سورية: جولة جديدة من مباحثات «أستانا» في نهاية الشهر الجاري stars
أعلنت الخارجية الكازاخستانية عن جولة جديدة من المحادثات بشأن سورية ستعقد في أستانا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري (2022).
أعلنت الخارجية الكازاخستانية عن جولة جديدة من المحادثات بشأن سورية ستعقد في أستانا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري (2022).
اتصل بي منذ بضعة أيام أحد الأصدقاء ممن يتابعون قاسيون بشكلٍ مستمر، ليناقش معي ما قالته افتتاحية العدد الماضي رقم 1094، والتي كانت بعنوان «الحركة الشعبية تصعد والنخب تنحط».
انتهت منذ أيامٍ القمة العربية الحادية والثلاثون في الجزائر، وحمل بيانها الختامي إشاراتٍ مهمةٍ في مجموعة من القضايا الدولية والعربية، ابتداءً من مواصلة موقف الحياد (الإيجابي عملياً) في مسألة أوكرانيا، ومروراً بالعودة إلى المواقف الرسمية المعتادة بما يخص القضية الفلسطينية، والتي يمكن أن يُفهم من عودتها ليس فقط التأثير الجزائري البارز والذي لا شك في أهميته، بل وأيضاً رغبة مجموعة من الدول العربية، بما فيها تلك التي انحدرت إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني مؤخراً، بإبقاء الباب موارباً بحيث تتمكن من الهروب من عواقب التطبيع في عالمٍ يتغير بسرعة ضد المصالح الغربية والصهيونية... ووصولاً إلى ما قالته القمة حول الوضع السوري، والذي يشكّل خطوة جيدة إلى الأمام في التعامل الموضوعي مع الأزمة السورية من باب حلّها سياسياً وعبر القرار 2254، وليس عبر التدخلات الخارجية كما كان الأمر في مواقف سابقة للجامعة، خلال ما يقرب من ثماني سنوات من عمر الأزمة بين 2012 و2019.
عاد موضوع اللاجئين السوريين إلى واجهة الحديث خلال الأسبوع الماضي، وهذه المرة من بوابة اللاجئين السوريين في لبنان، والتركيز الإعلامي اللبناني والسوري على عودة أعداد منهم إلى سورية. وكما هو معتاد من المتشددين في الأطراف السورية، تم استغلال هذا الموضوع كأداة للمبارزات الإعلامية، عدا عن محاولة تسييس الملف بطريقة تكرّس الوضع القائم، والذي يستفيد منه متشددو الطرفين في وضع عراقيل إضافية تحول دون إحراز تقدم باتجاه الوصول إلى حل سياسي شامل، والذي يتطلب العمل على توفير الشروط اللازمة ليس للمضي قدماً في الحل السياسي فحسب، بل ولوقف النزيف السوري، والذي يشكل موضوع هجرة السوريين خارج بلادهم أحد تجلياته. ما يعني: أن ملف اللاجئين السوريين اليوم لا يمكن التعامل معه على أنه فقط ملف إنساني أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو أمني، بل هو كل ذلك، وفوقه فإنه ملف وجودي مرتبط باستمرار البلاد ووحدتها.
«هذا الانفجار ليس سورياً بحتاً وليس عربياً بحتاً؛ الجماهير في كل العالم استفاقت ونزلت إلى الشارع، نحن إذا كنا جادين وأردنا أن نتعامل مع الوقائع كما هي، فيجب أن نفهم أن الشعوب استفاقت ونزلت إلى الشارع، وهذه الحركة مستمرة لعقود قادمة..».
يعيش الشمال الغربي السوري حالة اضطرابٍ أمني وعسكري عالية المستوى منذ بضعة أسابيع، خاصةً مع الاجتياحات التي نفذها تنظيم النصرة الإرهابي مؤخراً. وهذا لا يعني أنّ الأوضاع كانت مستقرة قبل ذلك، بل هي دائماً متوترة، وإنْ اختلفت حدة ذلك التوتر من وقت لآخر.
رغم التحسن الطفيف لسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار خلال اليومين الماضيين، إلا أنّ الميل العام ما يزال ثابتاً نحو مزيد من التدهور، طالما استمرت السياسات نفسها، وطالما استمر على وجه الخصوص دور الدولار ضمن الاقتصاد السوري.
بعد ثبات نسبيٍ لسعر صرف الليرة السورية لعدة أشهر، بدأ هذا السعر بالانحدار خلال الأسابيع القليلة الماضية ليلامس عتبة 5000 ليرة للدولار الواحد.
يمكن القول إنّ خطاب بوتين الأخير يوم الجمعة الماضي، 30 أيلول، والذي ألقاه ضمن مراسم الاعتراف بمناطق دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون، مناطق روسية، يمثّل نقطة انعطافٍ في المعركة العالمية الدائرة بين نظامٍ عالمي قديمٍ يتهاوى، وبين نظام عالمي جديدٍ هو في طور التشكل؛ فمع الاعتراف بانضمام هذه المناطق، وربما أهم من ذلك، مع الاتجاهات التي حددها هذا الخطاب، فإنّ أي «أملٍ» بعقد أي نوع من الصفقات التي يمكنها الحفاظ على الهيمنة الأمريكية، قد تبخر إلى غير رجعة... وهذا يصب في المحصلة في مصلحة التقدم البشري، الذي لم يعد ممكناً باستمرار الهيمنة الأمريكية، ونظامها أحادي القطب، الذي يتخذ من التبادل اللامتكافئ/ الاستعمار الجديد، ومن الدولار، أدواتٍ أساسية في نهب وإفقار وتخريب الكوكب بأسره.
ليس أول قواربنا الغارقة، وإنْ استمر الحال على ما هو عليه فلن يكون الأخير؛ فالقارب الغارق هو تكثيفٌ للموت اليومي الذي يعيشه السوريون على أرضهم.