أنهى رئيس الوزراء الروسي زيارته الثانية إلى الصين لهذا العام، والتقى هناك بالرئيس شي جين بينغ وتحدث الطرفان بإسهاب عن العلاقات الثنائية للبلدين وحجم الإنجازات التي تحققت في مجالات التعاون الاستراتيجي، ما يعيد طرح مسألة «توجّه روسيا شرقاً» وأين وصلت هذه العملية التي فرضها الواقع بعد أن كانت الحظوة للغرب في كثير من المجالات الاستراتيجية لعقود مضت.
بدا ملفتاً مؤخراً كيف انكبت وسائل الإعلام الغربية للإعراب عن أسفها إزاء الاختراق الجديد والكبير الذي أنجزته الصين في تصنيع الرقاقات الإلكترونية الداخلة في صناعات الكمبيوتر، حيث حققت قفزات في الإنتاج كان يُعتقد أنها مستحيلة بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وصممتها خصيصاً لمحاولة خنق التقدم الصيني.
لم تعد الصين هي «ورشة تجميع» العالم كما كان يحلو للاقتصاديين الغربيين تسميتها، فقد فقدت ميزتها الأساسية ضمن هذا السياق: العمالة زهيدة الثمن. ينطبق هذا بشكل خاص على الصناعات التكنولوجيّة في الصين، والتي تحتاج إلى الكثير من العوامل لنجاحها. الصين اليوم قادرة على تزويد هذه الصناعات بما تحتاجه تماماً، مثل: رأس المال البشري المدرّب، والبنية التحتيّة بمعناها الواسع، التي تسمح بتطوير هذه الصناعة، والسياسات الحكومية التي تعطي الفرصة لهذا التطوّر ليأخذ مداه، دون أن تسمح له بالتحوّل إلى الأمولة، كما حدث مع الشركات الغربية. ربّما لهذا فصناعة السيارات الكهربائية، وهي الأمر الذي بات من القطاعات الأكثر تنافسية حول العالم اليوم، تنمو في الصين بشكل مذهل مقارنة بنموّها في الاتحاد الأوروبي واليابان كمثال. إليكم تالياً أبرز ما جاء في مقال بحثي شديد الأهمية أعدّه باحثٌ في جامعة ديوك الأمريكية عن هذا الموضوع:
دخل العالم منذ سنوات مرحلة متقدمة من المنافسة على إنتاج الموارد العالمية، وقبل أي شيء، منافسة للوصول إلى مستهلكي هذه الموارد. بالنسبة للغرب، فقد هيمن أصحاب نظرية «المليار الذهبي» - الذين يريدون تقليص عدد سكان العالم (بالحروب والأوبئة وغيرها) - حتى الآن على هذه المعركة الاقتصادية، حيث قيّد هؤلاء بشدة الأسواق الموجودة في المنطقة الأوراسية، ومارسوا ضغوطاً مالية ولوجستية وتكنولوجية لم يسبق لها مثيل في التاريخ. ومن أجل الخروج منتصرتين في المعركة الاستراتيجية هذه، كان من الواجب دائماً على كل من روسيا والصين بناء تحالف ثابت في عددٍ من القطاعات الحيوية، والتعجيل بإنشاء نظام مدفوعات مالي وآمن مشترك.
يملك صندوق النقد الدولي قاعدة بيانات معلوماتية وإحصائية واسعة للغاية، تسمح بتحليل اقتصادات الدول باستخدام العديد من المؤشرات. إلى جانب ذلك، تسمح قاعدة البيانات هذه بإجراء مقارنات دولية، ومقارنة الاقتصادات وفقاً لمعايير مختلفة، ودراسة المسارات الاقتصادية للدول على مدى فترات زمنية طويلة إلى حد ما. فيما يلي سنركز على مؤشرين مهمين يعكسان بطريقة ما جانب من التبدلات التي طرأت على موازين القوى الاقتصادية في العالم. وهما ميزان المدفوعات، وصافي وضع الاستثمار الدولي لكل بلد.
أعلن غيورغي زينوفييف مدير إدارة آسيا الأولى بالخارجية الروسية إنه تم فعلا تحقيق سياسة إلغاء "الدولرة" في العلاقات الاقتصادية بين روسيا والصين.
نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 5.5٪ على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2023. جذبت موجة التعافي في الاقتصاد الصيني اهتماماً واسع النطاق على كلا المستويين المحلي والدولي. بعد انتقال مستقر في السيطرة على الوباء ومنعه، يتقدّم التعافي الاقتصادي بشكل «موجي» و«متعرّج».
المقال التالي هو أبرز ما جاء في بحث منشور في «مجلّة بريكس للاقتصاد»، ويتحدّث عن موضوع هام لم يحظ إلّا باهتمام محدود من الباحثين: تكوين رأس المال الصيني. يحاول البحث الذي نلخّصه لكم أن يستكشف الخصائص الرئيسية للمعدل العالي الفريد لتكوين رأس المال، والذي يقارب 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي للصين، والذي دعم النمو والتغييرات الهيكلية في الصين لسنوات عديدة. وتظهر البيانات التي أوردها البحث بأنّ الخطط الرسمية الصينية اليوم هي لتحقيق تغيير في هيكل الناتج المحلي الإجمالي من خلال تحويل التركيز من الاستثمار إلى الاستهلاك المحلي، رغم أنّ البحث يشير إلى أنّ هذه الخطط لم تتحقق بعد.
غالباً ما يروج السياسيون ووسائل الإعلام الأمريكية للرواية القائلة بأن الصين تغري الدول النامية بقروضٍ مفترسة عالية الفائدة لبناء مشاريع البنية التحتية كجزء من المبادرة الصينية المعروفة باسم «الحزام والطريق». ووفقاً لما تزعمه الرواية الغربية، تتوقع الصين أن تتخلف الدولة المقترضة عن سداد هذا القرض، حتى تتمكن بعد ذلك من الاستيلاء على أصول الدولة المقترضة من أجل توسيع نفوذها العسكري أو الجيوستراتيجي، وهو دليل - وفقاً للمزاعم- على ما يسمى باستعمار الصين لجنوب الكرة الأرضية.