بصراحة ... مداولات قبل الانتخابات النقابية
إذا قمنا بمتابعة واسعة لواقع الطبقة العاملة وما قُدِّمَ باسمها من مطالب خلال المؤتمرات النقابية التي عقدت في بداية هذا العام، وما قُدِّمَ من مذكّرات سطّرتها اجتماعات المجلس العام لنقابات العمال، نجد أن تلك المطالب لم يتغير من أمرها شيء، وفي مقدّمتها تحسين الوضع المعيشي للعمال الذي أصبح في أسوأ حالاته، حتى بعد الزيادة الأخيرة على الأجور، مع تردي الوضع الإنتاجي، الذي يتراجع تراجعاً خطيراً تكاد تفقد فيه الصناعة كلَّ مقوّمات استمرارها، ناهيك عن تطوّرها.
إن تلك المطالب ما زالت موجودة في أدراج النقابات والحكومة، ولم تأخذ طريقها نحو التحقُّق بالرغم من الأقاويل الكثيرة التي تدلي بها النقابات بأنّ الحكومة عازمة على تحقيق مطالبنا، وأنها متعاونة معنا إلى أبعد الحدود، وغيرها من جمل الإطراء والتبجيل لموقف الحكومة من مطالب العمال.
في حضرة الوضع المأساوي الذي تعيشه الطبقة العاملة وفي خضم تجربتها الطويلة مع العمل النقابي المجرد من عناصر قوته التي تمكنه من الرد على انتهاكات حقوق ومصالح الطبقة العاملة، في ظل كل هذا تجري في أروقة الحركة النقابية نقاشات ومداولات حول كيف ستكون عليه الانتخابات النقابية القادمة وما هي نوعية ومعدن الكوادر التي ستكون على رأس العمل النقابي القادم بكل مستوياته، أي بمختصر الكلام: كيف سيجري ترتيب العمل النقابي القادم حتى لا يخرج عن الخطوط المرسومة له، بعد أن أثبتت التجربة بهذا الخصوص في الدورة الحالية 27 نجاعة الإجراءات والتوجهات والتعليمات في كبح أي حالة اعتراض أو عدم رضى عن الواقع المعاش.
المتوقع كما هي كل الانتخابات التي جرت والتي ستجري أن يكون الوضع على ما هو، وليس هناك من دلائل أو مؤشرات تقول عكس ذلك؛ كأنْ تقول بأن يصير العمال هم أسياد قرارهم فيمن ينتخبونه ولا سلطان عليهم ينتزع منهم هذا القرار، الذي لو تم وفقاً لإرادتهم سيغير الكثير من الأمور بما يخص حقوق الطبقة العاملة في مجمل الأمور التنظيمية وفي القرار المستقل وفي الموقف المطلوب اتخاذه تبعاً للحالة التي يتطلب فيها اتخاذ موقف.
إن الحلول التي تَطرحُها الحكومة لتحسين واقع العمال المعيشي، ومجاراة النقابات لها في تلك الطروحات، لن تغير من واقع العمال شيئاً، ولكن يمكن القول: إن الحل الحقيقي الشامل لكل ما يعانيه شعبنا يقع في مكان آخر، وسيسعى نحو الحلول الحقيقية التي ستؤمن مصالحه الوطنية والسياسية والاقتصادية.
أي: سيسعى نحو انتزاع التوزيع العادل للدخل الوطني المختل توزيعه الآن لصالح قوى الفساد والاحتكار الكبرى، التي أظهر الواقع المُعاش النتائج الكارثية لهذا الاختلال، فقد تم إفقار الشعب السوري، ومنه الطبقة العاملة السورية، مما يتطلب بالضرورة أن تعي الطبقة العاملة مصالحها الحقيقية مستعيدةً أدواتها النضالية التي خسرتها، والتي تمكنها من انتزاع ما تم سحبه منها من حقوق على طريق تحقيق التغيير الجذري المطلوب لمصلحة أغلبية الشعب السوري المقهور.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1182