أحمد الرز

أحمد الرز

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأجور في سورية: متى يُكتب لها تاريخ جديد فعلاً؟

منذ ستينيات القرن الماضي، عانى السوريون من عمليات نهبٍ واسعة النطاق طالت مختلف جوانب حياتهم، وكان أبرزها استهداف أجورهم بأشكال مباشرة وغير مباشرة، حيث شهدت الأجور الحقيقية (أي تلك التي تقاس بقيمتها الفعلية مقارنة بمتطلبات الحياة) انخفاضاً مستمراً على مدى عقود. لم يكن هذا الانخفاض خطياً أو ذا وتيرة ثابتة، إذ تخللته فترات من التآكل التدريجي وأخرى من الانهيار السريع، مما انعكس بشكل مباشر على حياة الناس ومعيشتهم، ليجعل من تأمين الاحتياجات الأساسية أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة لـ90% من السكان على الأقل. وبطبيعة الحال، لم تكن هذه الظاهرة مجرد نتيجة ثانوية لتقلبات اقتصادية أو أزمات عابرة، بل نتيجة طبيعية لنهج اقتصادي قائم على غياب العدالة الاجتماعية وهيمنة مصالح نخب الفساد الكبير على الاقتصاد الوطني.

السوريون يستحقون اقتصاداً يخدمهم... لا يعيد إنتاج سياسات النظام السابق

مع رحيل السلطة السابقة، وتعيين حكومة تسيير الأعمال المؤقتة، يجد السوريون أنفسهم أمام مرحلة جديدة تترافق مع تطلعات وآمال بمستقبلٍ أفضل، ولكن أيضاً أمام تساؤلات ملحّة حول القرارات والسياسات التي تنتهجها هذه الحكومة في ظل واقع سياسي مضطرب ووضع اقتصادي متدهور. حيث تبرز العديد من القضايا التي تمس حياة الناس بشكل مباشر: ابتداءً من الأجور وقدرتها الفعلية على تأمين احتياجات الشعب السوري من سلعٍ وخدمات، وليس انتهاءً عند التفكير في هوية الاقتصاد الوطني، والآثار المرتقبة لإعلان الحكومة المؤقتة اعتمادها نهج «اقتصاد السوق المفتوح» في تكرار عمليّ لسياسات السلطة الساقطة التي تلطت خلف شعار «اقتصاد السوق الاجتماعي».

منتهزاً «فرصة العمر» الرجل الاقتصادي الأول لبشار الأسد يُطل برأسه مُجدداً

يعود عبد الله الدردري، الرجل الاقتصادي الأول لنظام بشار الأسد خلال الفترة الممتدة من 2003 إلى 2011، بصفته رئيساً لهيئة تخطيط الدولة، ثم نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ليظهر اليوم مجدداً في المشهد السياسي والاقتصادي، معلناً- في لقاء مع مجموعة من رجال الأعمال السوريين في الإمارات، يوم 24 كانون الأول 2024 - أنه سيتوجه إلى دمشق ليتحدث إلى القيادة الجديدة، ويعرض عليها «حزمة من المشاريع التي تساعد على تلمس كيفية التخطيط ووضع الرؤية»، حاثّاً رجال الأعمال على أنهم هم من يجب أن يبنوا محطات الكهرباء، ومحطات المياه، والمدارس والجامعات والطرق، و«هذا كله من خلال الاستثمار الخاص أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو عقود BOT… لدينا حكومة لا تملك المال، لا خيار أمامها إلا سبيلين: الغرق في الديون، أو تنشيط الاستثمار» معتبراً ذلك «فرصة العمر»، وواعداً إياهم بـ«فرص استثمارية قيمتها 100 مليار دولار».

نقاش اقتصادي «هادئ» مع حكومة تسيير الأعمال المؤقتة

ما إن بدأت حكومة تسيير الأعمال المؤقتة في سورية مباشرة مهامها حتى تصدّرت الساحة الاقتصادية بسلسلةٍ من القرارات والتصريحات التي أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع السوري. وبينما تباينت الآراء والتصورات الأولية حول تقييم هذه الخطوات، برزت أصوات تدعو إلى «التروي وعدم الاستعجال في الهجوم على الحكومة»، مشيرةً إلى «طبيعتها المؤقتة وحداثة تجربتها في التعامل بوصفها حكومة لقطاع جغرافي أكبر بكثير من حدود إدلب». ورغم الملاحظات الكثيرة على هذا الطرح، سنحاول في هذا المقال أن نكتفي بتقديم «نقاشٍ هادئ» لهذه الخطوات، مفترضين حسن النية، وأن من قام بها لا يدرك أبعادها الكاملة.

