رمزي السالم
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
أثار توقيت قرار ترامب الاستفزازي بشأن القدس المحتلة، العديد من الأسئلة، وأولها: ما الذي دفع صاحب القرار الأمريكي، إلى الاقدام على هذه الخطوة الاستعراضية، في توقيت تجمع فيها جميع النخب، الفكرية والسياسية الأمريكية، والغربية والعالمية على التراجع الأمريكي، أي: أن القرار لا يتسق مع واقع حال الدور الأمريكي المتراجع، لاسيما وأنه يتعلق بساحة وقضية حساسة، يمكن ببساطة توقع ردود الأفعال عليها.
إن توق شعوب المنطقة جميعاً، إلى الخلاص من الديكتاتوريات والتبعية، والنهب، والحروب، والارهاب، والنزوح الجماعي، والقلق الوجودي الذي تمر به تشكل اليوم الأرضية الموضوعية، لوحدة نضال هذه الشعوب، مضافاً الى المشتركات التي فرضها التطور التاريخي خلال الألف سنة الأخيرة على الأقل.
تعددت ردود الأفعال الدولية والإقليمية على الاستفتاء الكردي، وبغض النظر عما تخبئه الأيام القليلة المتبقية لإجراء «مالئ الدنيا وشاغل الناس» تأجيلاً أو إجراءً، فإن ما كشفت عنه المواقف الإقليمية، والدولية، هو: أن أكثر المواقف تشنجاً من عملية الاستفتاء، كان الموقف التركي، الذي وصل إلى حد التلميح والتلويح بالتدخل العسكري المباشر.
بعد أن أوشك قطار العملية السياسية على الانطلاق، عاد إلى التداول مجدداً مفهوم التدخل الخارجي والموقف منه، وبمتابعة بسيطة يتبين بأن متشددي الطرفين، يحاولون إخضاع هذه الفكرة وتفسيرها وفق أجندتهم السياسية، ومشروعهم في التعاطي مع ظروف الأزمة، لدرجة أنه بات «حمّال أوجه»، وينطوي على أكثر من معنى، حيث يرى البعض حتى في القرار الدولي 2254 شكلاً من أشكال التدخل الخارجي، ويفسر السعي إلى استئناف مفاوضات جنيف قبولاً بهذا التدخل...!
ربما يكون السؤال عن حصرية القرار 2254 كإطار لحل الأزمة سؤالاً مشروعاً من الناحية الشكلية، فهو قرار دولي، وتجربة شعوب العالم، ومنها الشعب السوري تجربة سيئة مع القرارات الدولية، لأنها كانت غالباً عبارة عن توافقات دولية تصدر في الغرف المغلقة دون رأي أصحاب الشأن، أو أنها تصدر ولا تنفذ.. ولكن، وبالعمق، هل هذا الموقف من القرار ضمن شروطه الخاصة ومحتواه، موقف مشروع؟ وإذا كان الجواب بـ لا، فأين تكمن خصوصيته؟
بعد إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية، ونجاح دونالد ترامب غير المتوقع أمام منافسته هيلاري كلينتون، صرح الرئيس المنتهي ولايته باراك أوباما، بالقول، أتمنى أن تجري عملية «انتقال سلمي للسلطة».. و «الحفاظ على وحدة الولايات المتحدة» تصريح أوباما بكل ما ينطوي عليه من معنى، مرت عليه وسائل الإعلام مرور الكرام على غير عادتها، ولم يعر هذا التصريح الخطير، انتباه أحد، إلا من رحم ربي، الذي يكشف الله لهم السر في الملمات، والنائبات؟!
أخذ الوضع في العديد من الملفات الدولية، اتجاهاً تصعيدياً من طرف الولايات المتحدة، وتجلى هذا التصعيد بالدرجة الأساسية على المسار العسكري، بالترافق مع زوبعة إعلامية عن عودة السيادة الأمريكية على القرار الدولي.
أن يتهم رئيس دولة، ومن قبل بعض أركان دولته، ومن وسائل إعلام كانت وما زالت من الناحية العملية لسان حال الدولة، أمر يدعو الى وضع اشارات استفهام عديدة، وإشغال العقل، وفهم أبعاد العملية بعيداً عن القراءات التقليدية، أو الاقتصار على إيعاز الظاهرة الى المكياج الديمقراطي الأمريكي.
تشير آخر الأرقام عن الوضع في تركيا: إلى أن الليرة خسرت ما يقارب 50% من قيمتها، بينما تراجع الدخل السياحي بحوالي 30 %، وانخفضت نسبة النمو من 7 % الى 2.9 %، وانسحبت حوالي 50 % من الاستثمارات الخارجية، بسبب عدم الاستقرار، وفي حين بلغت معدلات البطالة حوالي12 %، وبين الشباب إلى أكثر من 25%.
ربما يكون السوري محقاً، بأنْ لا يأبه بقراءة الكثير من التحليلات، المتعلقة بالألاعيب، التي تجري بين الكبار، في أروقة السياسة الدولية، بعد سيل الأكاذيب التي فُرضت عليه، وبعد كل هذا الدّم المراق في الصراع، ولكن هذا الدّم ذاته، يفرض على «صاحب الدّم» أن يسأل عما يجري في بعض «مواخير» صنع القرار الغربي، ولماذا لا تكف طاحونة الدم عن الدوران؟ وكيف أن خلافاً بين وزيرين أمريكيين، بات سبباً في إجهاض اتفاق يمكن أن يمنع إزهاق أرواح آلاف الضحايا؟