افتتاحية قاسيون 1214: «مؤتمر الحوار الوطني» أو/و «المؤتمر الوطني العام»؟
جرى الإعلان يوم الأربعاء الماضي، 12 شباط 2025، عبر بيان صادرٍ عن الرئاسة السورية، عن تشكيل اللجنة التحضيرية لـ«مؤتمر الحوار الوطني»، والتي ضمت في تشكيلتها 7 أعضاء.
قبل أي حديث عن تشكيلة اللجنة التحضيرية، ينبغي الانتباه إلى أن ما يجري التحضير له هو «مؤتمر حوار وطني» ينتج عنه -كما صرح المتحدث باسم اللجنة التحضيرية- «توصيات» وليست قرارات.
أي إننا أمام مؤتمرِ حوارٍ ذي طبيعة تشاورية. وبطبيعة الحال، فإن كل حوارٍ بين السوريين هو أمرٌ محمودٌ ومطلوب، ولكنه ليس نهاية المطاف؛ فالمطلوب كان وما يزال مؤتمراً وطنياً عاماً، تتمثل فيه مختلف التيارات السياسية والاجتماعية في سورية، مع مراعاة التنوع السوري، ويكون سيد نفسه وصاحب قرار في الشأن السوري، ووسيلةً من وسائل إنفاذ حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه... أي أن المؤتمر الوطني العام المنشود ينبغي أن يكون أقرب إلى «جمعية تأسيسية» تكون مخوّلة بوضع الأساس لصياغة دستور دائم، ولقوانين انتخاب وأحزاب وإعلام، وصولاً للإشراف على انتخابات حرة ونزيهة على المستويات كافة، تكون نقطة النهاية للمرحلة الانتقالية.
التفريق المنهجي بين «مؤتمر الحوار الوطني» الذي تحضّر له اللجنة المشكلة من الرئاسة السورية من جهة، وبين «المؤتمر الوطني العام» من جهة أخرى، هو أمرٌ بالغ الأهمية في تحديد المرحلة التي وصلنا لها، وفي تحديد المهام والمراحل التالية.
هذا التفريق المنهجي، لا يقلل –كما أسلفنا- من أهمية أي حوارٍ يجري بين السوريين، ولكنه يضعه موضعه الصحيح، ويؤطر مهامه بشكلٍ أكثر وضوحاً.
بهذا المعنى، فإن تجربة مؤتمر الحوار الوطني، ليست تجربة جديدة بالكامل؛ فاللقاء التشاوري الذي ترأسه السيد فاروق الشرع في تموز 2011، كان أيضاً لقاءً تشاوريَّ الطابع، صدرت عنه جملة من التوصيات، كان تنفيذها كفيلاً بتغيير المسار المأساوي الذي سارت ضمنه البلاد، لكن تعنّت الأسد وقفزه فوق الغالبية العظمى من التوصيات قاد البلاد نحو الكارثة. كما أن عدم شمولية لقاء تموز 2011 التشاوري، وغياب قوىً وتيارات متعددة عن حضوره، أسهم في إضعافه وإضعاف نتائجه، والتي كان من المفترض أن تؤسس لمؤتمر وطني عام ما يزال استحقاقاً وطنياً ينتظر التنفيذ حتى هذه اللحظة، وسيبقى على جدول العمل بعد انعقاد «مؤتمر الحوار الوطني» القادم.
بما يتعلق بتشكيلة اللجنة التحضيرية، فإنها لم تعبر عما يكفي من سعة التمثيل السياسي والاجتماعي وشموله، بحيث تؤسس نقطة انطلاق لمخرجات شاملة وواسعة التمثيل... من المفهوم أن عدد أعضاء اللجنة التحضيرية ينبغي أن يكون محدوداً ومنطقياً، ولكن كان من الممكن ضمن العدد نفسه، تحقيق تمثيل أكثر اتساعاً وشمولاً بالمعنى السياسي والاجتماعي، وهو أمرٌ ما يزال قابلاً للتصويب عبر عمل اللجنة بقوامها نفسه، أو عبر توسيعه.
الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية عن تشكيلة اللجنة، هو أجندة العمل التي ينبغي إطلاق أوسع حوارٍ سوريٍ علني حولها، ليس مع اللجنة وحدها فقط، بل وبين السوريين، كل السوريين، وفي أنحاء سورية كلها وخارجها.
أخيراً، فإن نجاح أو فشل «مؤتمر الحوار الوطني»، لن يتحدد فقط بالتوصيات التي ستنتج عنه، ولكن سيتحدد بأربعة أمورٍ معاً:
أولاً: سعة التمثيل وشموليته.
ثانياً: نوعية وطبيعة التوصيات التي ستنتج عنه.
ثالثاً: التزام السلطات بالأخذ بالتوصيات وتطبيقها.
رابعاً: التعامل مع هذا المؤتمر بوصفه خطوة تمهيدية للمؤتمر الوطني العام، صاحب القرار النهائي بما يخص صياغة الدستور الدائم، وقوانين الانتخاب والأحزاب والإعلام، والإشراف على الانتخابات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1214