مناورات حول لحظة إعلان إحياء الاتفاق النووي الإيراني
بعد مرور أكثر من شهر ونصف على بدء المفاوضات بين الأطراف الدولية المنخرطة بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة» ورغم التصريحات الإيجابية من جميع الأطراف إلا أنه بات واضحاً وجود تأخير متعمّد عن إعلان إعادة إحياء الاتفاق.
مضت حتى الآن 5 جولات متتالية من المباحثات التقنية والسياسية في العاصمة النمساوية فيينا حول عودة الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق بعد رفعها كامل العقوبات الاقتصادية عن طهران، وعودة الأخيرة إلى كامل التزاماتها النووية.
وتشير جميع التصريحات إلى إيجابية المباحثات، والاتفاق على جزء كبير من البنود، إن لم تكن جميعها.
حيث يصرّح الجانب الإيراني مراراً على التقدّم الجيد بالمباحثات، وصولاً إلى البدء والتقدم في «تدوين نصّ الاتفاق» نفسه وفق تصريح مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي في الـ 19 من الشهر الجاري، مضيفاً إعرابه عن أمله بـ«أن تكون جولة المفاوضات المقبلة الجولة الأخيرة».
ومن الجانب الأوروبي فقد أعرب الاتحاد عبر مديره السياسي إنريك مورا خلال مؤتمر صحفي عن قناعتهم بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق نهائي لإحياء الصفقة النووية مع إيران.
وبالمثل لدى الجانب الأمريكي رغم تحفظاته ومناوراته، ليؤكد البيت الأبيض في اليوم التالي بأن الولايات المتحدة لا تزال منخرطة في المناقشات، وأن المحادثات غير المباشرة مستمرة في العمل نحو التقدم.
الملحوظ هو أن هذه التصريحات وشبيهاتها قد باتت تتكرر، وقد خفت ضوء المباحثات إعلامياً، وفي كل مرة تشارف بها العملية على الانتهاء وتوحي بالإعلان بأية لحظة، يُقدم أحد الأطراف على خطوة ما، عبر ذريعة ما، سواء في بنود الاتفاق أو نصه، لتأجيل الحدث.
كان آخر هذه الخطوات هو تصريح الدول الأوروبية الثلاث المعنية بالاتفاق، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، أن نجاح مفاوضات فيينا ليس أمراً مضموناً، بحجّة انتهاء الاتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في 22 أيار، مما يعني عدم السماح لها للمراقبة بعده. لتقوم طهران بتمديد الاتفاق في الـ 24 من الشهر، وسط ترحيبٍ من الجانب الروسي، وتحلّ المسألة.
وليخرج في أثناء ذلك وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، مدّعياً أن بلاده لم تر مؤشرات على استعداد إيران لاتخاذ الخطوات اللازمة، ورابطاً الملف النووي بمسائل إقليمية ودولية منها ما جرى في فلسطين المحتلة، وقد أشار مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى ذلك بتصريحٍ لاحق وأكد أنّ «واشنطن وافقت على رفع جزء كبير من العقوبات، لكن هناك جزء هام من العقوبات لا نزال نتفاوض بشأنه». ليتبعه الرئيس الإيراني حسن روحاني أيضاً بأن «الإدارة الأمريكية أكدت صراحة استعدادها لرفع العقوبات عن طهران».
من غير الواضح تماماً ما سبب التأخير عن إعلان إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني أو المستفيد من ذلك حتى الآن، وسط تقديرات بأن الأمر مرتبط بالانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة أو بالقمة الروسية الأمريكية المزمعة أو كلاهما، لكن ما هو مؤكد أنّ المباحثات قد وصلت نهاياتها، وما يجري المناورة عليه إنما هو فقط: توقيت ولحظة الإعلان سياسياً.