وثائق مسربة: ضربة نووية أمريكية للصين
Strategic Culture Strategic Culture

وثائق مسربة: ضربة نووية أمريكية للصين

قبل أكثر من 60 عاماً، كان قادة الجيش الأمريكي أقرب من أيّ وقت سابق لإلقاء قنبلة ذريّة على الصين بسبب خلاف صغير على الإقليم المنشق تايوان. هذا ما تقوله الوثائق التي سربها حديثاً دانييل إليسبرغ، العسكري الذي عمل كاستراتيجي أسلحة نووية في مؤسسة راند وفي البنتاغون خلال الخمسينيات والستينيات. «الهروب إلى الحرب» ليس مرتبطاً بإدارة أمريكية دون أخرى، فهو نهج عام يتوضّح بإعلان إدارة بايدن بأنّ الولايات المتحدة لن تنضمّ مجدّداً إلى معاهدة الأجواء المفتوحة التي انسحبت منها إدارة ترامب. هذه ثالث معاهدة استراتيجية للحد من التسلح تتخلّى عنها الولايات المتحدة من جانب واحد: الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، والصواريخ النووية متوسطة المدى، والآن معاهدة الفضاء الخارجي.

ترجمة : قاسيون

إليسبرغ هو من سرّب قبل 50 عاماً وثائق البنتاغون السريّة التي كشفت أكاذيب واشنطن عن تورطها الرسمي الإجرامي في فيتنام. واليوم وهو في التسعين من العمر، سرّب وثائق أخرى مثيرة للجدل: كان البنتاغون متأهباً لمهاجمة الصين بالأسلحة النووية في 1958.

يبدو مذهلاً أنّ هذه الجريمة الوحشية كانت قريبة من جريمتين وقعتا بالفعل عندما أسقط الأمريكيون قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في 1945، ما تسبب بمقتل 200 ألف مدني على الأقل.

إليسبرغ الذي قد يواجه تهماً جرمية مثلما حدث مع إدوارد سنودن وجوليان أسانج، قال بأنّ دافعه لفعل ذلك هو التصعيد الأخير الذي تقوم به الولايات المتحدة ضدّ الصين.

صرّح قادة البنتاغون في الأشهر الماضية بأنّ الحرب مع الصين قد تبدأ خلال خمسة أعوام. ومن التلميحات والأعمال العدائية تجاه الصين، المستمرة منذ أيام أوباما وترامب، واليوم بايدن، يبدو بأنّ الساسة الأمريكيين يرغبون بتصعيد الموقف حتّى تنفجر التوترات إلى حرب شاملة.

وكما عبّر إليسبرغ، فالسياسة الأمريكيّة الراغبة باستخدام القنبلة النووية ضدّ الصين في 1958 لم تتغيّر اليوم. يجب أن يكون هذا مصدر قلق للعالم بأسره، خاصة إذا ما أخذنا بالحسبان أنّ الصين اليوم ليست كالصين في 1958، فقد أصبحت قوّة نووية هائلة، ولا شكّ بأنّها لن تسكت وتقبل بالعدوان عليها دون ردّ، الأمر الذي قد يؤدي لاشتعال حريق نووي عالمي لا يمكن إطفاؤه.

ربّما المشكلة الأكبر هنا تكمن في واضعي الخطط الأمريكيين الذين يحاولون إيهام الشعب الأمريكي بقدرة الولايات المتحدة على الانتصار بضربة استباقية. والأمر المزعج أنّ الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي استخدمت أسلحة الدمار الشامل النووية في الحرب، وهي لا تزال تبرّر ذلك بأنّها كانت ضرورية رغم كلّ الأدلّة المناقضة لذلك، وبأنّ ساستها حازوا على «حصانة» ضدّ المحاسبة والعقاب.

من المهم أنْ نفهم أنّ الاستعداد لاستخدام السلاح النووي في 1958 (ضدّ الصين) لم يكن مجرّد حادثة معزولة، فقد كان هناك عدد من المناسبات المثبتة بالوثائق «ناهيك عن غير المثبتة» التي خطط فيها الأمريكيون لاستخدامه:

  • في 1949 كان هناك خطّة لإلقاء 300 قنبلة ذريّة على 100 مدينة على طول الاتحاد السوفييتي، بذريعة توسيع السوفييت لتحالفاتهم في دول أوروبا الغربية وآسيا.
  • في 1950 و1953 هددت الإدارتان الأمريكيتان باستخدام السلاح النووي ضدّ الصين بسبب دعمها لكوريا الشمالية في الحرب الأهلية الكورية ضدّ كوريا الجنوبية المدعومة أمريكياً.
  • في 1961 دعا رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية بطلب رسمي إلى مهاجمة الاتحاد السوفييتي بشكل استباقي، لكنّ الرئيس كينيدي لم يوافق على الأمر.

الأمر الوحيد الذي يمنع الساسة الأمريكيين من الهجوم على الصين وروسيا بالأسلحة النووية، هو خوفهم من الانتقام من جانب الصين وروسيا، اللتان تملكان ترسانتي ردع تتفوقان فيها على الولايات المتحدة.

اللهجة الأمريكية المستمرة عن «الأخلاق» ليست إلّا ستاراً متغطرساً. أمّا الحقيقة فهي أنّ الولايات المتحدة مجرمٌ نوويٌّ موصوف يهدد السلام العالمي.

 

بتصرّف عن: The United States Is a Serial Nuclear Aggressor Whose Moral Bankruptcy Threatens World Peace