عرض العناصر حسب علامة : ارتفاع الأسعار

بصراحة إعادة توزيع الدعم، ولكن ليس على طريقتهم!!

القاصي والداني لاحظ القلق الكبير الذي بدا على وجوه الفقراء من أبناء شعبنا، منذ لحظة طرح الحكومة لخطتها برفع الدعم عن المشتقات النفطية، والقلق الشعبي لم يأت من فراغ، بل أتى استناداً لواقعه الذي يعيش فيه، والذي جرى التعبير عنه في الأحاديث، والحوارات اليومية التي تدور بين الناس عن حالة الغلاء الفاحش، وارتفاع الأسعار الجنوني الذي أصاب أبسط المواد الاستهلاكية التي يعتمد عليها الفقراء، ومنهم العمال، في غذائهم اليومي البسيط كالبندورة، والبطاطا، والفلافل، ولا نقول أشياء أخرى كالفواكه، واللحم، حيث انتفت من سلتنا الغذائية، وباتت من المحرمات التي لا نقترب منها، بل ننظر إليها خلسة وهي معروضة في واجهات المحلات الفخمة.

الافتتاحية رأس وقاعدة جبل الجليد

أثار التحقيق الذي نشرته جريدة الثورة في الأسبوع الماضي حول الفساد ردود أفعال واسعة ومختلفة... والجوهريّ في الموضوع أن هذا التحقيق أثبت، بغضّ النظر عن دقّة استنتاجاته الرقميّة، أن المجتمع يعيش حالة قلق عميق من حجم الفساد واتساعه، في وقت يعاني فيه من ارتفاعات في الأسعار وانخفاض في مستوى المعيشة، يتفق عليه الجميع وإن اختلفوا في تقدير مستواه..

د. منير الحمش لـ «قاسيون»: رفع الدعم هو «إعلان فشل» للحكومة وفريقها الاقتصادي

أحدثت طروحات الحكومة المتعلقة بـ«إعادة توزيع الدعم» استياء عاماً في الأوساط الشعبية والأكاديمية الوطنية، وتسببت بفوضى عارمة في جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، وولدت قلقاً كبيراً لدى الشرائح الفقيرة، وهي الغالبة في بلدنا، خصوصاً أنه رافقها وتبعها ارتفاع كبير في أسعار معظم المواد، وندرة البعض الآخر، الأمر الذي فتح لمعركة كبيرة ومتشعبة بين اتجاهين متناقضين، الأول هو الاتجاه الذي يختطه الفريق الاقتصادي في الحكومة والذي لا يؤمن به معظم الشعب السوري كونه يناقض مصالحه، أما الاتجاه الثاني، فهو الاتجاه الذي مازال مصراً على أنه بإمكاننا – نحن السوريين- أن نجد بدائلنا الاقتصادية والاجتماعية الوطنية التي تناسبنا بمعزل عن وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين.. وأملاً منا في تسليط الضوء أكثر على هذه القضية، التقينا د. منير الحمش الباحث الاقتصادي المعروف وأجرينا معه الحوار التالي:

مؤشر أسعار «قاسيون»: كم زادت الأسعار؟ ومن يتحمل المسؤولية؟

إن التصاعد المستمر والمخيف للأسعار، في ظل غياب الرقابة التموينية أو مشاركتها أحياناً في صنع أسباب الغلاء، وفي ظل الجمود المخيف أيضاً للرواتب والأجور، كل ذلك يهدد ويقلل من صلابة الجبهة الداخلية، وقدرتنا على المقاومة والصمود في وجه أي عدوان خارجي، وقد باتت ملامحه تلوح في الأفق، مهددة بالانفجار بين لحظة وأخرى.

ارتفاع أسعار غير مسبوق..

بعد قرار وزارة الاقتصاد الأخير بالسماح للتجار بتصدير الحبوب والبقول عشية شهر رمضان الكريم، ارتفع الحمص إلى 75 ل.س للكيلو غرام، والعدس إلى 50 ل.س والذرة الصفراء إلى 50 ل.س والفول إلى 75 ل.س، وكذلك الفاصولياء، أما البرغل فقد وصل سعر الكيلو غرام الواحد منه إلى 35 ل.س.

مطبّات مفاجأة (توم) المسكين

منذ مدة قصيرة صرح نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية بأن العصا ستكون غليظة على كل من تسوّل له نفسه التلاعب بأسعار السلع في السوق، كما صرح وزير الاقتصاد في الفترة نفسها بأنه سيضرب بيد من حديد كل من يتلاعب بالأسعار، وحتى لو أدى الأمر لإغلاق جميع الأسواق.
في الحقيقة ذكرتني تلك التصريحات الحكومية بزميل كان يدرس معي في الصف التاسع، إذ كان قصير القامة، وضعيف البنية، وكان إضافة إلى تكوينه البيولوجي الهزيل، يصغرنا سناً بعام، فأمه كانت مدرّسة، وقد وضعته مستمعاً في الصف الأول في عمر الخمس سنوات، ثم نقلته إلى الصف الثاني سابقاً من هم بعمره عاماً دراسياً كاملاً، ولكنه بداية، لم يكن يشعر بصغر جسمه وفرق سنه عن رفاقه كونه كان محمياً من أمه التي كانت معلمة في المدرسة نفسها،أي أن زميلنا كان ابن الآنسة، أما في المرحلة الإعدادية، وبعد خسارته هذه السمة، فقد بدأ هذا الزميل يعوّض عن عقدة جسمه النحيل وعدم قدرته على عراك أي منا، بسرده لنا، بمناسبة، وبغير مناسبة ملاحم عن بطولاته وقوته في قتال صبية أكبر منا سناً، وكيف يستطيع بضربة واحدة، رمي اثنين منهم أرضاً، ثم يلحق بهم الثالث برفسة من قدمه الهائلة القوة.

