تصعد قوات الاحتلال الإسرائيلية الأوضاع في المناطق الفلسطينية، وتدفعها نحو الانفجار الشامل في محاولة يائسة منها، لكسر إرادة الشعب الفلسطيني والقضاء على كل آماله في طرد قوى الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة جميع اللاجئين إلى وطنهم وديارهم.
مخطط.. لن يكتب له النجاح
وضمن هذا المخطط الذي لن يكتب له النجاح، نفذت إسرائيل مجزرتين دمويتين: الأولى، قيامها باغتيال ستة من عناصر «فتح» بغزة والثانية، نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عملية إعدام جماعي، حين قصفت مبنى سكنياً في نابلس بالضفة الغربية يضم مكتباً إعلامياً لحركة «حماس» أسفر عن استشهاد ثمانية أشخاص، من بينهم ستة من قيادي الحركة وكوادرها وطفلان، بالإضافة إلى سقوط 15 جريحاً وبذلك يكون عدد الشهداء قد وصل إلى 14 شهيداً خلال يومين.
سياسة الاغتيالات
إلى جانب ذلك تتابع إسرائيل سياسة الاغتيالات المتنوعة الأشكال ضد الكوادر الفلسطينية النشيطة والصلبة في مواقفها ووطنيتها، وخاصة ضد أفراد «القوة 17» التابعة لـ «فتح» وقد قامت يوم 4 آب الجاري بإطلاق ثلاثة صواريخ من مروحية، على أحد أحياء مدينة البيرة في الضفة الغربية، لكنها منيت بالإخفاق، إذ نجا منها أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية «مروان البرغوثي» في حين أصيب أحد مسؤولي «القوة 17» مهند أبو حلاوة إصابة غير خطرة.
واشنطن.. تبرر الاغتيالات
ورأت مصادر فلسطينية أن محاولة الاغتيال الفاشلة كانت ترجمة عملية لقيام نائب الرئيس الأمريكي «ديك تشيني» بتبرير الاغتيالات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية ضد قادة الحركة الوطنية الفلسطينية.
قائمة المئة!!
وقد هددت الحكومة الإسرائيلية، ليس باستمرار سياسة الاغتيالات فحسب، بل هددت أيضاً برفع وتيرتها ومستوى القيادات المستهدفة في هذه العمليات الإجرامية، ومن أجل ذلك وضعت قائمة بأسماء 100 شخصية قيادية فلسطينية لتنفيذ اغتيالهم، في محاولة لترويع القيادة الفلسطينية والحيلولة دون وقوع عمليات انتقامية رداً على العملية الإجرامية التي جرت في نابلس.
نضال الشعب الفلسطيني لن يتوقف..
ومع كل أعمال الاغتيال التي جرت والتي ستجري، فإن نضال الشعب الفلسطيني لن يتوقف ولن ترهبه التهديدات، وقد رد بالفعل عليها، فبعد
أقل من 24 ساعة على محاولة اغتيال أحد نشطاء الانتفاضة مهند أبو حلاوة، وبعد 5 أيام على تهديدات حركتي الجهاد الإسلامي وحماس بالانتقام القاسي والعنيف على مجزرة نابلس، قام شاب فلسطيني مسلح برشاش من طراز «إم 16» الأمريكي بإطلاق النار على جنود يحرسون قيادة هيئة الأركان ووزارة الدفاع الإسرائيلية، فأصيب 10 أشخاص بجروح بينهم 8 جنود ومدنيان كما أصيب علي الجولاني منفذ العملية البطولية بجروح بليغة.
اعتقال المتعاونين مع العدو
وأعلن مسؤول فلسطيني رفيع أن أجهزة الأمن الفلسطينية اعتقلت نحو 60 شخصاً من العملاء المشتبه بتعاونهم مع إسرائيل في جنين، ومخيم جنين للاجئين، كما تم إيقاف سيدة شابة رفضت فتح حقيبتها للتفتيش، وتبين أنها تحوي متفجرات وحاولت الفرار.
الخوف الإسرائيلي.. والنضال الفلسطيني
إن استمرار انتفاضة القدس منذ عشرة أشهر تثير الحنق والغضب والرعب في قلوب الإسرائيليين وحكامهم، ولذلك يريد شارون مجرم صبرا وشاتيلا إضفاء المخاوف بإهراق الدم الفلسطيني، غير أن الوقائع التي لا تدحض تؤكد أن الشعب الفلسطيني، كلما ازدادت ضحاياه، ازداد تصميمه بشكل أقوى على متابعة النضال، مهما طال الزمن ومهما بلغت التضحيات، وقد تحولت جنازة شهداء غزة ونابلس إلى مظاهرات شعبية غاضبة، شارك فيها أكثر من 150 ألف فلسطيني تعبيراً عن الغضب المقدس على الجرائم الصهيونية التي فاقت الجرائم النازية، حيث يهرق الدم الفلسطيني وسط أجواء الصمت العربي الرسمي والتواطؤ الدولي.
