الانتفاضة مستمرة.. وفشل الإجراءات السياسية والعسكرية الصهيونية
أكدت العملية الفدائية المتقنة التي نفذها يوم 16 تموز الحالي، مقاتلون فلسطينيون قرب مستوطنة عمانويل، والعمليتان الاستشهاديتان في تل أبيب يو م17 تموز أن انتفاضة الشعب الفلسطيني لم تتوقف، وأنها ستستمر ما دام الاحتلال قائماً ومادامت حقوق الشعب الفلسطيني لم تتحقق في تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى وطنهم وديارهم.
وكانت هاتان العمليتان بمثابة «الحنجلة» التي تسبق العاصفة القادمة، وكانت الصحف قد أشارت قبلاً إلى أن الأعمال الاستشهادية ضد العدو الإسرائيلي قد توقفت منذ ثلاثة أسابيع أو أكثر، بينما إسرائيل تتابع، بدعم أمريكي سافر، أعمالها العدوانية من قتل وتدمير واغتيال واعتقال، وتحولت الحياة كما ورد في تحقيق وكالة رويتر، إلى جحيم لايطاق، بسبب الحصار الشامل وحظر التجول المفروض على الأراضي الفلسطينية، وبخاصة، الضفة الغربية منذ العشرين من شهر حزيران الماضي، وكل ذلك يجري أمام عجز المجتمع الدولي ومؤسساته عن فك الحصار عن هذا الشعب، وكذلك أمام سمع الحكام العرب وبصرهم، وكأنهم صم بكم عمي، فلا يرون إلا مصالحهم، ولا يخشون إلا على كراسيهم!!
الهدف هو التيئيس
إن القصد من هذه الإشارة هي الإيحاء بأن المقاومة الفلسطينية، إما أنها ماتت، أو أنها في طريق الموت، بعد استشهاد عدد كبير من كادراتها أو اعتقالهم أو تشرد بعضهم الآخر، وما على الشعب الفلسطيني بخاصة، والعرب بعامة إلا أن يقبلوا بما تقدمه لهم إسرائيل والولايات المتحدة من فتات لا تغني ولاتسمن من جوع. لكن المقاومة الوطنية الفلسطينية خيبت آمالهم وعادت للنهوض من جديد بعد فترة من الهدوء، لإعادة تقييم الماضي والبحث عن سبل جديدة لمقاومة العدو وجعل أمن الإسرائيليين هباء منثوراً مادامت قوات الاحتلال موجودة.
هل المقاومة توقفت فعلاً؟!
وهناك كثير من الدلائل تشير إلى أن النضال لم يتوقف ولن يتوقف، مادام الشعب الفلسطيني لم يتوصل إلى تحقيق أهدافه المنشودة، والتي ضحى بالغالي والرخيص من أجلها وأهم هذه الدلائل:
1. لم تستطع قوى الاحتلال الإسرائيلي إضعاف معنويات الشعب الفلسطيني وتيئيسه فشعلة الغضب تزداد تأججاً، يوماً بعد يوم، وستزداد حدة وضراوة، رغم كل محاولات العدو القضاء على روحه الكفاحية.
2. رغم اعتقال آلاف المواطنين الفلسطينيين، وخاصة المناضلين منهم، ومن جميع الفصائل، واغتيال بعض القادة الآخرين فإن هذا الشعب أقوى وأكبر عدداً، فالعدو لايستطيع أن يعتقل ثلاثة ملايين فلسطيني، مهما استخدم من وسائل القتل والتدمير والحصار والتجويع، وكلما سقط شهيد في ساحة القتال تقدم مناضل آخر ليحل محله.
3. أخفقت إسرائيل حتى الآن في تمزيق تحالف القوى الوطنية الفلسطينية، بل ازدادت تماسكاً فيما بينها بصفوف متراصة وعزيمة لاتلين، وتصر على استرداد الحقوق المغتصبة، رغم بعض التباين فيما بينها حول القضايا الداخلية.
4. لم يتوقف نضال الشعب الفلسطيني لحظة واحدة، فهو يومياً يعبر عن تصميمه وصموده وغضبه على الاحتلال بمظاهرات شعبية تطالب بخروجه من الأراضي الفلسطينية ويدخل في اشتباكات يومية مع قواته، وإن كان ميزان القوى غير متكافئ، ولكنها تقض مضاجعه. ويسقط جراء ذلك قتلى وجرحى، ويعتقل أناس جدد وتهدم بيوت على رؤوس أصحابها.
5. المقاومة الفلسطينية لم تتوقف عن محاربة الاحتلال ومهاجمة قواه ومستعمراته وتكبيده خسائر في صفوفه ما بين قتلى وجرحى، فقد أصيب مستوطن إسرائيلي بطعنات بالغة يوم 17 تموز من قبل مجهولين في الحي الاستيطاني «منه شعاريم» في القدس المحتلة، كما أطلق شبان الانتفاضة النار على مواقع للاحتلال جنوب غزة، وأعلنت قوات الاحتلال عن حالة تأهب في محيط الكنيست الإسرائيلي في القدس المحتلة،وتم تعزيز الحراسة عليه وذلك بحجة ورود إنذارات واعتزام الفلسطينيين تنفيذ عملية على مقر الكنيست، كما أنه نشرت قوات معززة على طول ما يسمى بخط التماس في منطقة وادي عارة ومداخل المدن الغربية بعد ورود إنذارات باحتمال وقوع عمليات فدائية.
وكانت العمليتان الأخيرتان في تل أبيب وقرب مستوطنة «عمانويل» واللتان أسفرتا عن مقتل 13 جندياً إسرائيلياً وجرح أكثر من 60 آخرين أكبر دليل على أن الانتفاضة لم تنته، وأنها مستمرة في هذا النضال المقدس حتى استرداد الحقوق، وقد اعترف «حاييم رامون» رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي بفشل الإجراءات والسياسات العسكرية والأمنية قاطبة، والتي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القضاء على المقاومة الوطنية الفلسطينية.
أما يوسي سيريد رئيس حركة ميريتش فقد قال: إن الحكومة الإسرائيلية تقوم باستخدام وممارسة أسلوب العقاب الجماعي ضد مايزيد عن ثلاثة ملايين فلسطيني بسبب رفضهم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقال إن الأوضاع السائدة في الأراضي الفلسطينية سيئة وخطيرة للغاية، حيث يتوقع حدوث ماأسماه بالانتفاضة الثالثة التي ستكون أكثر عنفاً وأكثر سفكاً للدماء ومن الطرفين.
ومن جهته أكد عبد العزيز الرنتيسي أحد قياديي حركة حماس مشروعية المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهويني المستمر على الشعب الفلسطيني وشدد على ضرورة التنسيق واللحمة بين الفصائل الفلسطينية لحماية مشروع المقاومة ومواجهة العدوان الإسرائيلي.
إن الوضع في الأراضي الفلسطينية أشبه بالنار تحت الرماد، وستنفجر العاصفة في وجه المحتلين، وما العمليتان الفدائيتان الأخيرتان إلا إرهاص بما سيحصل في المستقبل القريب.
وعلى القوى الوطنية والتقدمية في البلدان العربية أن توحد قواها وجهودها لدعم الانتفاضة بجميع الأشكال وخصوصاً العمل على استنهاض الشارع العربي الذي يعد القوة الوحيدة التي تقف مع الشعب الفلسطيني الشقيق وتدعمه، وسترعب فيما لو هبت الشعوب العربية من رقدتها الإمبرياليين والصهاينة وعملاءهم العرب من الحكام والدائرين في فلكهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 179