هي حال الدنيا... يذهب مناضل فيأتي آخر؛ مات سيد درويش وعاد سعد زغلول محمولاً على الأكتاف، عاد جورج عبدالله ومات زياد الرحباني؛ مات أو رحل أو ترجّل، في النهاية كل المفردات تحيل إلى الموت وإلى وقعه القاسي والصادم، وليس كما أي موت، موتٌ لا يشبه أي موت؛ فقد انطفأت شعلة من العبقرية، أو ربما في حالة هذا الرجل الأكثر من فنان لم تنطفئ، فهو فقط غادرنا، غادر هذا العالم ويا لحزن العالم ويا لشحوبه، فهذه الروح المدهشة الثائرة الساخرة الصادقة كانت لتملأه موسيقى، و»إيفيهات» سياسية واجتماعية عابرة للأوطان والأزمان لا تزال تتردد جيلاً فجيل، ومسرح رائد في نوعه ومضمونه وكلمات شفافة تلج أعماق الروح حتى تلمس الجوهر، إنه الطفرة، الاستثناء، صاحب النبوءة والعراف، عبقرية صرفة كان من محاسن الزمان والأقدار أننا عشنا زمنه... زمن زياد.