جرمانا... صحنايا... السويداء... الخلاصات، وما العمل؟
شهد الأسبوع الماضي توتراً عالياً في كلٍّ من جرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق، وفي محافظة السويداء في عدة نقاط منها، بما في ذلك محيط مدينة السويداء وقرية الصورة الكبيرة على طريق دمشق السويداء.
التفاصيل التي يمكن الحديث عنها كثيرة جداً، وربما مفيدة وضرورية- إلى هذا الحد أو ذاك- لمحاولة فهم المشهد العام، واستخلاص النتائج. ولأن التفاصيل معروفة بمعظمها، (رغم أن هنالك قدراً هائلاً من التزييف والأخبار الكاذبة والتحريضية التي تملأ الفضاء الإلكتروني)، فإن الأهم هو وضع الخلاصات والنتائج الأساسية التي تسمح بقطع الطريق على تكرار هذا التوتر وتعمقه نحو سفك مزيد من الدماء السورية...
الخلاصات الأساسية
- أولاً: اعتماد الحلول الأمنية الأحادية الجانب في التعامل مع أي حالة من حالات الانفلات ضمن البلاد، تؤدي بالضرورة إلى مزيد من الانفلات والتوتر، ولا تسمح بالتعامل مع جذور المشكلات القائمة.
- ثانياً: كل تأخير في تحقيق الحوار الوطني الفعلي، وفي تحقيق المشاركة السياسية الحقيقية، يعني ارتفاع مستوى المخاطر، وارتفاع مستوى التدخلات الخارجية التخريبية.
- ثالثاً: مستوى التخريب «الإسرائيلي» يرتفع بشكل مطرد، ويستند إلى الثغرات والاختراقات الموجودة لدى كل الأطراف السورية، وكلما تأخر التفاهم والتوافق بين السوريين، سيزداد مستوى التدخل «الإسرائيلي» وسيصبح أكثر قدرة على التخريب وعلى تقسيم أبناء البلد الواحد ضد بعضهم البعض.
- رابعاً: التحريض الطائفي، والخطاب الطائفي، هو المدخل الأساسي لتعظيم حجم التخريب «الإسرائيلي». وكل جهة تتبنى خطاباً طائفياً مباشراً أو مبطناً، تعمل من حيث تدري أو لا تدري لمصلحة الكيان، وضد المصلحة الوطنية السورية، هذا الأمر ينطبق على من يحسبون أنفسهم مؤيدين للسلطة القائمة، أو من هم ضمنها ويدفعون باتجاهات طائفية، وينطبق أيضاً على الموجودين ضمن المجتمع السوري والذين يدفعون نحو خطاب طائفي، بغض النظر باسم أي طائفة يجري هذا التحريض.
- خامساً: تعلمنا تجربة الساحل، أن كل حدث داخلي ذي بعد طائفي، ينتج ضعفاً إجمالياً للبلد ككل، ويزيد من حجم التدخلات الخارجية.
- سادساً: موضوع السلاح المتفلت، يشمل ضمناً داعش (التي «بشّرنا» الأمريكي في تحذيرين أطلقهما الشهر الماضي بأنها ستعود لنشاطها السابق!)، سواء كتنظيم أو كفكر يلبس لبوس فصيل هنا أو فصيل هناك، وعملية حصر السلاح ينبغي أن تستهدف هؤلاء بالدرجة الأولى، لأن الأحداث تثبت أنهم قابلون للتوظيف والاستخدام ضد البلد وأهلها، باختلاف انتماءاتهم ومشاربهم ومعتقداتهم، ولمصلحة الصهيوني والأمريكي.
ما العمل؟
المخرج الوحيد من الانزلاق نحو فتنة طائفية شاملة، ونحو مقتلة لا تُبقي ولا تذر... والمخرج الوحيد من التدخلات الصهيونية التخريبية المتعاظمة، هو توحيد السوريين وتجميعهم حول حلم مشترك في بناء بلد عزيز كريم، يعيشون فيه إخواناً متحابين متعاونين، وتظللهم العدالة الحقيقية بأبعادها المختلفة، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية. ولا يمكن لتوحيد السوريين أن يتم تحت سطوة العقول الثأرية والطائفية الضيقة، بل يمكن أن يتم فقط عبر حوار السوريين فيما بينهم، بحيث يقررون مصيرهم بأنفسهم ودون تدخل خارجي، وهذا هو جوهر القرار 2254 الذي ما يزال صالحاً، والذي ما يزال الخارطة الفعلية الوحيدة لحل يحافظ على وحدة سورية وسيادتها.
بهذا المعنى، فإن المطلوب، وعلى وجه السرعة، العمل من أجل المؤتمر الوطني العام الشامل لجميع السوريين، عبر تمثيلات حقيقية وازنة، يتم فيه نقاش كل القضايا العالقة، والخروج بحكومة وحدة وطنية تقود البلاد نحو بر الأمان، وتستند في سياساتها الخارجية إلى التوازن الدولي الجديد، بحيث لا تكون لاهثة وراء الغرب، والأمريكان، الذين لن يرفعوا عقوباتهم في أي وقت قريب، وبحيث تكون معتمدة على الموارد المحلية بالدرجة الأولى، وعلى أساس التوافق بين السوريين، على حلم مشترك يجمعهم...
هذا كله ممكن، وقابل للتطبيق، وتتحمل مسؤولية أساسية عن المباشرة فيه، السلطة القائمة حالياً، ومعها تتحمل القوى الوطنية المختلفة مسؤولية الدفع باتجاه توحيد السوريين، ونبذ تقسيمهم على أسس طائفية ودينية وقومية، لأن في انقسامهم هذا خسارتهم جميعهم، وخسارة بلادهم.
البلاد تقف فعلاً على حافة هاوية، ولكنها قادرة على تجاوزها... وتجاوزها غير ممكن دون تعاون أبنائها، ودون تغليب صوت العقل والمنطق والصوت الوطني، على الأصوات الانتقامية والطائفية الضيقة... والطريق واضح: المؤتمر الوطني العام، وحكومة الوحدة الوطنية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1225