بانوراما: ما الذي قلناه حول أستانا منذ انطلاقه وحتى اليوم...
تعقد يوم الثلاثاء القادم ، 19 تموز ، في طهران ، قمة لمسار أستانا حول سورية ، رؤساء الدول الثلاث (روسيا ، تركيا ، إيران).
تعقد يوم الثلاثاء القادم ، 19 تموز ، في طهران ، قمة لمسار أستانا حول سورية ، رؤساء الدول الثلاث (روسيا ، تركيا ، إيران).
منذ انفجرت الأزمة السورية عام 2011، قلنا بالحوار وبالحل السياسي مخرجاً وحيداً منها. احتاج الأمر عاماً ونصف ليصدر بيان جنيف حزيران 2012 الذي يقر مبدأ الحل السياسي، ولكن المعارك على الأرض استمرت وتصاعدت. ومن ثم مضت سنوات أخرى حتى تم إقرار 2254 نهاية عام 2015 والذي وضع خريطة الحل، وشكّل منعطفاً هاماً ليس على المستوى السوري فحسب، بل وعلى المستوى الدولي كمؤشر على بداية الدخول العملي في مرحلة التوازن الدولي الجديد، ورغم ذلك فإنّ إنهاء العمليات العسكرية لم ينجح دون إنشاء إطارٍ دولي- إقليمي جديدٍ نوعياً هو مسار أستانا الذي نشأ نهايات 2016، ولم يتمكن من إنهاء الصراع بشكله العسكري حتى أواسط 2019.
تبنى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة قرار النرويج وأيرلندا بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سورية عبر تركيا لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد لـ 6 أشهر أخرى.
أعلن نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي عن توصل أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى اتفاق بشأن تمديد نقل المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود.
يناقش عالِم النفس الأمريكي الروسيّ الأصل، يوري برونفين- برينر Urie Bronfenbrenner، استناداً إلى دراساته ودراسات غيره، أنّه في العائلات التي غاب عنها الأب- لأسباب مختلفة بما فيها تعرّض المجتمعات لحروب أو عمليات تهجير وتفكيك للأسرة واختلال بالتوازن الديمغرافي بين الذكور والإناث- يتعرّض أبناؤها الذكور خاصةً لخطر أنْ يصبحوا أشخاصاً أكثرَ اتكاليّةً وخضوعاً. وقد خَصّص برونفينبرينر لهذا الموضوع (من بين موضوعات متنوعة أخرى) مساحةً في كتابه «عالَمان للطفولة: الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية» الصادر بالإنكليزية عام 1971. يستعرض المقال التالي ما جاء في الكتاب المذكور عن هذا الموضوع، ثم يختم بأسئلة جدّية ذات صلة عن احتمالات التأثير السلبي النفسي-الاجتماعي- التربوي لـ«قانون غياب الأب»، إذا صحّ أن نسمّيه كذلك، على «جيل الأزمة» السوريّة، مما يستدعي مهمّة ضخمة لإعادة التأهيل و«إعادة الإعمار الروحيّ» والنفسي- الاجتماعي لجيلٍ يعوَّلُ عليه في بناء سورية الجديدة ما بعد الحلّ السياسي.
في منتصف 2022، وقبيل استعداد السوريين لاستقبال عيد الأضحى، تجاوز وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، وفقاً لمؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة، حاجز الثلاثة ملايين ليرة سورية (والحد الأدنى 1,881,858ليرة سورية). ليتضح مجدداً حجم الهوة الهائلة التي تفصل الحد الأدنى للأجر في البلاد (والذي لا يتجاوز 92,970 ليرة سورية) عن وسطي تكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع بشكلٍ متواصل.
قد يبدو ترفاً ما بعده ترفٌ أنْ يتحدث المرء هذه الأيام عن «نظرية أمنٍ وطني» لسورية؛ فصياغة الدول والشعوب لنظرياتها الخاصة بأمنها القومي/ الوطني، عادةً ما تجري بشكلٍ تراكمي طويل الأمد، وتأخذ في الحسبان عدداً ضخماً من العوامل الداخلية والخارجية؛ ابتداءً بالأمن الاقتصادي بمفرداته العديدة، ومروراً بالأمن الاجتماعي، ووصولاً إلى أمن الحدود القريبة والبعيدة؛ أي وصولاً إلى التموضع الإقليمي والدولي، وطبيعة العلاقات مع الجوار القريب والبعيد، بما في ذلك الأدوات الصلبة والناعمة للحفاظ على ذلك الأمن: العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والثقافية...وإلخ.
خلال زيارته لدمشق يوم السبت الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان: «إنّ إيران تتفهم المخاوف التركية، ولكنها تعارض أي عمل عسكري في سورية»، وأضاف: «نحاول حلّ سوء الفهم بين سورية وتركيا عبر الطرق الدبلوماسية والحوار».. وفي الطرف المقابل، فإنّ البيان الصادر عن الرئاسة السورية حول الزيارة، حمل الصياغات المعتادة بما يتعلق بتركيا وبالموقف منها.
لعب مسار أستانا منذ انطلاقه نهاية عام 2016 دوراً محورياً وأساسياً في إنهاء الشكل العسكري من الصراع في سورية، ولزم الأمر حتى نهايات 2019 حتى يتم إيقاف هذا الشكل من الصراع بصورة كاملة تقريباً.
تتعمق وتتكاثر على أساسٍ يوميٍ، الأزمات الخانقة والمميتة التي يعيشها السوريون؛ من أزمة الأجور التي باتت قيمتها الشرائية رمزيةً مقارنة بمتطلبات الحد الأدنى لمستوى المعيشة، إلى الأوضاع المأساوية للكهرباء والإنتاج والمحروقات والخبز والمياه والتعليم والصحة، ووصولاً إلى استمرار تجريف واقتلاع الشعب السوري من أرضه، استناداً إلى هذه الأزمات التي تطول قائمتها لتشمل كل جوانب الحياة، دون أية استثناءات تقريباً.