انتهى شهر «الخير» الذي ارتفعت خلاله معدلات الاستغلال لأبعد الحدود، وقد كان اللافت خلال هذا الشهر هو حال الاستقرار النسبي لسعر الصرف، الرسمي والموازي، وبدا واضحاً حجم التحكم الكبير في سوق صرف العملات، لاستقطاب الكم الأكبر من الحوالات الدولارية القادمة من الخارج بمناسبة شهر رمضان والعيد، تنافساً بين الرسمي والموازي!
عدل مصرف سورية المركزي بتاريخ 1/10/2023 سعر صرف الليرة مقابل الدولار في نشرة الحوالات والصرافة، بحيث أصبح 11500 ليرة، وكذلك سعر الصرف في نشرة السوق الرسمية، بحيث أصبح السعر الوسطي فيها 11557 ليرة مقابل الدولار الواحد!
وصل سعر صرف الليرة السورية أمام العملة الأمريكية صباح الثلاثاء 18 تموز 2023 إلى 9900 ليرة سورية لكل «أخضر» بحسب نشرة الحوالات والصرافة التي يصدرها مصرف سورية المركزي، وذلك للقفزة الخامسة خلال أقل من 10 أيام، حيث كان السعر في 9 تموز الجاري 8500 ل/د، ما يعني خسارتها أكثر من 16% من قيمتها أمام الدولار خلال الفترة المذكورة وفق النشرة المشار إليها.
العتبات السعرية التي تجاوزها المصرف المركزي تباعاً بسعر صرف الليرة مقابل الدولار مؤخراً، وبهوامش زمنية ضئيلة بين العتبة والأخرى، وصولاً إلى سعر 9500 ليرة مقابل الدولار بتاريخ 16/7/2023، تُظهر وكأن العملية (التحكم بسعر الصرف) مدارة من قبله وهو الفاعل فيها، بينما واقع الحال يؤكد أن السوق الموازي هو الفاعل الرئيسي بهذه العملية، والمركزي منفعل ويعمل بردود الفعل التي تحقق المزيد من المكاسب للمتحكمين بالسوق الموازي ليس إلا!
عدل المصرف المركزي في بداية العام بتاريخ 2/1/2023، وقبل اعتماد النشرة الخاصة بالحوالات والصرافة، سعر صرف الدولار مقابل الليرة، بحيث أصبح 4522 ليرة مقابل كل دولار واحد، بعد أن كان 3015 ليرة، أي بنسبة زيادة قدرها 50% دفعة واحدة في حينها.
تم تعديل سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بموجب نشرة المصرف المركزي الخاصة بالمصارف بتاريخ 2/4/2023 بحيث أصبح 6532 ليرة بعد أن كان 4522 ليرة، بزيادة وقدرها 2010 ليرات لكل دولار، أي بنسبة تخفيض على قيمة الليرة بموجب هذه النشرة تبلغ 44,44% رسمياً.
نشر مصرف سورية المركزي خبراً رسمياً صباح اليوم الأربعاء 15 شباط، حول قراره اعتماده «نشرة المصارف» بدلاً من «نشرة البدلات» وإلغاء هذه الأخيرة، قائلاً بأن هدفه من ذلك «تقليص عدد نشرات أسعار الصرف الصادرة عنه وسعيه الدائم لتوحيد أسعار الصرف».
أصدر مصرف سورية المركزي خلال الأسبوع الماضي قرارات وتعاميم وأخباراً صحفية عدة متلاحقة، تضمنت فيما تضمنته اعترافاً غير مباشر بخطأ بعض القرارات والتوجهات المتخذة سابقاً من قبله (وفقاً للتوجهات الحكومية وبما يتوافق مع السياسات الاقتصادية المطبقة طبعاً)، واعترافاً مباشراً بسعر التداول «المحدد وفق العرض والطلب بسوق القطع غير الرسمي»، الذي قيل عنه سابقاً بأنه سعر «وهمي»!
يبدو المصرف المركزي- بإجراءاته وقراراته- يتصدر منفرداً المشهد الاقتصادي في البلاد، وكأنه بعزلة عن السياسات الاقتصادية العامة المطبقة، وتبدو الحكومة من خلفه، وبما تمثله سياساتها من مصالح طبقية- وفقاً لهذا الشكل من تصدر المركزي للمشهد الاقتصادي- وكأنها بأحسن حال، ما يتيح لها تهربها من النتائج الكارثية لسياساتها الاقتصادية، مع استمرار تكريسها لهذه السياسات، مع تحللها من مسؤولياتها حيالها!
تعبيراً عن عجز الحكومة عن ممارسة دورها ومهامها، وتلميحاً منه على اعتراف الحكومة- سواء بشكل رسمي أو مواربة- بسعر الصرف بالسوق السوداء، أدلى رئيس جمعية الصاغة عبر إذاعة أرابيسك تصريحه الأول من نوعه كما يلي: نقوم بتسعير الذهب على دولار يساوي 5560 ليرة، وهو ما نعتبره سعراً وسطياً بين المركزي والسوق غير النظامية، وذلك لضمان عدم انخفاض سعره عن الدول المجاورة، وبالتالي تهريبه إلى الخارج، علماً أننا لا نملك تصريحاً بذلك من أية جهة، فالعمل جار بهذه الآلية منذ تأسيس الجمعية حفاظاَ على مخزون البلد من الذهب.
