افتتاحية قاسيون 1225: تماسك السوريين والدور التخريبي الصهيوني
تمكنت «إسرائيل» خلال السنوات الـ 14 الماضية، وبالاستناد إلى حالة الحرب والفوضى الشاملة، من تحقيق اختراق وتغلغل واسع النطاق ضمن صفوف عدد كبير من الأطراف السورية، وعبر خلايا نشطة ونائمة تمارس مهامَّ متعددة، تبدأ من الرصد وجمع المعلومات، مروراً بنشر الشائعات والتحريض الطائفي والقومي، (بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي)، ووصولاً إلى أدوار ملموسة مباشرة تشمل عمليات اغتيال وقتل وتخريب، ناهيك عن الدور العسكري العلني لجيش الكيان، والدور السياسي العلني الداعي لتقسيم سورية وإنهائها.
وإذا كان هذا كله واضحاً لكل ذي بصر، فإن ما يحتاج فهماً وتفسيراً، هو مستوى الشراسة والعدوانية «الإسرائيلية» ضد سورية، والذي يمكن وصفه بأنه مستوى هستيري غير مسبوق، ربما في كل التاريخ السوري الحديث.
بين العوامل والمؤشرات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار، بما يخص السلوك «الإسرائيلي»، ما يلي:
أولاً: انعكاس التغير في التوازن الدولي على الكيان، وفهمه العميق للمآلات التاريخية التي يمكن أن ينتهي إليها مع التراجع العاصف في صفوف داعميه الغربيين، وعلى رأسهم الأمريكان.
ثانياً: تغيّر اللوحة الإقليمية، كواحد من انعكاسات تغيّر ميزان القوى الدولي، نحو شكل من التعاون والتفاهم يشمل تركيا وإيران ومصر ودول الخليج العربي، وخاصة السعودية، بما يُقوض الوظيفة الأساسية للكيان في منطقتنا.
ثالثاً: جملة من الإشارات حول الانكفاء الأمريكي، وحول إدارة ملفات المنطقة دون حق فيتو للـ «إسرائيلي»، بل ودون حق تصويت حتى في بعض الحالات... على سبيل المثال لا الحصر:
أ- واشنطن تذهب لمفاوضات مباشرة مع الإيرانيين حول الملف النووي رغم الرفض «الإسرائيلي».
ب- واشنطن تفاوض حماس بشكل مباشر، وبعيداً عن «الإسرائيلي».
ج- مستشار الأمن القومي الأمريكي تجري إقالته من منصبه بتهمة التعاون مع نتنياهو من وراء ظهر رئيسه.
د- تعمق مستوى التفاهمات بين إيران والسعودية، وصولاً إلى طلب إيران أن تكون السعودية شريكاً في الاتفاق النووي كمراقب مباشر للتنفيذ، وإلى تصريحات غير مسبوقة لوزير الدفاع السعودي، اعتبر فيها إيران «أخاً وصديقاً وجاراً كريماً»! وذلك بالضد تماماً من استهدافات اتفاقات أبراهام، وخرافة «الناتو العربي».
هـ- الانسحاب الأمريكي الجزئي من سورية، والذي يمكن أن يتحول في أي وقت قادم إلى انسحاب كامل.
و- فشل نتنياهو وحكومته وجيشه في تحقيق أي هدف من أهداف عدوانه على غزة، وارتفاع ضرورات إنهاء هذا العدوان، من وجهة نظر «إسرائيلية» داخلية، ومن وجهة نظر أمريكية أيضاً.
هذه العوامل والمؤشرات كلها، وغيرها مما لم نذكره هنا، يسمح بتكوين صورة أوضح عن أسباب شراسة «الإسرائيلي» الذي يسعى لخربطة الأوراق على أمل الفرار من الحساب القادم، ومن المصير الذي تفرضه التوازنات الدولية والإقليمية.
ريثما يتحقق الانعكاس الكامل للتوازنات الجديدة، فإن «الإسرائيلي» قادر على إيذاء بلادنا حتى الموت والتقسيم، في حال سمحنا له بذلك...
المخرج الوحيد، والطريقة الوحيدة في احتواء الشراسة الصهيونية ومنعها من تحقيق أهدافها، هي توحيد السوريين. وتوحيد السوريين لا طريق له إلا التماسك والتعاون ونبذ الطائفية بكل أشكالها، والانخراط سريعاً في العمل من أجل مؤتمر وطني عام تنتج عنه حكومة وحدة وطنية، وبما ينسجم مع إنفاذ حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه، على أرضه الواحدة الموحدة السيدة، الأمر الذي يمثل جوهر القرار 2254، الذي كان وما يزال صالحاً كخارطة عامة للخروج من الكارثة السورية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1225