محمد عادل اللحام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
ستبدأ المؤتمرات النقابية في جميع المحافظات مع بداية العام القادم، ويسبقها التحضير للتقارير والمداخلات وغيرها من اللوازم في عقد المؤتمرات، ومن اللوازم المفترض وجودها لكي تعبر المؤتمرات حقيقةً عن أوضاع الطبقة العاملة، وما تعانيه من أمور حياتية وعملية وجود رؤية واضحة لمجمل المطالب العمالية والطريقة والوسائل المفترض اتباعها من أجل انتزاع تلك المطالب والحقوق التي يعاد طرحها مراراً وتكراراً دون استجابة من الحكومة لها، بل الحكومة دائماً تقدم للعمال تبريراتها التي مفادها أن تلك المطالب والحقوق لن يستجاب لها.
الحرفيون بمختلف مهنهم، المنتشرون في الأحياء والبلدات يعانون الكثير الكثير من الصعوبات في تأمين لقمة عيشهم وتأمين متطلبات أطفالهم وأولادهم صغاراً وكباراً، والمعاناة التي نتحدث عنها هي مروية على ألسنة أصحابها، وهم الأصدق في معرفة أحوالهم المعيشية والمهنية التي يتعرضون لها مع مطلع كل نهار.
يحلو للبعض، أن يصوّر النجاح الواسع الذي حققه الفضاء الإلكتروني «مواقع الإنترنت وفيس بوك» في الصلة مع الحركة الجماهيرية، أو قطاعات مهمة منها وتعبئتها، بأنه بديل للإطار التنظيمي «الأحزاب والنقابات»، وأنها يمكن أن تلعب الدور الذي كانت تلعبه تلك الأحزاب بصلتها المباشرة مع الحركة الجماهيرية، وخاصة الطبقة العاملة، وهذه الفكرة التي يحاول الكثيرون الترويج لها، في ظل التجارب الناجحة التي تم استخدامها في الدعوة للاحتجاجات، أو الاعتصامات، أو للإضرابات عبر «فيس بوك» وغيرها من القضايا المتصلة بالنشاط الجماهيري والعمالي، لا يمكن أن تكون كما يُراد لها بأنها «بديل»، بل هي إحدى الأدوات الهامة التي يمكن استخدامها من أجل إيصال ما يُراد إيصاله.
يعرف من يتبنون ويطبقّون السياسات المضرة بمصالح وحقوق شعبنا وكذلك العمال منهم في بلدنا أن العدو الحقيقي لسياساتهم، والقوة الأكثر قدرة على الوقوف في وجههم وفضح برامجهم، ولجم سياساتهم إن أتيحت لهم الفرصة وتوفر لهم المناخ المناسب، هي الطبقة العاملة، لذلك يبذل هؤلاء كل ما بوسعهم في سبيل عدم امتلاكها لناصية الأمور، وإبقائها مفتتة، مشتتة غير قادرة على القيام بأي فعل حاسم للدفاع عن نفسها وحقوقها.
يتطور النضال العمّالي والنقابي سريعاً، وتتوضح معالمه في أوروبا وأمريكا خاصة مع اشتداد الأزمة الرأسمالية والتغيّر في ميزان القوى السياسي والعسكري والاقتصادي وتطوره باتجاه السياسي والاجتماعي، وهذا يوضح بداية تشكل وضع ثوري تبنى أدواته، ومنها الذاتي وهو المهم الذي سيعمل على التحكم بمجرى الصراع على الأرض بين الناهبين والمنهوبين على الصعيد الدولي وعلى الصعيد المحلي لكل دولة، وسيتطور العامل الذاتي «الحزب الثوري» في مجرى الصراع بين الطرفين إلى أبعد من المطالبة بتحسين الأجور أو تحسين شروط العمل أو الضمان الصحي، بل ستذهب باتجاه أكثر عمقاً، وهو الجانب السياسي الذي سيطيح بالمنظومة الرأسمالية خاصة مع ما يجري من تطورات سياسية واقتصادية وعسكرية ستكون نتائجها تغيير وجه العالم لمصلحة الشعوب المنهوبة.
لعبت القرارات الصادرة في عهد الوحدة السورية المصرية المتعلقة بالحركة النقابية والطبقة العاملة دوراً مهماً في احتواء الحركة، ومصادرة دورها المستقل، وتجريدها من عناصر القوة التي اكتسبتها الحركة في مجرى نضالها السياسي الوطني والطبقي في مواجهة القوى الطبقية الأخرى المعبرة سياسياً عن مصالح الطبقة المهيمنة اقتصادياً
إذا قمنا بمتابعة بسيطة لواقع الطبقة العاملة وما قدم باسمها من مطالب خلال المؤتمرات والاجتماعات النقابية التي عقدت في هذا العام وما قدم من مذكرات سطرتها اجتماعات المجلس العام لنقابات العمال، نجد أن تلك المطالب وفي مقدمتها تحسين الوضع المعيشي للعمال وتحسين الوضع الإنتاجي ما زالت موجودة في أدراج الحكومة، ولم تأخذ طريقها نحو التحقيق بالرغم من الأقاويل الكثيرة التي تدلي بها النقابات بأن الحكومة عازمة على تحقيق مطالبنا وهي متعاونة معنا إلى أبعد الحدود وغيره من جمل الإطراء والتبجيل لموقف الحكومة من مطالب العمال.
النقلة النوعية التي أقدمت عليها الحكومة فيما يتعلق بالوضع المعيشي بأن تسببت برفع أسعار كل شيء حتى الهواء الذي يتنفّسه الفقراء هذه النقلة «وهي بمثابة إعلان الطلاق النهائي الذي لا رجعة فيه مع الفقراء» تتفاعل آثارها الاقتصادية والسياسية، ويتعمق الجرح الذي أحدثته في حياة الناس والذي لا شفاء له طالما أن الحكومة تواصل السير أكثر في تطبيق سياساتها التي لم تبقِ ولم تذر من كرامة الناس ومن لقمتهم.
طلب المكتب التنفيذي لنقابات العمال من اتحادات المحافظات التحضير لعقد اجتماعات الهيئات العامة في المعامل والمواقع الخدمية للجهات التابعة لقطاع الدولة أو القطاع الخاص، وشدد في طلبه على ضرورة الاستماع للعمال بطرح مشكلاتهم ومطالبهم بحضور الإدارات.
يتعرض العمال الموسميون إلى هزات عنيفة عند نهاية كل موسم إنتاجي وما نقصده بالعمال الموسميين هم العمال في القطاع الخاص الذين يعملون في الإنتاج لموسم واحد شتوي أو صيفي في المشاغل الحرفية المنتشرة في الأقبية في أحزمة الفقر التي تحيط بالعاصمة وما أكثرها! وأماكن أخرى لا ترى الضوء ولا يمر بها الهواء، وبعدها يذهبون إلى منازلهم بانتظار موسم جديد، وهؤلاء العمال مجردون من كافة الحقوق سواء بزيادة الأجور أو حقوقهم في أن يكونوا منتسبين للتأمينات الاجتماعية، وكذلك المظلة النقابية التي لا تظلهم في ظلها فهم غير منظورين بالنسبة لها.