القاتل والقتيل
وقد دعا الرئيس الأمريكي بوش الإسرائيليين والفلسطينيين إلى «كسر حلقة العنف» أي أنه ساوى بين القاتل والقتيل، بين المجرم والضحية وهذا منتهى الصفاقة، ولحقت بريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوروبية، بواشنطن وأعلنتا عن «شجب العنف» أما من المسؤول عن العنف والقتل وسفك الدماء فهذا علمه عندهم.
تظاهرات...
وقد عمت المظاهرات الشعبية مختلف البلدان العربية، فالشعب السوري يتصاعد نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي ويصر على استرداد أراضيه المحتلة في الجولان كاملة دون التفريط بذرة تراب واحدة، كما أنه تجري حالياً حملة شعبية لجمع التبرعات للشعب الفلسطيني الشقيق دعماً لنضاله، كما جرت بدمشق مظاهرة شعبية في المخيم احتجاجاً على الأعمال العدوانية الإسرائيلية، وكان قبل ذلك بفترة غير بعيدة قد قام عدد كبير من الشباب بالتجمع أمام مجلس الشعب، ورفعوا لافتات تندد بالعدوان الإسرائيلي على القوات السورية في لبنان، وعلى الشعب الفلسطيني، كما عقد بدمشق مؤتمر لمقاطعة إسرائيل حضره 13 بلداً عربياً، وغاب 9 بلدان من بينهم مصر والأردن وموريتانيا والمغرب وقطر...
كذلك جرت مظاهرات معادية لإسرائيل وداعمتها واشنطن في الأردن حيث قاومتها السلطة بعنف شديد، بالإضافة إلى مظاهرات في بيروت ومصر وغيرها من البلدان العربية.
الموت العربي.. والموت الإسرائيلي!!
إن الموت الإسرائيلي يقوم بمهامه اليومية، والعّداد العربي الرسمي يكتفي بمتابعة إحصاء الشهداء الفلسطينيين، بقلب بارد وصمت مطبق، وسط غياب دولي لأي استنكار، وكأن الجيش الإسرائيلي لا يرتكب أعمالاً إجرامية تثير الغضب والاشمئزاز ، أو تستدعي القلق إن الموت العربي لا يستثير ألماً إنسانياً ولا إدانة دولية، ولا فعلاً عربياً جدياً بينما الموت الإسرائيلي يثير «حكمة العرب بالتهدئة» وغيبوبة العالم عن العدالة.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية تشجع شارون على ارتكاب مجازره، فمن يستطيع أن يؤكد بأن الجحيم لا يكمن في نهاية الطريق لمصالح أمريكا وأصدقائها وأعوانها في المنطقة.
وإذا كانت هزيمة 1948 قد أطاحت بالعديد من الحكام العرب، فما الذي يمنع أن تتطور الأحداث في المنطقة إلى الإطاحة بجميع الحكام العرب الخونة والمتواطئين مع واشنطن وتل أبيب، وما موافقة قطر على حضور إسرائيل المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية، وزيارة وزير خارجيتها سراً إلى إسرائيل إلا تواطؤ مع العدو على حقوق الشعب الفلسطيني، ولا شك أن هذه الزيارة تلقى الدعم من قبل حكام الدول الخليجية وغيرها من الحكام العرب.
النصر للشعوب
وإذا كان الحكام العرب بأكثريتهم يتفرجون على ما يحصل لأشقائهم الفلسطينيين فإن الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية ستنهض، كما تنهض الشعوب ضد العولمة من أجل استعادة الحقوق المغتصبة في الجولان وفلسطين وغيرهما، وإن السبيل الوحيد لاستعادتها هو النضال الذي لا هوادة فيه ضد الصهيونية وحليفتها الإمبريالية، وخصوصاً زعيمتها الولايات المتحدة، وإن أي شعب يصمم على الصمود واسترداد حقوقه لا بد من أنه واصل إليها، وستقف معه جميع قوى الحرية والديمقراطية والتقدم في العالم ولنا في نضال الشعب الفيتنامي والكوبي أسوة حسنة.