تعا... نحسبها...

أزمتنا مرحلية، وشح مواردنا طارئ، وعجزنا في إيجاد مصادر تمويل مؤقت، وخياراتنا المتاحة متعددة، والتكتيكي منها: الجور على المواطن صاحب الدخل غير المحدود والصدر الرحب. والقرار مبرر، لأن المواطن مرفه، وأجره الأعلى عالمياً، وعمله في قطاعاتها المختلفة ترف من باب الحرص على البلد واقتصاده رغم توفر الموارد الخاصة التي تسمح له بالعيش الرغيد، لتغنيه عن العمل، فالعمل في بلادنا لتحقيق الذات وليس للدخل اعتبار فيه!!المعاناة معدومة، والمرافق العامة ببناها التحتية هي الأكثر اتقاناً وتجاوباً وتلبية لمتطلبات مواطنيها وطموحاتهم. الصحة والتعليم يحققان أعلى مؤشراتهما ودائماً على مستوى العالم. كل هذا يبرر الخيار الأسهل والأبسط لإعادة النظر بامتيازات هذا المواطن وبما تحتويه جيوبه، عبر إقناعه بضرورة التخلي عن بعض ما يملك من امتيازات، رغم مرارة التجربة السابقة.

الحكومة مصدر معاناة العمال

جاءت موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة في وقت كانت فيه الطبقة العاملة السورية عموماً، متعطشة لسماع أخبار عن ارتفاع الرواتب والأجور، والتوقف كلياً عن الحديث حول رفع الدعم.. هذه الموجة المبرمجة والمخطط لها من الفريق الاقتصادي سقطت صفعة قوية على وجوه جميع العمال السوريين الذين تمثل غالبيتهم عماد الطبقة الفقيرة في البلاد.

الشتاء على الأبواب... وشحّ المازوت على الشباك!!

يستعد الناس لاستقبال فصل الشتاء متأملين بمعظمهم ألا يكون قاسي البرد هذا العام، إذ أن اشتداد البرد من الطبيعة والحكومة معاً، أمر سيكلف الناس صحتهم لا محالة، فاستمرار أزمة المحروقات – المازوت تحديداً – وما رافقها من ارتفاع مضطرد في أسعار كافة السلع المأكولة وغير المأكولة، وما انبثق عنها من أزمات انعكست انتظاراً على مواقف الميكروباصات ومداخل الكازيات، وما تبع ذلك أو سبقه من تهريب للمازوت وتصدير للخضراوات بما رفع أسعار الحاجات الأساسية ضعفاً آخر، وألقى بأحمال ثقيلة على جيوب المواطنين، هذا كله ما هو إلا مقدمات لما سيعانيه الموطن في الشتاء القادم الذي سبقته الحكومة بمضاعفة تسعيرة الكهرباء، وسبق الكهرباء اختفاء المازوت من محطات الوقود (اللهم إلا من رئاتنا المشبعة بدخانه)، والمشكلة أننا (وللصيف الثاني) لم نعتد توفر المواصلات بما يؤمن وصولنا إلى منازلنا، فكيف سنصل إليها في الشتاء إن لم تجد الحكومة حلاً سريعاً لأزمة المحروقات؟ بل وكيف سنؤمن الدفء لأطفالنا إذا لم تبادر الحكومة بحل ناجع قبل وصول الشتاء؟!

افتتاحية الغلاء وإعادة توجيه الدخل الوطني لمستحقيه..

يتباكون على ضرورة إعادة توجيه الدعم لمستحقيه «التسمية الحركية لرفع الدعم لدى الفريق الاقتصادي في الحكومة»، ويقوم الغلاء الذي يتحملون هم مسؤولية بالدرجة الأولى بسبب سياساتهم المتبعة خلال الفترة الأخيرة، بإعادة توجيه الدخل الوطني نحو أصحاب الارباح الأكثر ثراءً وغنى في المجتمع، أي نحو غير مستحقيه.. فالموجة الأخيرة لارتفاعات الأسعار التي ماهي إلا استمرار للموجات التي سبقتها، يكمن سببها العميق في الأمور التالية:

ـ تراجع دور الدولة الاقتصادي ـ الاجتماعي، وتراخي قبضتها في السوق، هذه السياسة التي تم «فلسفتها» طويلاً، ولكن الأحداث جاءت أصدق أنباء من الوعود والتصريحات الرنانة لبعض المسؤولين الاقتصاديين.