افتتاحية قاسيون 1232: الجولان كان وسيبقى سورياً

افتتاحية قاسيون 1232: الجولان كان وسيبقى سورياً

بمجرد دخول وقف إطلاق النار بين الكيان وإيران حيز التنفيذ، بدأت الماكينة الإعلامية والسياسية الأمريكية و«الإسرائيلية»، بالترويج الكثيف لاتفاقات تطبيع قادمة مع «عدة دول في المنطقة». كما نشر عدد من الصحف والمواقع «الإسرائيلية» خلال اليومين الماضيين ما أسماه «تسريبات» عن اتفاقات مفترضة سيجري توقيعها مع سورية، تتخلى بموجبها سورية عن الجولان السوري المحتل، ناهيك عن كم الإشاعات الهائل عبر الفضاء الإلكتروني.

قبل أي كلام عن معنى هذه الحملة وأغراضها، ينبغي تثبيت حقيقة قانونية وأخلاقية ووطنية هي التالية: ليس من حقّ ولا من صلاحية أي سلطة في سورية أن تقدم على توقيع أي اتفاق «سلام» أو «حرب» ما لم تكن سلطة منتخبة انتخاباً مباشراً نزيهاً وشفافاً يُعبر عن إرادة الشعب السوري. أضف إلى ذلك أنه ليس من حقّ ولا من صلاحية حتى السلطات المنتخبة، أن تتخلى عن أي جزء من أراضي البلاد، وذلك عملاً ليس فقط بكل الدساتير السورية السابقة، بل وأيضاً عملاً بالإعلان الدستوري القائم حالياً، وبمادته الأولى التي تقول حرفياً: «الجمهورية العربية السورية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، وهي وحدة جغرافية سياسية لا تتجزأ، ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها».

مسألة أخرى تحتاج إلى تثبيت؛ وهي أنه حتى إذا تركنا جانباً البعد القانوني والأخلاقي والوطني، وناقشنا ما يُطرح من «سلام» مفترض، من وجهة نظر براغماتية مصلحية بحتة، فإنه ما ينبغي أن يكون واضحاً في أذهاننا كسوريين، أن الكيان لا مصلحة له في أي سلام حقيقي، لا في سورية، ولا في المنطقة ككل؛ ما يمكن أن يخدم استمرار وظيفته كأداة في السيطرة الغربية على منطقتنا، هو استسلام وخضوع يقود نحو التدمير الذاتي، ونحو الحروب الداخلية ونحو التقسيم، و«الإسرائيلي» يملك من العجرفة والصفاقة الرسمية، ما يكفي ليعلن هذه الأهداف و« يُبشر» بها، عند كل سانحة؛ أي أهداف تقسيم سورية على أسس طائفية ودينية وقومية.

بالانتقال إلى الغرض من الحملة الإعلامية السياسية التي أشرنا إليها، يمكن أن نلخص الأمر بالنقاط التالية:

أولاً: إذا كان البعض قد توهم أن سقوط نظام الأسد هو انتصار أمريكي-«إسرائيلي»، وأن سورية ستتحول إلى محمية أمريكية، وأن «الإسرائيلي» سيكون سيد المنطقة والبلطجي المتحكم بها، فإن حرب الـ 12 يوماً، ومواقف الدول العربية والإقليمية خلالها، ونتائج تلك الحرب، ينبغي لها أن تُزيل الغشاوة عن الأبصار والبصائر...

ثانياً: يسعى «الإسرائيلي» ومعه الأمريكي إلى الحدّ من النتائج والتداعيات السلبية بعد فشلهما في الحرب على إيران، (والتي لم يظهر منها إلا جزء يسير والأجزاء الأكبر ستتكشف يوماً وراء يوم). وفي هذا السياق، فإنهما يسعيان إلى إقامة سيرك سياسي عالمي، وفي منطقتنا، لتقديم ألعاب بهلوانية حول «الانتصار الساحق»، لتقليل مفاعيل الفشل وتأخيرها، ولمحاولة التعويض عنها إنْ أمكن.

 

ثالثاً: مركز الثقل العالمي بأبعاده الإنتاجية، الاقتصادية، والعسكرية والبشرية والتكنولوجية وحتى الثقافية، انزاح نحو الشرق وانتهى الأمر، ولا عودة عن ذلك، وضمناً فإن مشروع الشرق الأوسط «الإسرائيلي»-الأمريكي، بات محكوماً بالتلاشي وبالهزيمة النهائية ضمن آجال قصيرة إلى متوسطة.

من يريد النظر إلى المستقبل السوري بعين المصلحة الوطنية السورية، عليه أن يُدرك هذه الحقائق، وأن يعمل وفقاً لها، وأن يتحضر لتحول عودة الجولان المحتل من حلم بعيد المنال، إلى إمكانية واقعية قابلة للتحقق... أيضاً ضمن آجال قصيرة إلى متوسطة.

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1232
آخر تعديل على الأحد, 29 حزيران/يونيو 2025 23:13