عرّف ما يلي: الأجر
مشكلة الأجور ليست جديدة في سورية، وهي ممتدة منذ عقود. ولكنها تعمقت في الأشهر القليلة الماضية، بالتوازي مع أحاديث مستمرة عن زيادات مرتقبة، مرة يجري الحديث عن زيادة بمقدار 400%، ثم يختفي الحديث نهائياً، ومرة يعود الحديث عن منحة لمرة واحدة بمقدار راتب شهر واحد. وفقاً لإحصائيات جديدة للأمم المتحدة فإن كل عامل في سورية يعيل وسطياً سبعة أشخاص. وهذا الأمر يجعل من الأجر الذي يتقاضاه هذا العامل، طوق النجاة الوحيد لهؤلاء الأشخاص، ويجعل من موضوع الأجر موضوعاً أكثر حساسية.
ما هو الأجر العادل؟
الأجر بأبسط تعريفاته هو ما يحصل عليه العمال لقاء جهد يبذلونه، ويفترض بهذا الأجر أن يكون قادراً على تغطية الاحتياجات الأساسية ليستطيع العامل بالأجر أن يتابع حياته وحياة أسرته، على الأقل كي يتمكن من الاستمرار بالعمل؛ ما يعني أن يحصل على الغذاء ومستلزمات الحياة له ولعائلته. على هذا الأساس، إذا ما أردنا فعلاً تحديد الأجر العادل، ينبغي أولاً أن نعرف نسبة العاملين من إجمالي عدد السكان، وأن نعرف أسعار الخدمات والسلع والغذاء في السوق وحساب الأجر اللازم لتغطية هذه الاحتياجات.
هل منطق «المنح» أو «المكرمات» قادر على حل المشكلة؟!
سيحصل العاملون على منحة تعادل أجر شهرٍ كامل بمناسبة عيد الفطر، أي أن قيمتها وفقاً للحد الأدنى للأجور تقدر بـ 278,910 ليرة سورية وسطياً ولمرة واحدة، لكن محاولة علاج مشكلة مزمنة بطرق كهذه لا ترقى إلى حجم المشكلة، فبحسب مؤشر قاسيون للأسعار، فإن وسطي تكاليف المعيشة لأسرة من 5 أفراد هو 14.5 مليون ليرة سورية شهرياً، أي أن المنحة إذا جمعت مع الأجر الأساسي لن تغطي سوى 3.8% من وسطي تكاليف المعيشة.
كيف نحمي الأجر من ارتفاعات الأسعار؟
المشكلة الأخرى المرتبطة بالأجور هي أن السوق غالباً ما تبتلع هذه الزيادة عبر رفع الأسعار بشكل مباشر، ما يعني أن الأجر نفسه يشتري كمية أقل من السلع بسبب التضخم، ما يفرض علينا أن نبحث عن حل ناجع لمشكلة الأجور في سورية، والحقيقة أن الطريق الوحيد الممكن هو البحث عن كيفية تمويل الزيادة المطلوبة عبر زيادة الإنتاج الحقيقي الزراعي والصناعي الذي توقف الجزء الأكبر منه، فالقاعدة البسيطة تقول إن زيادة الإنتاج تؤدي إلى زيادة القدرة الشرائية ما يعني أن الأجر نفسه يمكن صاحبه من شراء كمية أكبر من السلع التي يحتاجها.
المدخل الأساسي للحل يكمن في إجراءين متوازيين، إعادة توزيع الثروة لمصلحة المنتجين، لمصلحة المنهوبين، وبالتوازي، إعادة إقلاع عجلة الإنتاج بشكلٍ فعلي لمكافحة التضخم الهائل...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- الإصدار الخاص 19-آذار-2025