سورية التي نحب ونريد: حول الرؤية الاقتصادية لحزب الإرادة الشعبية

مرّت سورية خلال العقود الماضية بمساراتٍ اقتصادية متباينة، تراوحت بين رأسمالية الدولة والتوجه نحو ليبرالية اقتصادية متوحشة، وأسفر كلاهما عن أزمات عميقة وتراجعات اقتصادية كان الشعب السوري هو الضحية الأولى لها. ومع رحيل السلطة السابقة اليوم، لم تعد هناك فرصة للعودة إلى الوراء، بل أصبح لزاماً على السوريين صياغة نموذج اقتصادي جديد يتجاوز سياسات الماضي، ويتوجه نحو بناء عدالة اجتماعية حقيقية ونمو اقتصادي مستدام. وليس خافياً على أحد أن الإشارات الأولى حول «الشكل الاقتصادي» للحكومة الجديدة التي تشكلت على نحو متفرد قد أثارت الاستياء لدى غالبية السوريين التي تدرك أن الحديث حول «تحوّل سورية نحو اقتصاد السوق الحر» لا يعني الاستمرار الفعلي للسياسات الاقتصادية للسلطة السابقة فحسب، بل وتسريعها كذلك.

تغيير الوجوه دون تغيير النهج: بيان الحكومة السورية يؤكد المؤكد!

يعكس البيان الحكومي الأخير للحكومة السورية استمرار النهج ذاته الذي اعتمدته الحكومات السابقة دون أي تغيير يذكر، ورغم الحديث عن «الشفافية» و«الواقعية»، تبدو معظم مضامين البيان في العمق امتداداً مباشراً لسياسات التقشف والخصخصة والانسحاب التدريجي للدولة من التزاماتها تجاه الشرائح الأفقر من الشعب. وبالتالي، يمكن القول إن الحكومة الحالية، رغم تغيير الوجوه، لا تختلف في جوهرها أو سياستها عن الحكومات السابقة، حيث تعيد إنتاج ذات السياسات الاقتصادية `ذاتها، التي تعمق معاناة الأغلبية الساحقة من الشعب السوري.

شعبوية حكومية في خدمة رأس المال: بيع قطاعات الدولة بذريعة «العائدية»

لا تزال تتفاعل التصريحات التي أطلقتها رئاسة الوزراء في سورية خلال الجلسة الأسبوعية يوم الثلاثاء 2024/10/8، حيث شدد رئيس الوزراء على أن السياسات الاقتصادية يجب أن تعتمد على «الجدوى» و«العائدية» كأساس لاتخاذ القرارات على المستوى الوطني. وترافق ذلك مع انتقاد مباشر لما أسماه «الشعبوية» التي فسرها البعض بأنها «اتخاذ قرارات اقتصادية ترضي المطالب الشعبية دون تحقيق جدوى اقتصادية فعلية». فهل تبرر الحكومة بهذه التصريحات قرارات جديدة متسارعة تصب في مصلحة رأس المال على حساب الناس؟ في هذا المقال، سنتطرق لهذه الإشكالية ونقيّم وضع «الجدوى» و«العائدية» في الاقتصاد السوري منذ ما قبل مطلع الألفية الحالية.

لا «محرمات» بعد اليوم: سنصفي صناعات الحكومة ونكافح «الأيديولوجيا السلبية الجامدة»!

منذ ما قبل انفجار الأزمة، كان من الواضح لدى الجميع في سورية أن أصحاب القرار يسيرون بخطى متسارعة نحو تصفية الاقتصاد الوطني، وبشكل خاص القطاعات الحيوية التي تشكِّل العمود الفقري للإنتاج الحقيقي في البلاد. في هذا الجو المستمر حتى اليوم، جاءت التصريحات الأخيرة لرئاسة مجلس الوزراء منسجمة مع هذا المسار، وموحية بتسريعه أكثر، داعية لـ«الجرأة الموضوعية» وكسر «المحرمات» والابتعاد عن «الأيديولوجيا السلبية الجامدة».

شتاء بارد قادم وأصحاب القرار يتحركون: تخفيض جديد لأجور السوريين!

في لحظة كان فيها الشعب السوري مشدوداً إلى شاشات التلفاز ووسائل الإعلام، يتابع آخر تطورات التصعيد الإقليمي الجاري، جاءت الأخبار من نوع آخر. فوسط هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والترقب، جاء قرار حكومي صادم ليزيد من الضغوط على كاهل المواطنين، إذ أعلنت الحكومة السورية عن رفع «مفاجئ» لسعر ليتر المازوت المدعوم للتدفئة، من 2000 ليرة سورية إلى 5000 ليرة دفعة واحدة، وهو ما ترك المواطنين أمام ضربة جديدة على أعتاب فصل الشتاء.

التأثير المدمر للسياسات الاقتصادية: تدهور قوة العمل السورية نموذجاً

شهدت سورية منذ ما قبل انفجار الأزمة في عام 2011 سلسلة من التداعيات الكارثية التي ضربت مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وكانت قوة العمل السورية إحدى أكبر الضحايا التي تلقت ضربات موجعة نتيجة تلك الأزمة المتفاقمة. حيث عانت البلاد من تراجعٍ حاد في هذا القطاع بفعل تضافر عوامل الأزمة من جهة، والسياسات الاقتصادية التي استمرت في تقويض دور الدولة في تنظيم الاقتصاد وتقديم الرعاية الاجتماعية من جهة أخرى. وعلى هذه الأرضية، يغدو من الضروري الوقوف عند التحولات التي أصابت سوق العمل وتأثيراتها على شرائح المجتمع المختلفة.