بصراحة ... الهيئات العامة بمثابة برلمان عمالي للدفاع عن المصالح

بصراحة ... الهيئات العامة بمثابة برلمان عمالي للدفاع عن المصالح

المنحنى البياني للوضع المعيشي يسير باتجاه المنحدر بتسارع عجيب بسبب ارتفاعات الأسعار اليومية التي تزيد من معاناة الفقراء، وتجعل حصولهم على الحد الأدنى مما يحتاجون من غذاء ونقل ودواء وغيرها من الحاجات التي لا يمكن الاستغناء عنها بحكم الصعب جداً جداً، وعلى حساب الكثير من المتطلبات الضرورية التي يجري الاستغناء عنها كلياً أو جزئياً.

هذه القضايا وغيرها هي موضوع نقاشٍ وأخذٍ وردٍّ بين بعض كوادر الحركة النقابية، وتجري بين الجدران المغلقة للمكاتب، حيث يجري طرحها مشيرين إلى مسبباتها وكيفية الخروج منها بما يحسّن من الوضع المعيشي للعمال. البعض يقترح شكلاً من أشكال الاحتجاج على ما يجري بحق العمال والفقراء عموماً، وذلك بأن يتم التجمع أمام رئاسة مجلس الوزراء مع مرافقة إعلامية تغطّي ما يطالبون به الوزارة، والبعض الآخر يطرح الفكرة نفسها، ولكن بأن يكون التجمع أمام قيادة الجبهة الوطنية أيضاً للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي للعمال، والبعض الآخر لا يستسيغ فكرة التجمّع أو الاعتصام ومردُّ ذلك حالة الحرب التي تعيشها البلاد كما قال والأوضاع التي لا تسمح بهذا الشكل من العمل.
مِن المؤكد أنَّ هذه النقاشات التي تجري في قليل من قمّة الهرم النقابي تجري أيضاً في قاعدته، وقد تكون أعمق بسبب الاحتكاك الأكثر لتلك القاعدة بالعمّال وتعرضهم للضغوط المتواصلة من العمال احتجاجاً على ما يجري بحقهم من استلاب ونهب في كلا القطاعين العام والخاص، وإنْ كان التركيز أعلى بحقّ عمّال القطاع الخاص الذين يفتقدون للحماية القانونية والتنظيمية ويحكمهم «العقد شريعة المتعاقدين» أيْ يقال للعامل: «ما عجبك هاد الشغل وهاد الأجر الباب بيفوت جمل».
هذه النقاشات والحوارات الجارية تعطي مؤشراً مهمّاً عن المزاج العام السائد وكذلك عمّا وصلت إليه أوضاع العمال حتى وصل «البلُّ إلى ذقن» تلك الكوادر التي تعبر عن معاناتها، وبدأت ترفع صوتها، وإنْ كان الصوت خافتاً وضعيفاً، ولكن قد يؤسِّس لمرحلة أخرى تفرض رفع الصوت عالياً من قاعدة الهرم إلى رأسه، لأنّ الواقع سيفرض ذلك، والضغوط المعيشية التي يعيشها العمال ستدفع الطبقة العاملة للدفاع عن لقمتها وكلمتها أيضاً.
إنّ التواصل ما بين النقابات والعمال وإشراك الآخرين في حوارٍ مفتوح عبر عقد اجتماعات للهيئات العامّة في المعامل والشركات، للوصول إلى توافقات مع العمال حول السبل الكفيلة والمجدية لتحسين أوضاعهم المعيشية، عبر ربط أجورهم بسلَّم متحرك مع ارتفاع الأسعار - إنّ هذا العمل لو كُتِبَ له أنْ يتحقّق سيؤسِّس لمرحلةٍ مهمّة وأرضيّة صلبة تستند عليها الحركة النقابية إنْ توفّرت الإرادة الكفاحية في مواجهة ما يحصل بحقّ العمال، ويُخرِجُ الحركة وحواراتها من حالة الهمس داخل الغرف إلى الفضاء الرحب والواسع؛ إلى الطبقة العاملة، حيث هناك تجارب ووقائع تجري على أرض غيرنا «أوروبا» تكون فيها الهيئات العامة للمصانع والتجمعات العمالية مركزاً قوياً في اتخاذ القرارات اللازمة والشكل المفترض اتباعه في مواجهة قوى رأس المال المتوحّش. ويبدو أن هذه الهيئات العامة المقرّرة قد أثبتت فاعليتها في عدّة أمور وأهمّها أنَّ لا قرارَ ولا موقفَ خارجَ إرادة العمّال في انتزاع حقوقهم والدفاع عن مصالحهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1179