بصراحة ... قوانين العمل ونصائح المؤسسات المالية الغربية
منذ تبني اقتصاد السوق الاجتماعي رسمياً، ارتسم خط ناظم لعمل جميع الحكومات التي تعاقبت تجاه الطبقة العاملة السورية بشقيها العام والخاص، وهذا الخط جرى التعبير عنه بأشكال مختلفة من الممارسة والسلوك ابتداءً بما سمي بمشاريع «الإصلاح» الاقتصادي للقطاع العام، التي تبخرت مع تقدم وسيادة النهج الليبرالي في الاقتصاد الوطني، وليس انتهاءً بحرية التجارة، وفتح الأسواق، وتقليص دور الدولة «الاقتصادي الاجتماعي»، وتقييد قوة العمل بقوانين عمل «مرنة» حسب تبني صندوق النقد والبنك الدوليين لهذا المبدأ الذي تم النصح والدفع به لتطبيقه في كل الدول التي تبنت الليبرالية الجديدة في الاقتصاد!
لقد حددت المؤسسات المالية الإمبريالية توجهاتها، نحو الدول، والحكومات إذا ما أرادت النجاح في إدارة الاقتصاد بـما يلي:
- الخصخصة.
- تخفيض الإنفاق على شؤون الرعاية الاجتماعية.
- وضع قوانين أكثر مرونة لسوق العمل وعدم تحديد حد أدنى للأجور متناسب مع الحد الأدنى لمستوى المعيشة واستبعاد أن يكون متحرّكاً مع الأسعار.
الذي يهمنا في التناول هو البند الثالث المتعلق بالقوانين، والتشريعات «المرنة» لسوق العمل والتي نرى نتائجها الوخيمة على قوة العمل وعلى الاقتصاد بشكل عام، والتي صدرت خلال العقدين الفائتين؛ والمقصود بذلك تلك القوانين والتشريعات التي يمكن من خلالها التضييق على قوة العمل، ووضعها دائماً تحت مطرقة الاستغلال والبطالة، حيث سيقوم السوق بعملية تنظيمها كما السلع، محدداً قيمتها وفقاً للعرض والطلب.
يمكن أن نشير بهذا الخصوص إلى قوانين العمل المرنة الصادرة مثل قانون العاملين الموحد، خاصةً مادته (137) المُستغلة لأبعد حد في تسريح العمال وفق صيغة مكافحة الفساد المالي والإداري، بينما الفساد الحقيقي لا يُكافح، وقانون العمل رقم 17 يحوي ما يكفي من المواد التي من خلالها يستمد أرباب العمل سيطرتهم وتحكمهم بالعمال، من حيث تحديد مستوى الأجور «العقد شريعة المتعاقدين» أو الالتزام بحقوق العمال الكثيرة التي لا يحصلون عليها، في مقدمتها حق التسجيل في التأمينات الاجتماعية على أساس أجورهم الحقيقية، بالإضافة إلى مجموعة من المراسيم المتعلقة بالتشغيل المؤقت والموسمي وعلى الفاتورة، وغيرها من التشريعات الأخرى التي تفتق عنها الذهن الحكومي وفقاً للعمل المرن المراد به التشغيل المؤقت وغير الدائم لقوة العمل التي تحتاجها المشاريع والشركات الإنتاجية في الزراعة والصناعة، حيث جرى ويجري الدفع بقوة العمل نحو ترك العمل والبحث عن مصادر أخرى في الداخل، وعلى الأغلب في الخارج، بأشكال عديدة بالرغم من حاجة الإنتاج الزراعي والصناعي لها، واستبدالها بعمالة أخرى بالطريقة نفسها إنْ تمكّنوا من ذلك، والشواهد على هذه كثيرة في السابق والوقت الحالي، ونحن في أزمة حقيقية تعصف بالبلاد، تحتاج إلى عمل حقيقي سياسي واقتصادي-اجتماعي يُخرج البلاد من أزمتها بأقلّ الخسائر والتكاليف التي يدفعها شعبنا السوري بأغلبيته الفقيرة، والعمل الحقيقي الذي نتحدث عنه في جزء منه هو الحفاظ على كرامات العمال، بتأمين العمل الدائم المكفول دستورياً وبأجور تحفظ لهم كراماتهم، وليس بإلقائهم على قارعة الطريق لتتحكم بمعيشتهم غربان السوق المتوحش على أساس قوانين السوق «المرنة» التي تقول إنّ لا عملَ دائماً، ولا تدخل حكومياً في آليات التشغيل لتخفيف وطأة الأزمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1180