الاستفتاء الكردي والتهديدات التركية

الاستفتاء الكردي والتهديدات التركية

تعددت ردود الأفعال الدولية والإقليمية على الاستفتاء الكردي، وبغض النظر عما تخبئه الأيام القليلة المتبقية لإجراء «مالئ الدنيا وشاغل الناس» تأجيلاً أو إجراءً، فإن ما كشفت عنه المواقف الإقليمية، والدولية، هو: أن أكثر المواقف تشنجاً من عملية الاستفتاء، كان الموقف التركي، الذي وصل إلى حد التلميح والتلويح بالتدخل العسكري المباشر.




تتجلى المفارقة بشكلها الصارخ في الموقف التركي، بأن عموم التجربة الكردية العراقية ومنذ عام 1990 تمت برعاية تركية، وليس أدل على ذلك أكثر من وجود قوات عسكرية تركية حتى اللحظة في الإقليم، وبموافقة ومباركة من قيادة الإقليم نفسها، ناهيك عن حجم التبادل التجاري بينه وبين تركيا، والذي يعني: أن التفريط به، تفريط بأهم مقومات استمرار التجربة، باعتبار أن تركيا هي البوابة الأساسية للتواصل مع العالم الخارجي.
لا للتدخل التركي
بغض النظر عن الموقف من الاستفتاء، من حيث التوقيت، والمرامي، فإن أي تدخل عسكري من الطرف التركي، مرفوض جملة وتفصيلاً، كونه سيؤدي إلى المزيد من التعقيد في الوضع الإقليمي من جهة، وباعتباره تدخلاً في شؤون دول الجوار، واعتداء على شعب يعيش على أرضه التاريخية، فإذا كان الاستفتاء مرفوضاً من حيث التوقيت والمرامي، فإن أي تدخل عسكري تركي هو الآخر محل إدانة.
 الحل الوحيد
لم تكن القضية الكردية في أية دولة من الدول الأربعة، قضية داخلية بالمعنى التقليدي، وتلكم من خصائص هذه القضية منذ أن رسم سايكس وبيكو خرائط المنطقة، وبالتالي فإن حلها لن يكون حلاً حقيقياً، إلا عندما يكون في إطار حل شامل وإستراتيجي، يأخذ مصالح البلدان والشعوب بعين الاعتبار، وعندما نقول مصالح البلدان والشعوب لانقصد بالتأكيد، مشروع النخب السياسية التي تتسيد المشهد اليوم، لا كردياً ولا عربياً ولا تركياً ولا إيرانياً، بل نعني الخروج من الإحداثيات التقليدية المهيمنة، التي أخضعت المشهد الإقليمي منذ الحرب العالمية الثانية للتجاذب القومي، ليصبح ضحيتها عموم شعوب المنطقة، ولا نبالغ بالقول: أن التوتر الإقليمي واحتمالات تفاقمه، إنما يعود في جانب منه إلى عدم حل القضية الكردية حلا ديمقراطياً عادلاً، وإن أي حل انفرادي لا يعني حل القضية، بل يعني تغيير اتجاهاتها فقط، لتؤدي إلى النتيجة نفسها، وهي: إنهاك دول وشعوب المنطقة كلها، ودفعها إلى دوامة أزمات جديدة.  

معلومات إضافية

العدد رقم:
829