لماذا صعود الصين «فرصة» للناتو؟
في لحظة لم يحضّر لها جيداً، وصف الأمين العام لحلف الناتو يانس ستولتنبرغ صعود الصين بأنّه يشكّل تحدٍ، وكذلك «فرصة». إنّ ما أقرّ به في حقيقة الأمر هو أنّ سياسات مواجهة الصين تمنح التحالف العسكري أهدافاً جديدة وسبباً للوجود كان بأمسّ الحاجة إليه.
ترجمة: قاسيون
أجرى ستولتنبرغ لقاءً حصرياً مع «دويتشه فيله» الألمانية بمناسبة أول قمّة وزارية للناتو تحضرها إدارة بايدن، والتي عقدت في 23 و24 آذار في مقر الناتو في بروكسل. ويأتي هذا اللقاء بهدف تنسيق سياسات العقوبات ضدّ الصين وروسيا، وقد أتى على خلفية أسبوع من التنسيق غير المسبوق بين الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا والاتحاد الأوروبّي لفرض عقوبات جديدة على بكين وموسكو.
غيّرت إدارة بايدن مسارها مبتعدة عن سالفتها وبدأت بالدعوة بقوة من أجل «علاقة متجددة» عبر الأطلسي. تريد الولايات المتحدة إعادة تنشيط محور الولايات المتحدة وأوروبا بوصفه استراتيجية أكثر فاعلية لتحدي الصين وروسيا. وبغضّ النظر عن مدى تكلفة هذه التنشيط الباهظة، فالناتو هو الآلية القائمة الأنسب.
لكن على الولايات المتحدة أن تصوّر الصين وروسيا بأنّهما تشكلان تهديداً كبيراً، وضمن هذا السياق جاء تصريح الناتو الأخير الذي أكّد وحدة التحالف في مواجهة «العدوان» الروسي. انتقدت موسكو البيان قائلة بأنّ الناتو يحاول تبرير وجوده عبر هذه المساعي.
كاد ستولتنبرغ ومن في مصافيه يرتعشون من شدّة الفرح في «الفصل الجديد» في العلاقات عبر الأطلسي في ظلّ إدارة بايدن، بعد أربع سنوات من التعامل مع إدارة ترامب ذو التوجيهات المستمرة بشأن الميزانية العسكرية.
لكنّ السبب في ذلك أنّ ستولتنبرغ وطاقمه والسياسيين الذين يدعمون هذا التوجه، يعتمدون في رزقهم وعيشتهم المريحة على تمويل الشركات لمنشآتهم ومراكز أبحاثهم. فالناتو الذي تأسس منذ 70 عام في بداية الحرب الباردة بهدف مواجهة الاتحاد السوفييتي، يسعى اليوم وهو يتوسع لإيجاد ذريعة دائمة لبقاء هذا التحالف.
في مقابلته قال ستولتنبرغ: «الصين تقترب منّا، وتستثمر في بنانا التحتية الحاسمة». فات ستولتنبرغ أنّ الصين هي الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبّي ومستثمر مباشر كبير في دوله، وأنّ السبب في تعاظم دورها هو إفلاس الدول الأوروبية بسبب عقود من الرأسمالية النيوليبرالية والتقشف.
ولهذا عندما اعتبر ستولتنبرغ بأنّ صعود الصين يمثّل فرصة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين أمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبّي، كان يدرك بأنّه من غير المهم مدى قيمة الادعاءات بأنّ الصين تمثّل «تهديداً»، بل المهم هو أن يتم تقديم الصين بوصفها تهديد. وينطبق ذات الأمر على روسيا.
كيف بغير هذا سيتم تبرير الميزانيات العسكرية والإدارية التي تخصص للشركات العسكرية والتكنولوجية التي تدعم الحلف؟ وكيف بغير هذا سيتم إيجاد ذرائع للدفاع عن الإمبريالية؟
بتصرّف عن: Stoltenberg Comes Clean on China ‘Opportunity’ for NATO