرون أن هذه الرؤية قد تبدو منطقية من حيث توفير المال العام، ولكن عملياً قد يؤدي هذا المنطق إلى إعاقة العمل لحد توقفه، بل وتهديد وجود بعض القطاعات.
رئيسة نقابة غزل حماة عبير الصليب، ترى أن العمل في محالج حماة سيتوقف، وهو اليوم شبه متوقف، بعد أن تم تقليص عدد العمال الموسميين الذين كانت تقوم على عملهم المحالج،  بعد فصلهم، حيث مقابل 1200 عامل ثابت، كان تعداد الموسميين في الظروف العادية 7000عامل، تقلص إلى 300 عامل فقط! والفصل الذي تم في 30/8/2015 أتى بعد أن عملوا لفترات طويلة، وكسبوا الخبرة بالعمل، ولم يحصلوا حتى على التعويض المعيشي 4000 ل.س، كما لم يحصل عمال محالج المنطقة الوسطى عموماً على الحوافز بسبب التشغيل للغير، وترى النقابية بأن بديل الوزارة بندب 700 عامل من غزل إدلب، للعمل في المحالج، لن يفي بالغرض.
أما الوزارة، فتقيس المسألة بمحدد وحيد هو عبء الرواتب، فعلى الرغم من اعتراف الوزارة بأن دراستها لواقع العمالة في القطاع، أفضت إلى نتيجة أن 60% من العمال بين عمري 55-60 سنة،  بقيت ردود الوزير بأن 7600 عامل في حلب كتلة رواتبهم 3 مليار ل.س، يجب أن يجدوا عملاً، و1300 عامل من غزل إدلب على سبيل المثال، كتلة رواتبهم 400 مليون ل.س، يجب أن يجدوا دوراً لهم في حماة، أياً كانت طبيعة العمل!.
في دمشق.. خطوط بلا عمال!
صالح منصور رئيس نقابة عمال الغزل والنسيج في دمشق،  أشار إلى وجود خطوط متوقفة نتيجة نقص في اليد العاملة المنتجة والفنيين، ووافقت الوزارة على تعيين عمال جدد بعقود 3 أشهر، إلا أن الحاجة هي لعمال دائمين، لأن الموسمي وتحديداً لهذه الفترة القصيرة، سيتحول إلى هدر للجهد حيث فترات التدريب تطول عن ثلاثة أشهر. 
لذلك يرى النقابي الحاجة إلى تثبيت عمال دائمين، في كل من شركتي الوسيم التي كان لديها 900 عامل واليوم 400 فقط، وشركة الشرق التي يتوقف 70% من آلاتها بسبب نقص العمال، بينما عمال الشركات المتوقفة من اختصاصات أخرى، وأعمارهم كبيرة!.
اختصاصات متباينة 
وصناعات مهددة!
كذلك أشار نبيل معلا رئيس نقابة عمال الغزل والنسيج بحمص، إلى أن فائض عمال المصابغ، لا يمكن الاستفادة منهم في شركة الوليد للغزل!، مؤكداً على الحاجة إلى تدريب وتطوير مهنيين شباب.
المشكلة ذاتها تظهر في معامل السجاد سواء في دمشق، أم السويداء، حيث أشار مدير المعمل جورج صفر، إلى أن عمال الشركة الخماسية، لا يستطيعون أن يلبوا النقص في معمل سجاد دمشق بسبب أعمارهم الكبيرة من جهة، وطبيعة العمل من جهة أخرى، حيث أن معلم على نول السجاد يتطلب تدريب سنتين كاملتين، ولدينا اليوم 8 معلمين، على 8 أنوال فقط، أي أن عدم تعيين عمال جدد وبعمر صغير وتدريبهم، سيعني أننا سنخسر جزءاً هاماً من المهنة بعد سنوات قليلة، كذلك الأمر في صناعة النسيج حيث أصبح أغلب عمال حلب المتخصصين في تركيا، مع تدهور الظروف الاقتصادية والأمنية في حلب، بحسب نقابيي حلب.
نظام الحوافز.. تصنيف المهنة!
دعا النقابيون إلى تطوير قانون الحوافز القائم منذ السبعينيات، والذي يلعب دوراً أساسياً مع تراجع الإنتاج، بإلغاء حافز العمال على البقاء في المجال الإنتاجي، وتحصل انتقالات بأعداد كبيرة إلى العمل الإداري والخدمي، كما أشار النقابي كمال الجن رئيس نقابة الغزل والنسيج في اللاذقية بأن راتب العامل سابقاً كان 2800 ل.س، بينما الحوافز كانت تبلغ 3000 ل.س أي أعلى من الراتب، أما لاحقاً أصبح راتب العامل الإنتاجي لـ 8 ساعات 27000 ل.س على سبيل المثال، بينما حوافزه اليوم لا تتعدى 500-1000 ل.س.
والعمل الإنتاجي في قطاعات الغزل والنسيج عمل شاق ومضني، وفيه مخاطر. لذلك طالب النقابيون بتصنيفها ضمن المهن الخطرة، وتقديم التعويضات المطلوبة.
أية صناعة والعمال
لا يجددون قوتهم؟!
النقابي محمد أمين عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد المهني للغزل والنسيج، أشار إلى أن مشاكل القطاع وحلولها المطروحة مكررة من 15 سنة، والصعوبات تتزايد، وقد فاقمتها الأزمة، أما الحلول فلا تنتقل للتطبيق. متسائلاً: (هل الحكم والخصم واحد؟ أم ما يجري أوسع من مقدراتنا؟!) ومكملاً: (هل يستطيع هذا القطاع الذي عنصره الأساسي العمل، أن يتطور بينما مستوى معيشة العامل، وأجره لا يكفي لتجديد قوة عمله؟ وبينما عمالنا عجزة في عمر الأربعين، حيث ينبغي قبل كل شيء البحث عن أسباب عدم تنفيذ الخطط في تدهور طاقات العمال وقدراتهم في ظل ظروف معيشتهم المجحفة!).