بصراحة ... العمال يطوّرون من أدواتهم في المواجهة مع الرأسمال

بصراحة ... العمال يطوّرون من أدواتهم في المواجهة مع الرأسمال

يتبين الصراع الآن ويتوضح أكثر بين رأس المال وقوة العمل في المعارك الطبقية الدائرة رحاها في الساحات الأوروبية، من أجل كسر حالة الاستغلال التي يمارسها رأس المال، على طريق إزالته في حال توفرت الظروف والعوامل المواتية لعملية الإزالة تلك، وأهمها وجود قوى ثورية قادرة على رؤية المتغيرات الجارية في ميزان القوى على كل الأصعدة، وبالتالي وضع برامجها على أساس تفسير صحيح للواقع من أجل تغييره.

إنّ الفضاء السياسي القديم ما زال موجوداً وهو بحالة ضعف لا حول ولا قوة له، لا يملك قدرة التفسير الصحيح للتغيير الحاصل في موازين القوى، وكذلك لطبيعة المعارك مع رأس المال من أجل عملية التغيير التي تنشدها الطبقة العاملة والشعوب التي نهبها رأس المال طوال العقود السابقة، وما زال يحاول النهب وإنْ ضاقت به السبل الآن، على خلاف ما كان عليه في السابق في التحكم والسيطرة والهيمنة على قوّة العمل، كيلا يفلت زمام أمرها من بين يدي أصحاب العمل، ويصبح التحكّم بمنتوجها صعباً. يعني هذا قدرة رأس المال على تحقيق أعلى نسبة ربح، أيْ أعلى نسبة استغلال، ومن أجل ذلك تصيغ الطبقة المسيطرة القوانين الضرورية لعملية السيطرة والتحكم، مدعومة بقوّة القمع وبجهاز نقابيٍّ يدجَّن حسبَ مصالحها -إن أمكنها ذلك- لتعزيز السيطرة التي تؤمّن مصالح رأس المال، ولا بأس مِن فتاتٍ ينثر هنا وهناك لتغطية عملية الاستغلال، حيث يجري التلاعب بوعي العمال، وهذا ما يحاول عمله أصحاب الشركات الكبرى في الغرب.
في بلادنا يتصرّف أرباب العمل والحكومة بطرق مشابهة لتصرّف تلك الشركات: مِنَحٌ لمرّة واحده، وزيادة في تكاليف المعيشة، ومكافآت هزيلة...إلخ.
النتائج المستخلصة من هذه الوقائع هي أنّ ربّ العمل يستحوذ على الربح الذي يريده من عمل العمال، ويقدم لهم رشىً ليضمن عدم تحرّكهم دفاعاً عن مصالحهم وحقوقهم، وأيضاً بهذا الفعل الذي يقوم به رب العمل يبقي وعيَ العمال بمصالحهم -إنْ تمكَّنَ من الاستمرار بتقديم الرشا- مغيَّباً، وتحرّكاتِهم مرهونةً بما يقدمه لهم. وهناك تجارب عمالية يمكن الرجوع إليها، حدثت في المراكز الإمبريالية والأطراف، حيث ساد الرفاه الاجتماعي، وقدمت للحركة العمالية والحركة النقابية الرشاوى المادية والمعنوية. ولكن هذا الأمر لم يستمر مع تسيّد الليبرالية الاقتصادية في منتصف السبعينيّات، حيث بدأ الهجوم على مكاسب العمال وحقوقهم، واليوم مع الارتفاع الكبير للأسعار، أصبح وضع العمال في أسوأ حالاته، ومستوى معيشتهم في الحضيض، حيث تشهد المراكز والأطراف الرأسمالية تحركات عمالية واسعة، ويعيد العمال تنظيم أنفسهم بنقابات جديدة لم تكن سائدة في مراحل سابقة من تطور الصراع بين العمال وأرباب العمل ومن ورائهم الحكومات وأجهزتها القمعية.
أصبح العمال اليوم هم من يقرّرون كيف ومتى وما الطريقة المجدية، وذلك عبر التصويت على أيّ تحرك لهم في اجتماع علنيّ يسمَّى «الهيئة العامّة» حيث هي بمثابة «أركان حرب» لشكل وزمن المواجهة، ويضعون في هذا الاجتماع كل الاحتمالات التي تفرضها المعركة في التقدّم أو التراجع، متخطّين بهذا الفعل النقابات الصفراء السابقة، ومتجاوزين تجاربها وسلوكها السابق المهادِن لقوى رأس المال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1178