بصراحة .. حقوق العمال لا تُغطى بغربال

بصراحة .. حقوق العمال لا تُغطى بغربال

لعبت القرارات الصادرة في عهد الوحدة السورية المصرية المتعلقة بالحركة النقابية والطبقة العاملة دوراً مهماً في احتواء الحركة، ومصادرة دورها المستقل، وتجريدها من عناصر القوة التي اكتسبتها في مجرى نضالها السياسي الوطني والطبقي، في مواجهة القوى الطبقية الأخرى المعبرة سياسياً عن مصالح الطبقة المهيمنة اقتصادياً.

الصراع كان واضحاً إلى حدٍّ ما بين قوة العمل الفتيّة وقوة رأس المال الفتيّة أيضاً، استخدمَت فيه الحركة النقابية والطبقة العاملة كل الأسلحة السلمية المشروعة، من أجل انتزاع حقوقها السياسية والاقتصادية، التي عملت قوة رأس المال على حرمان العمال منها بقوة القانون أحياناً، وبقوة القمع أحياناً أخرى. ولكن هذا الصراع أكد جملة من القضايا الهامة التي مكنت الحركة النقابية والعمالية من انتزاع العديد من المطالب والحقوق في أوقات سابقة، حيث كان هناك مدٌ وطنيٌّ وقوى سياسية فاعلة ساعدت الطبقة العاملة في صراعها مع رأس المال حديث العهد، وهي:

  • قوتها الكائنة في وحدتها التنظيمية.
  • استقلالية قرارها التام عن الأحزاب والهيمنة المفروضة.
  • وضوح مطالبها، ومواقفها الوطنية العامة والخاصة.
  • تبنيها وممارستها لحقها الشرعي بالإضراب والاعتصام والتظاهر السلمي.

إنّ هذه القضايا مجتمعة جعلت الطبقة العاملة قوة أساسية في حياة البلاد السياسية والاقتصادية، مما يعني شد الانتباه نحوها بضرورة احتوائها من قبل القوى البرجوازية السياسية منها والاقتصادية. ولكن تلك القوى فشلت إلى حد ما في عملية الاحتواء، كون الحركة النقابية موحدة المواقف والأفعال، وهذا الأمر كان مهمَّاً لكي تنتزع الحركة النقابية والطبقة العاملة استقلالية قرارها وموقفها وجزءاً من حقوقها.

اليوم وكأنَّ التاريخ يعيد نفسه، مع اختلاف الظروف السياسية وموازين القوى بين السابق واليوم، من حيث محاولة الهيمنة على الحركة النقابية، وهي بأسوأ حالاتها التنظيمية لما فعله النظام السابق لعقود من الزمن بواقع الحركة تنظيمياً، وبدورها المفترض؛ حيث يجرى حالياً ترتيب الهياكل التنظيمية للنقابات المختلفة بقوة الأمر الواقع وخارج قانون التنظيم النقابي، الذي ينص في مواده على وجوب إجراء انتخابات من القاعدة إلى القمة، وهذا ما لم يحدث، وهو يتعارض مع قوانين العمل الدولية، ومبادئ الحريات الديمقراطية النقابية، رغم المحاولات في مخاطبة المنظمات الدولية النقابية من خلال الاجتماعات التي تجري بالخارج والرسائل الموجَّهة إليهم، يتم التأكيد فيها على التزام النقابات في سورية بالمواثيق الدولية وبالعلاقات معها.

إنّ أحد أسباب ضعف المواجهة مع قرارات الهيمنة، وقرارات التسريح التعسفي للعمال، كان وما زال احتواء الحركة النقابية، وإخراجها من دائرة الفعل المقاوم للسياسات الليبرالية السابقة والحالية التي يعاد إنتاجها.
المطلوب هو خارطة طريق للحركة النقابية، قاعدتها الأساسية الطبقة العاملة السورية، من أجل حماية حقوق العمال السياسية والديمقراطية، والدفاع عن مستوى معيشتهم بزيادة أجورهم زيادة حقيقية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1247