عرض العناصر حسب علامة : الفقر في سورية

افتتاحية قاسيون 1086: لماذا نصرّ على تنفيذ 2254 بسرعة؟ stars

تكشف الكوارث اليومية المريرة في سورية، أنّ مزاعم «الانتصارات» التي تطلقها الأطراف السياسية المختلفة، ليست في حقيقتها سوى انفصامٍ كاملٍ عن الواقع؛ فمع كلّ يومٍ إضافي من عمر الأزمة، يتعمّق تردي أوضاع الناس المعيشية بمختلف جوانبها بطريقة متوحشة، ويزداد إحباط السوريين ويأسهم. وبدوره، يدفع ذلك إلى تصاعد عملية تجريف السوريين خارج بلادهم، وتتحول حالة الانعزال الجغرافي إلى أمرٍ واقعٍ، ليس فقط بحكم توزع مناطق السيطرة السياسية، بل وأشد خطورةً من ذلك، بسبب تآكل دوائر الإنتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك وتضيّقها، بما يبقي احتمالات التقسيم موجودةً ويرفع خطرها.

أحوال العمال في سوق العمل

يبدو التشابه في أوضاع العمّال للمهن المختلفة كبيراً، وتبقى الاختلافات بالتفاصيل التي تفرضها كل مهنة من حيث الصعوبات والأمراض المهنية وغيرها، ويتوحدون بضعف الأجور، وعدم شمولهم بالتأمينات الاجتماعية أو بالرعاية الصحية، وتعرضهم لسيف التسريح التعسفي في أية لحظة يرى فيها ربّ العمل عدم الحاجة إليهم، خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي تعيش فيها الصناعة أو الحرف أسوأ حالاتها بسبب التضييق المتعمّد عليهم من جهات عدة.

الطبقة العاملة بين الفقر والنقابات

نحن اليوم في عالم تكثر فيه المتغيرات والتحولات، بجميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية وهذه التحولات أصبحت مترابطة ترابطاً عضوياً والسؤال ما هو سبب سلب الحقوق من العمال، هل هو التطور التكنولوجي وخاصة في مجال الاتصالات والمعلومات؟ أم هو التوجه نحو الاقتصاد الليبرالي، وتحرير التجارة وتقليص دور الدولة في العملية الاقتصادية، وأن التحولات الاقتصادية السياسية على الساحة المحلية كان هو الأساس في فقدان هذه الحقوق.

النقابات وحدّ الفقر

الأجر الذي يحتاج فيه العامل للحاجات الضروريّة التي تكفل له أدنى مستوىً من الحياة المعيشية، ويعتبر مقبولاً على نحو ما في المجتمع الذي يعيش فيه العاملون بأجر، يطلق عليه في معظم الأدبيات الاقتصادية بحد الفقر، ويقاس الفقر عادةً بناءً على دخل الفرد المعيل للأسرة التي يعيلها وليس الفرد، كي يستطيع هذا الدخل تلبية الحاجات الأساسيّة والضرورية لأفرادها.

بصراحة ... سؤال صعب يطرحه الفقراء والإجابة عندهم أصعب

الواقع المعاش وجميع الدراسات الاقتصادية تؤكد على أن الوضع المعيشي لعموم الشعب السوري يسير بمنحدر شديد الخطورة، قياساً بارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة والتي تجاوز وسطيها مليوني ل.س وربما أكثر.

الانقسامات الوهمية تتلاشى

بعد كل الاصطفافات والثنائيات الوهمية التي فرضت على الشعب السوري وحصر فيها قبل انفجار الأزمة وأثناءها من (موالاة/ معارضة) أو انقسامات طائفية وقومية، بل ومناطقية والتي نشرها وغذاها المتشددون من كلا الطرفين مستخدمين شتى الوسائل للتغطية على الانقسام الحقيقي (ناهب ومنهوب) كل هذه الانقسامات زالت اليوم أو على الأقل جرى تخفيفها نتيجةً لظهور الانقسام الحقيقي في المجتمع بين أصحاب الربح وأصحاب الأجور حيث نمت قضية الأجور الهزيلة في سورية وعي الشعب عامة والطبقة العاملة خاصة، وأظهرت لهم النهب الحقيقي الذي يتعرضون له من أصحاب الربح تحت شعارات وهمية.

أكثر من 3 ملايين وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية في تموز

في منتصف 2022، وقبيل استعداد السوريين لاستقبال عيد الأضحى، تجاوز وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، وفقاً لمؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة، حاجز الثلاثة ملايين ليرة سورية (والحد الأدنى  1,881,858ليرة سورية). ليتضح مجدداً حجم الهوة الهائلة التي تفصل الحد الأدنى للأجر في البلاد (والذي لا يتجاوز 92,970 ليرة سورية) عن وسطي تكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع بشكلٍ متواصل.

أجور السوريين في الخمسينيات: 13 ضعف أجورهم في 2022

تعتبر مسألة الأجور في سورية ومدى كفايتها وتغطيتها لتكاليف الحياة الضرورية الشغل الشاغل لأصحاب الأجر الذين يرزحون تحت وطأة اختلال مجحف في توزيع الثروة لمصلحة أصحاب الربح الكبير، حيتان الفساد القادرين على ابتلاع ما يزيد عن 80% من الثروة السورية. 

بصراحة ... مشاهدات يومية

يقول المثل الشعبي «يا ماشي على رجليك ما بتعرف شو مقدر عليك» هذا المثل ينطبق على ملايين الناس الذين يجهلون ما هو المصير الذي ينتظرهم بعد رحلتهم الطويلة مع القهر والحرمان والتهجير والتشرد والفقر الشديد الذي أصيبوا به، وهم لا ناقة لهم ولا جمل بما هو حادث لهم ويحدث لهم كل يوم، وعند الكلام مع من نلتقيهم ويكون الكلام عن هذا القهر الذي أصبح من يوميات حياتهم فهم مقهورون في سكناهم ومقهورون في عملهم ومقهورون في أجورهم ومقهورون فيمن غاب أو غُيّب عنهم، والسؤال النهائي بعد طول حديث يقول لك «وبعدين، أخرتنا لوين، وشو الحل؟» وهنا تكمن الصعوبة في الإجابة عن ذاك السؤال الصعب الذي لا أحد يملك الإجابة عنه على الأقل في المدى المنظور.

شباب ينطفئ في عالم يشتعل

يكاد لا يخلو يوم من أخبار موت شاب هنا أو انتحار آخر هناك، سواء في وسائل الإعلام أو ما يتناقله الناس بين بعضهم. والمرعب في الأمر أنه موت مفاجئ ومجاني يحكم قبضته في الغالب على شباب صغار في السن نسبياً.