2022 الأسوأ على الإطلاق.. كيف ستستقبل سورية 2023؟

2022 الأسوأ على الإطلاق.. كيف ستستقبل سورية 2023؟

تودّع البلاد عام 2022 وهي تنزلق في هوّة أكثر عمقاً من التراجع في جميع مجالات الحياة، ابتداءً من الوضع المعيشي الذي انتقل من سيئ إلى أسوأ، وصولاً إلى الانحدار غير المسبوق في وضع الكهرباء، مروراً بتدهور وضع الليرة السورية وتعطّل الإنتاج والصناعة وتأزّم وضع الزراعة والصحة والتعليم.. وغير ذلك من مجالات دفعت أثمان باهظة نتيجة ارتفاع منسوب النهب من جهة، وتسارع انسحاب الدولة عن لعب دورها الاجتماعي من جهة أخرى.

لا يحتاج الوضع الكارثي إلى الكثير من الإثبات، حيث لا تزال البلاد تضمّ أكثر من 6,8 مليون نازح داخلي، وهو أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، في عام 2023، سيتصاعد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية من حوالي 14.6 مليون في عام 2022، إلى ما يقارب 15.3 مليون في عام 2023.


1102c


أكثر من ثلاثة أرباع النواحي متأذية بشدة

من أصل 270 ناحية موجودة على امتداد سورية، لا توجد ولا ناحية خالية من الضغوط الإنسانية. ومن بين هذا العدد، تقدّر الأمم المتحدة وجود ما يقارب 203 نواحٍ تعيش ظروف شديدة القساوة ومتطرفة وكارثية.
وكواحدة من مؤشرات الانهيار خلال 2022، تشير التقديرات إلى أن ما يقارب نصف الشعب السوري بات يحتاج بانتظام إلى الاعتماد على الشموع لإضاءة المنازل في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وعدم مقدرة الكثير من العوائل على تحمل تكاليف البدائل الكهربائية من بطاريات وليدات وغير ذلك. أما أولئك الذين سيمرضون خلال العام المقبل، فسيصطدمون بحقيقة أن فقط 59% من المستشفيات و57% من مرافق الرعاية الصحية الأولية تعمل بطاقتها. وفوق هذا، بات ما يقارب سبعة ملايين شخص غير قادرين على الحصول على مصادر المياه الرئيسية إلا بين يومين وسبعة أيام في الشهر!
أكثر من ذلك، من بين الـ15.3 مليون مواطن سوري الذين يحتاجون للمساعدة، هنالك أكثر من 75,726 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6-59 شهراً يعانون من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وواحد من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة في شمال غرب وشمال شرق سوريا يعانون من التقزم، و2.4 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة، و12.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و92% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 59 عاماً يعانون من أمراض وإعاقات.


1102b


الإسكان والصحة والتعليم: أكثر من سيء!

على صعيد الإسكان، تأثّرت البلاد بشكل شديد بالأضرار التي لحقت بالمساكن والبنية التحتية نتيجة الصراع العسكري. حيث خلصت التقديرات الأولية لمرحلة الصراع إلى أن 328,000 مسكن - على أقل تقدير- إما تدمر أو لحقت به أضرار جسيمة، ولم يعد من الممكن إعادة استخدامه. أما الأضرار الأخف فقد طالت ما يتراوح بين 600 ألف ومليون مسكن.
وتؤكد التقديرات أن نقص العاملين في قطاع الصحة وصل إلى مرحلة كارثية، حيث غادر أكثر من 70% منهم البلاد. بينما يشكّل نقص مصادر الطاقة واحداً من أكبر التهديدات التي تتربص بالقطاع الصحي، حيث تحتاج ما لا يقل عن 30% من المستشفيات العامة في سورية إلى مولدات كهربائية من أجل تشغيل الأجهزة الموجودة فيها، كما أثّر نقص الكهرباء على جميع القطاعات الأخرى كالتعليم والمياه والصرف الصحي... وهو النقص الذي وصل في عام 2021، إلى أن أصبح نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء الحكومية حوالي 15% فقط من مستويات عام 2010، وتفاقم بشكل أكبر بكثير خلال عام 2022.
وفقاً لتقديرات منظمة اليونيسف، تعرضت أكثر من 7000 مدرسة للضرر أو الدمار، مما حدّ من قدرة الأطفال على الوصول إلى الخدمات التعليمية الضرورية، وأجبرت الظروف الجائرة أكثر من مليوني طفل على الخروج من المدرسة، بينما سيكون 1.6 مليون طفل معرضين لخطر التسرب. هذا ولا تزال المدارس وأماكن التعلّم غير محققة لأدنى شروط للتعلم بسبب الاكتظاظ وعدم تجديد المباني المدرسية والفصول الدراسية، فضلاً عن نقص المعلمين (وخصوصاً في المدارس الريفية). وستعاني البلاد من مزيد من النقص الحاد في عدد المدارس الثانوية والتعليم والتدريب المهني.


