ملاحظات أولية على البيان الوزاري للحكومة السورية
عرضت الحكومة السورية بيانها أمام مجلس الشعب بتاريخ 5 أيلول الحالي. فهل من جديد في البيان الوزاري يمكن التعويل عليه؟ بكل اختصار، ودون الخوض في تفاصيل البيان، يمكن القول أنْ لا جديد، لا في البيان الحكومي الذي تم عرضه تحت قبة مجلس الشعب، ولا في التوجهات والسياسات الحكومية.
فالبيان عام وإنشائي، ولا يختلف عن البيانات الحكومية السابقة. فزجّ عبارات مثل «تحسين الوضع المعيشي للمواطن»، أو «زيادة الرواتب ومتمماتها»، أو «إيصال الدعم لمستحقيه»، في متنه، أو الحديث عن الإنتاج والصناعة والزراعة، بعموميته، مع غياب خارطة تنفيذية واضحة لمجمل العناوين الواردة بمضمونه، لا يعني إلا مزيداً من الانفصال عن الواقع، بل وتكريس سلبيات هذا الواقع، الذي تجاوز مرحلة السوء والتردّي بدرجات، وعلى كافة المستويات، من خلال الاستمرار بالسياسات نفسها المولدة للأزمات من طرف، والتي تزيد الفقراء فقراً والأغنياء غناً من طرف آخر.
مزيد من الانفصال عن الواقع
بحسب بعض وسائل الإعلام: «دعا عدد من أعضاء مجلس الشعب، خلال مناقشة البيان الوزاري للحكومة، إلى دراسة أسباب هجرة الصناعيين ورؤوس الأموال إلى الخارج، والعمل على معالجة هذه المسألة وجذب أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، حيث ردّ رئيس مجلس الوزراء على ذلك بدعوة أعضاء المجلس إلى تقديم المعلومات والمعطيات الدقيقة عن هجرة الصناعيين للخارج حالياً، وإذا كانت هناك أسماء أو أرقام تثبت ذلك يتم عرضها أمام الحكومة لمعالجة أسباب ذلك».
إنّ ردّ رئيس الحكومة أعلاه ربما يعتبر أحد مؤشرات زيادة اغتراب الحكومة عن الواقع وابتعادها عنه، أو عدم الرغبة بالاعتراف بالنتائج السلبية الكارثية لمجمل السياسات المطبقة على القطاع الصناعي، والإنتاجي عموماً، فكيف على بقية القطاعات، وعلى الواقع الاقتصادي الاجتماعي عموماً؟!
فهل رئيس الحكومة لا يعلم حتى الآن بهجرة الصناعيين فعلاً، وهو بحاجة لمن يجمع له البيانات كإثبات، أم هو هروب وتهرّب من استحقاقات هذه المعرفة (الواقع)، وسواها من المعارف والوقائع الأخرى، ومسؤوليات الحكومة والسلطة حيالها، وخاصة بظل النتائج الكارثية التي تم حصادها حتى الآن؟!
بمطلق الأحوال من الواضح أن الحكومة ماضية بسياساتها، دون أي تعديل أو تغيير، ما يعني مزيداً من الغرق بوحل المآسي والكوارث، التي وصلت لدرجة التوحش، على حساب الغالبية المفقرة طبعاً، كما على حساب الإنتاج والاقتصاد الوطني، والمصلحة الوطنية عموماً.