قرارات بالجملة... والكيل بمكيالين..

تتوالى القوانين والقرارات الحكومية بالجملة مستهدفة إغراء وإرضاء أصحاب الرساميل الكبيرة بحجة تحسين مناخ الاستثمار في سورية، واللافت للنظر أنه ومنذ سنوات، ومع كل خطوة  في هذا الاتجاه، كان الوضع الاقتصادي من حيث المؤشرات النوعية التي تهم معيشة المواطن ومستوى حياته يزداد سوءاً، مما يدفع للاستنتاج أن السياسات الحكومية لا تلبي حتى الهدف الذي تعلنه، فالتضخم بازدياد، والأسعار تشتعل، وأزمات السكن والنقل تزداد تفاقماً، والبطالة تراوح في مكانها. يضاف إليها التدني المستمر لمستوى الخدمات الصحية والتعليمية لعموم الناس، مع ارتفاع أسعارها في حال توفرها لأصحاب الدخل غير المحدود...

كل ذلك يجري في وضع يفترض فيه تحسين وضع سورية الإقليمي حيث تتعرض لضغوطات ومؤامرات خارجية أمريكية ــ صهيونية. وتصب هذه السياسات الحكومية الاقتصادية ـ الاجتماعية في عكس الاتجاه المطلوب لتدعيم الموقف السوري ورفع درجة مناعته، من خلال إخلالها بالتوازن الاجتماعي الاقتصادي الداخلي.
لقد أعلنّا وبينّا موقفنا وتخوفنا من القرارات والقوانين التي تبحث فقط عن إرضاء المستثمرين العرب والأجانب، ابتداءً من قانون الاستثمار رقم 10 في حينه، وصولاً إلى قانون البورصة المالية مؤخراً،ً وانتهاء بالتعديلات على قانون الاستثمار التي تجيز إخراج الرساميل والأرباح بحرية لا تحلم بها هذه الرساميل حتى  في بلدانها .
وكان الأمر سيغدو محتملاً لو رافق هذه القوانين والقرارات حزمة أخرى منها تمس معيشة المواطنين بحيث يصبح القانون حامياً لها ومدافعاً عنها وضامناً لها.

1ــ فما الذي يمنع إصدار قانون يلزم الجهات المعنية بإعلان مؤشر أسعار تعلن نتائجه دورياً؟
2 ــ وما الذي يمنع ربط الأجور بالأسعار على هذا الأساس بقانون يدافع عن مصالح أصحاب الدخل المحدود في القطاعين العام والخاص؟
3 ــ وما الذي يمنع إلزام الجهات المعنية بقانون يقضي بتمويل الزيادات على الأجور من الزيادات على الأرباح المتأتية من ارتفاع الأسعار؟
4 ــ وما الذي يمنع من ضمان حقوق عمال القطاع الخاص بقانون يضمن حقوقهم الطبيعية في الزيادات الدورية والإجازات والعطل؟
5 ــ وما الذي يمنع إلزام جميع الجهات قانونياً بتطبيق الطبابة المجانية الشاملة على العمال بمن فيهم المتقاعدون في القطاعين العام والخاص وتأمين وسائل الوقاية الصحية الضرورية لهم؟
6 ــ وما الذي يمنع إيقاف تسريح العاملين بعقود بقوة القانون، وخصوصاً أولئك الذين مضى على استخدامهم أكثر من ثلاث سنوات وهم يمارسون أعمالا ذات طبيعة دائمة؟
7 ــ وما الذي يمنع الإيقاف القانوني للاستقالات وبراءات الذمة المسبقة في القطاع الخاص، وإلزام أرباب العمل  بتأمين العمال اجتماعياً وبرواتبهم الحقيقية؟
8 ــ وما الذي يمنع إلزام الحكومة قانونيا بتأمين السكن الشعبي الرخيص لكل مواطن يستحقه؟
9 ــ وما الذي يمنع إلزام الحكومة بقوة القانون، بتأمين نمو اقتصادي حقيقي غير متلاعب بأرقامه إحصائياً؟
10 ــ وأخيراً وليس آخراً، ما الذي يمنع محاسبة الحكومة قانونياً لكيلها بمكيالين مختلفين... مكيال لأصحاب الرساميل والثروات... ومكيال لأصحاب الدخل المحدود المتناقص باستمرار.

إننا إذ نطالب بتوحيد مكيال القياس لدى الحكومة بين الأغنياء والفقراء، فهذا يعني أننا نطلب منها الحد الأدنى للعدالة الشكلية، لأن العدالة الحقيقية هي الكيل بمكيال واحد، هو مكيال الكادحين وأصحاب الدخل المحدود من مختلف الفئات، وفي ذلك ضمانة لكرامة الوطن والمواطن.

آخر تعديل على السبت, 01 تشرين1/أكتوير 2016 15:01