لم يكن الشيخ حمدان يتخيل أن حياته ستتحول في يوم من الأيام إلى جحيم لا يطاق، وأن يصل إلى هذه الحالة الصعبة من الفقر الشديد، وتهان كرامته أمام أولاده وأحفاده، وهو الآمر الناهي في قرية تبعد عن العاصمة مئات الكيلومترات. وكم كانت زوجته الحاجَة أم أحمد تتمنى الموت قبل أن ترى شيخ العشيرة ومصلحها الاجتماعي واقفاً على قارعة الطريق تحت أشعة الشمس الحارقة، والعرق يتصبب منه، بانتظار من يشغَّله عدة ساعات ليؤمن ثمن الخبز والبندورة في زمن ليس زمنه، وهو الذي عرف فيما مضى بكرمه وضيافته للغريب قبل القريب، عندما كانت محافظة الحسكة بمثابة البقرة الحلوب للوطن في كل المواسم، لما اشتهرت به من تنوع في منتجاتها الإستراتيجية الأهم محلياً وعربياً.
نعم، محافظة الذهب الأبيض والأسود والأحمر قد تحولت إلى منطقة جرداء بفعل السياسات الاقتصادية التي انتهجها الفريق الاقتصادي والحكومة طيلة السنوات الخمس الماضية، تارة تحت حجة الجفاف والانحباس الحراري، وتارة أخرى بحجة الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم أجمع.