1102d


تراجع الزراعة يقود انعدام الأمن الغذائي

حقق انعدام الأمن الغذائي في سورية مستويات غير مسبوقة على امتداد عام 2022، ففي عامي 2021 و2022، احتلت سوريا المرتبة 106 من أصل 113 دولة تم تقييمها في مؤشر الأمن الغذائي العالمي. وفوق ذلك، أدى الجفاف الشديد وانخفاض تدفقات نهر الفرات عما كان متوقعاً، إلى جانب ارتفاع تكلفة الوقود وارتفاع الأسعار، إلى تقلص مساحة الحبوب القابلة للحصاد، في وقت يعاني فيه 12.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.
ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، تقدّر مساحة القمح المحصود بنحو 787,000 هكتار، أي ما يزيد قليلاً عن نصف المساحة التي تم حصادها في عام 2019. وتقدّر مساحة الشعير المحصودة بنحو 352000 هكتار، أي أقل بنحو 75% من العام الماضي، حيث لم تصلح مساحات شاسعة من الأراضي للحصاد. وبعد وصول إنتاج الشعير إلى 268,000 طن، يكون قد تراجع إلى حوالي 10% من وسطي الإنتاج في عامي 2019 و2020.
وأدت الزيادات المتكررة في أسعار المدخلات الزراعية والسلع الغذائية في البلاد إلى الحد من إعادة تمكن الفلاحين من تأمين المدخلات الزراعية عالية الجودة، وخاصة بالنسبة للفلاحين أصحاب الحيازات الصغيرة المتأثرين الأكبر بالأزمات ومحدودية الموارد. كما كان لأزمة المياه والظروف الشبيهة بالجفاف تأثير سلبي على إنتاج القطاع الزراعي، ما شكّل خطراً ليس على الأمن الغذائي للمواطنين فحسب، بل وعلى لقمة عيش الفلاحين القائمة على الزراعة أيضاً.


1102a


حتى قطاع المياه لم يسلم من التراجع

حتى نهاية عام 2022، طال الضرر ما يقارب ثلثي محطات معالجة المياه، ونصف محطات الضخ وثلث أبراج المياه. حيث أن شبكات المياه غير قادرة على توفير إمدادات المياه الكاملة للسوريين وهذا يعود بشكلٍ رئيسي إلى عدم وجود إمدادات طاقة مستقرة، وارتفاع تكلفة تشغيل أنظمة توليد الطاقة وعدم زيادة الإنفاق الفعلي على هذا القطاع.
وفي مواجهة النقص الحاد في مياه الشرب العامة الآمنة، يعتمد أكثر من 52% الناس في البلاد اليوم على مصادر مياه بديلة، وغالباً ما تكون هذه المصادر غير آمنة لتلبية بعض أو كل احتياجاتهم من المياه (مقابل 47% في منتصف عام 2021).
وفوق هذا كله، يجري تصريف ما لا يقل عن 70% من مياه الصرف الصحي دون معالجة. كما تعطّلت ما لا يقل عن نصف شبكات الصرف الصحي، مع ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة على الصحة العامة والبيئة. وشهد القطاع انخفاضاً كبيراً في مخصصات الموازنة العامة للدولة، حيث انخفضت الحصة المخصصة له من عام 2011 إلى عام 2022 بنحو خمسة أضعاف (من 3.3% من إجمالي الموازنة العامة إلى 0.7% فقط). وبالقيمة الحقيقية، انخفضت النفقات المخصصة للقطاع بنسبة 90% عما كانت عليه في عام 2011. ويؤدي نقص المياه إلى إجبار الأسر على اللجوء إلى آليات التكيف السلبية، مثل تغيير ممارسات النظافة أو زيادة ديون الأسرة لتحمل تكاليف المياه في العديد من النواحي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1102
آخر تعديل على الإثنين, 26 كانون1/ديسمبر 2022 07:14