دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وعد أمريكي خلبي جديد!!

يقول المثل العربي: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»، أما العرب في علاقتهم بزعيمة الإمبريالية العالمية فقد لدغوا كثراً من الجحر الأمريكي خصوصا ًوالغربي عموماً، فخلال السنوات الخمسين على قيام الكيان الصهيوني في خاصرة العالم العربي، والولايات المتحدة الأمريكية لم تتوقف لحظة واحدة عن تقديم جميع أنواع الدعم لهذا الكيان، ولم تتوقف لحظة عن إبداء عدائها الدائم للعرب وللقضايا العربية، مع أنها الناهب الأكبر للثروات العربية وخصوصاً النفط.

واليوم عندما تنثر الولايات المتحدة وعودها ذات اليمين وذات الشمال بأنها ستوافق على قيام «دولة فلسطينية عاصمتها القدس» ويود العرب أن يصدقوا هذه المرة ولكن سلوك زعيمة الإمبريالية خلال عقود تجعلهم بعيدين عن ذلك ويرون أن هدفها من ذلك هو كسب ودهم في حربها غير المقدسة على أفغانستان.
وإذا كان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فلابد لهذا المؤمن أن يتعلم من دروس الماضي.

فما أن انتهت الحرب العالمية الأولى بانتصار الغرب على الدولة العثمانية بمساعدة العرب أنفسهم وإخراجها من البلدان العربية، أملاً في الحصول على دولة عربية تمتد ما بين جبال طوروس واليمن في الجنوب، ثم تقلصت إلى دولة عربية تضم سورية الطبيعية كلها. فإذا بالعرب يجازون «جزاء سنمار» فيظهر إلى الوجود مشروع «سايكس بيكو» الذي وزع البلدان العربية بين الاستعمار البريطاني والفرنسي، ثم انتقل مقر الدعم لإسرائيل الصهيونية إلى الولايات المتحدة بعيد الحرب العالمية الثانية.فم الذي يضمن اليوم، مع إغراءات أمريكا للعرب، التضامن معها مقابل إيجاد حل عادل لقضية فلسطين، أن تنقض وعودها بعد الحرب التي لا يعلم أحد متى ستنتهي وكيف ستنتهي.
إن ما قدمه بوش من التصريحات عن الدولة الفلسطينية وعاصمتها ليس أكثر من كلام صحفي عابر، فما تحدث عنه بوش لا يوضح حدود هذه الدولة الفلسطينية وعلى أي قرار يستند وهل ستنفذ إسرائيل هذه القرارات؟!
إن ما نسمعه ونقرؤه اليوم من سخاء أمريكي لحل القضية الفلسطينية ليس إلا مجرد كلمات، أو إلقاء حجر في الماء الراكد، ثم يعود الماء إلى حاله، وقد كان شمعون بيريز الأقدر على إدراك مغزاها عندما صرح مطمئناً الإسرائيليين بـ «أننا نتفهم الظروف التي تجعل واشنطن الآن تقدم هذا الوعد للفلسطينيين» بل كان الناطق باسم البيت الأبيض أكثر صراحة حين وصف تصريحات بوش بأنها «محاولة لكسب الدول العربية إلى جانب التحالف ضد الإرهاب»
إن العرب يجب أن لا تنطلي عليهم هذه الخدع الأمريكية وعليهم أن يكونوا يقظين وأن يوحدوا جهودهم جميعها للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المكافح حتى تتحقق أهدافه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. > >

انتفاضة الأقصى .. استنتاجات ودروس
لم يتوقع أحد أن يصل زخم انتفاضة الأقصى التي اندلعت في 28 أيلول سنة 2000 إلى الشكل الذي وصلت إليه بعد عامها الأول وأخذت الأمور تتطور باتجاه الخيار الشعبي العارم، حيث جسدت إرادة الشعب الفلسطيني بقواه الوطنية والديمقراطية والإسلامية، وأصبحت السياسة السائدة في المجتمع الفلسطيني داخل الوطن وفي الشتات هي ثقافة الانتفاضة والمقاومة وسياستها، كما أن الانتفاضة كانت تعبيراً عن حالة الإحباط التي عبرت عن يأس الشعب الفلسطيني من مسيرة التسوية السياسية واتفاقات أسلو بعد مرور أكثر من ثماني سنوات عليها ولهذا خلف الشعب الفلسطيني وراءه مسيرة أوسلو وما أفرزته من نتائج من خلال تجديد خيار الانتفاضة والمقاومة.
وحتى تستطيع الانتفاضة والمقاومة أن تستمر لابد من وضع نقاط برنامجية لإدامة نهجها منها:
ـ العمل على توحيد الموقف الفلسطيني بالتركيز على الأهداف المباشرة للانتفاضة والمتمثلة «بإنهاء ودحر الاحتلال والاستيطان عن الأراضي المحتلة عام 1967 دون قيد أو شرط، والتمسك بحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».
ـ تعزيز الوحدة الميدانية للشعب الفلسطيني وتعزيز وحدة قواه وراء خيار استمرار الانتفاضة وتكريس شرعيتها باعتبارها شكلاً من أشكال المقاومة للاحتلال داخلياً وفي المحافل العربية والدولية.
ـ حماية الانتفاضة من المخاطر التي تتهددها نتيجة المبادرات الدولية والإقليمية التي تسعى إلى ما يسمى باحتواء الوضع سلمياً وإنهاء كل أشكال ما يسمى بالتنسيق الأمني ورفض كل المناورات الإسرائيلية التي تسعى لما يسمى بوقف إطلاق النار.
ـ العمل على بناء مجتمع ومؤسسات شعبية لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وإيجاد نمط حياة في المجتمع الفلسطيني قادر على الصمود في وجه الاحتلال وتعزيز التضامن والتكافل داخل المجتمع وفي الشتات.
ـ تعزيز المشاركة الواسع في التحرك بين صفوف الشعب الفلسطيني في أراضي 48 والشتات وتفعيل الحركة الشعبية وتطوير العمل الجماهيري والنضالي لإدامة الانتفاضة وتطوير كل أشكال نضالها.
ـ تحشيد موقف عربي موحد وفاعل شعبياً ورسمياً لتوفير كل أشكال الدعم والمساندة العربية للشعب الفلسطيني.

الدروس المستفادة من الانتفاضة
لا شك أن انتفاضة الشعب الفلسطيني الأولى والثانية قد أفرزت دروساً لابد من أخذها بعين الاعتبار إذا أريد لها أن تستمر وأهمها:
ـ الحفاظ على الوحدة الوطنية ووحدة الشعب.
ـ الصراع مع العدو الصهيوني صراع له أبعاد وطنية وقومية وإنسانية ولا يمكن تجزئة القضايا وتجاوزها كما في قضية القدس وحق العودة والتي أعادت الصراع إلى جذوره، إضافة إلى الترابط بين القضايا الوطنية والقومية، فجميع الاتفاقات والمعاهدات التي وقعت في كامب ديفيد ووادي عربة لم تحسم الأمر، ولم يتم ما عرف بالتسوية الشاملة في المنطقة لأن الولايات المتحدة عارضتها.
ـ إن تجربة السنوات الثماني الماضية من المفاوضات مع العدو الصهيوني وأوهام التسوية والحلول المطروحة كانت غطاء لمزيد من الاستيطان ، كما أن وهم التسوية قاد إلى اختراق صهيوني للوضع العربي سياسياً واقتصادياً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
162