العصافير المقليّة
لم أكن قد تجاوزتُ العاشرة من عمري عندما غادرتُ مدينتي وزرْتُ الضيعة لأوّل مرة في حرب حزيران عام 1967 برفقة والدي، الذي سرعان ما تركني وعاد بذات سيارة «البوسطة» التي أقلّتنا. فطبيعة عمله لا تسمح له بالغياب زمناً طويلاً. استقبلني جدّي وجدّتي بمنتهى الحفاوة. وخلال دقائق بدأتُ أتفقّد محتويات البيت الطّيني ومعالمه بانبهارٍ وحماس، وأنا أسألهما عن الأغراض والأدوات والأثاث الغريب عنّي بأشكاله وأسمائه. مبتسماً بانشداه لإجاباتهما، محاولاً عبثاً حفظها، وكأنّي أتعلّم لغة أجنبية دون تمهيدٍ أبجديّ!