سيرة ذاتية لأجور العمّال

سيرة ذاتية لأجور العمّال

تزداد الفجوة يومياً ما بين الأجور والرواتب وبين الاحتياجات الأساسية للعاملين بأجر، وذلك مع تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.

وعلى المقلب الآخر ما تزال الحكومات المتتالية تتنكّر لحقوق العمّال، وبالأخصّ منها أجورهم. إنّ فعالية أية سياسة اقتصادية يجب أن تقاس عبر معيار ما تقدّمه لتلبية مصالح العمال وحاجاتهم الأساسية، وبالتالي تُعتبَرُ السياسةُ الأجرية أساس أي إصلاح اقتصادي حقيقي. وتعتبر سورية من أقلّ الدول العربية، بل وفي العالَم، من حيث تغطية الحد الأدنى للأجور لجميع العاملين بأجر، حيث أكثر من 90% من العاملين بأجر لا تلبّي أجورهم متطلّبات المعيشة الدنيا، فما بالك بالحد الأدنى لأجورهم. وسنحاول أن نستعرض السيرة الذاتية لأجور العاملين بأجر، خلال فترات متعددة لمعرفة حالة التدهور الاقتصادي التي وصلت إليه البلاد من خلال هذه الأجور مقارنة بالقوة الشرائية أو بسعر الصرف المعلَن.
في عام 1971، كان يتقاضى العامل من الفئة الأولى عند بدء عمله، مبلغاً إجماليّاً مع التعويضات مقداره /500/ ل.س، وكانت القوةّ الشرائية لهذا الأجر تكفي لإعالة عائلة بشكل مقبول مع قليل من التوفير.
في عام 1985، بلغ وسطي الأجر الشهري لأدنى فئة /725/ ل.س، وأصبح هذا الوسطي /1195/ ل.س بعد زيادة الرواتب في عام 1987. وحصلت زيادة للرواتب والأجور أواخر عام 2000، بحيث أصبح هذا الوسطي عام 2001 يعادل /3045/ ل.س. أي أنّه ازداد بنسبة 154% قياساً لعام 1987، بالمقابل ازدادت نفقات المعيشة للمواد الغذائية بمعدل 300% مقارنة بوسطي أسعار العام 1999. وهكذا نلاحظ حدوث نسبة خسارة في القوة الشرائية لهذا الأجر خلال الفترة المذكورة.
في عام 2010 كان يتقاضى العامل من الفئة الأولى عند بدء التعيين نحو /9645/ ليرة سورية، أي ما قيمته نحو 200 دولار، بالاعتماد على سعر الصرف السائد حينها (48 ل.س للدولار الواحد). وبلغ وسطي الأجور 11300 ليرة سورية تقريباً، بينما كانت الأسرة السورية المكونة وسطياً من خمسة أشخاص تنفق 14000 ليرة على الغذاء شهرياً فقط.
عام 2011 ارتفعت الرواتب بقيمة 1500 ل.س مقطوعة، مع زيادة بنسبة 30% من الرواتب دون الـ 10 آلاف، فيكون المجموع الجديد للراتب هو 14038 ليرة، أي ما يقارب 187 دولاراً أمريكيّاً، حيث وصل سعر الصرف حينها إلى 75 ل.س للدولار.
عام 2013، ارتفعت الرواتب بنسبة 40% على الـ 10 آلاف الأولى، و20% على الـ 10 آلاف الثانية، أي بقيمة 4807 على الراتب المذكور، ليصبح المبلغ الكلّي 18845 ل.س أيْ ما يعادل 62 دولاراً فقط، بسبب الانخفاض الشديد في قيمة الليرة، حيث شهد سعر الصرف تقلبات كبيرة فوصل إلى 300 ليرة للدولار، ثم عاد إلى ما يقارب 200 ليرة للدولار.
في عام 2016، ارتفعت الرواتب بقيمة 7500 ل.س ليصبح الراتب الجديد أكثر من 30 ألف ليرة بقليل، بينما وصل سعر الصرف رقماً قياسياً إلى حوالي 650 ل.س للدولار الواحد، وكان الراتب الشهري بالدولار لا يزيد عن 46 دولاراً، ومِن ثَمَّ عند ثبات سعر الصرف عند حدود الـ 490 ل.س للدولار أصبح الراتب الشهري نحو 62 دولاراً.
بينما كانت بعض القيادات النقابية تقول للعمال بأنّ رواتبهم تضاعفت عدة مرات خلال السنين الماضية متناسية ما فقده هذا الأجر من قوّة شرائية.
في عام 2020، أصبح وسطي الأجر يقارب 60 ألف ليرة، ولكن هذا الأجر لا يستطيع أن يغطي إلّا تكاليف غذاء الحد الأدنى لشخص واحد فقط! وذلك مقارنةً بما كان يغطّيه راتب عام 2010.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1202