بصراحة ... الحكومة ومكاييلها تجاه الصناعيين والعمال
إذا انطلقنا من الأوضاع المعيشية الكارثية للطبقة العاملة، التي أنتجتها السياسات الاقتصادية الحكومية من جهة، وممارسات قوى المال الاحتكاري الفاسد من جهة أخرى، بالإضافة إلى سنوات الأزمة الوطنية الشاملة، تزداد الحاجة والضرورة لموقف عمّالي منظَّم وشامل وموضوعي للواقع المعاش بكل تفاصيله، ليرسم مسار الطبقة العاملة، من أجل أن يتوافق مع حجم القضايا المطلوب حلّها من وجهة مصالحها الأساسية، الاقتصادية والإنتاجية والحقوقية.
منذ أشهر والمداولات والاجتماعات جارية على قدم وساق بين الحكومة وممثلي التجار والصناعيين لبحث أوضاعهم، أي أوضاع منشآتهم من حيث تأمين متطلبات الإنتاج الأساسية، من مشتقات نفطية وكهرباء واستيراد المواد الأولية والسماح لهم بالتصدير وغيرها من القضايا ذات الصلة. وعقد الصناعيون الاجتماعات المطولة وحيدين ووجهوا الرسائل الكثيرة وقابلتها من الحكومة أيضاً رسائل تطمين، ولكن النتائج الحقيقية على الأرض هي لا شيء مما تعد به الحكومة لتدوير عجلة الإنتاج كما يرغب الصناعيون.
بالمقابل فإنّ الحركة النقابية والعمال بُحَّتْ أصوتهم في اجتماعاتهم وفي التقارير التي يقدّمونها ويرسلون نسخاً عنها إلى الحكومة، وهم يصرخون من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية، عبر رفع الأجور وأشياء أخرى تساعد في تحسين تلك الأوضاع، ولكن لا حياة لمن تنادي. وهذا يعكس إلى حد بعيد موازين القوى الفعلية وتأثيرها في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والنافذةُ فيها قراراتُهم (قراراتُ قوى الفساد والرأس مال الكبيرين). في الوقت نفسه فإنّ وزن العمال وحركتهم النقابية معدوم تقريباً، بينما قوى رأس المال وازنةٌ في تأثيرها على القرارات الضرورية التي تؤمّن مصالحَها؛ ومصالحُها بالتأكيد هي تحقيق أعلى نسبة ربح ومراكمة الثروة ومركزتها إلى الحد الأقصى ولو على حساب الملايين من الفقراء.
لقد شخّصت النقابات في تقاريرها الواقع المعيشي المزري الذي يعيشه العمال، وواقع المعامل والشركات من حيث عدم دعمها وتطوير خطوطها الإنتاجية وتأمين مستلزمات إنتاجها من مواد أولية وطاقة لتشغيل المعامل، وحدّدت في تقاريرها مسؤولية الحكومة عن واقع العمال والمعامل، ولكن هذا شرط غير كافٍ -مع أهميته- من أجل تجاوز الواقع الكارثي الذي نتحدّث عنه.
إن عدم قدرة النقابات على اتخاذ المواقف المطلوبة، وهي لن تفعل ذلك ضمن ظروفها وواقعها الحالي، سيجعل الطبقة العاملة تذهب باتجاه خياراتها التي قد تكون صعبة ومؤلمة ولو بعد حين، ولكنها صحيحة، ويمكن عبرها انتزاع حقوقها والدفاع عن مصالحها، بما فيها حقّها بالإضراب السّلمي الذي لا تعترف به النقابات، ولكن الدستور السوري يقرّه ويؤكّده ويحتاج مَن يُنزِلُه إلى الأرض.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1183