سورية على الطريق الجديدة… لقمة الشعب خط أحمر
مع بدء الحركة الاحتجاجية في سورية في آذار 2011 اجتمعت هيئة تحرير جريدة قاسيون الناطقة باسم حزب الإرادة الشعبية في دمشق، وهناك اتخذ القرار بفتح ملف بعنوان «سورية على مفترق طرق» كان الهم الأساسي في حينها أن يتحمل الحزب مسؤوليته السياسية، ويقدم لجمهوره حصيلة خبرته السياسية، ورأيه في القضايا المختلفة، استناداً إلى منصة علمية رصينة، وفي ذلك الوقت انكبت كوادر الحزب الشابة على كتابة عشرات المقالات لنقاش القضايا الأساسية المطروحة، لكن صوت السلاح دفع ملايين السوريين للانكفاء مجدداً، والابتعاد المؤقت عن العمل السياسي، ومع تعقد الأزمة ضاقت فسحة الأمل، وجرّفت البلاد من أهلها، وظل الباقون فيها جالسين ينخرهم اليأس... أما اليوم، وقد سطعت الشمس مجدداً، ودفّأت العظام الباردة، فإننا نواصل من منبر «قاسيون» وحزب الإرادة الشعبية من خلفها، وعبر الأقلام الشابة بشكل أساسي، طرح مجموعة من المسائل أمام السوريين، علّها تركّز الضوء على المخرج الوحيد من أزمة وطنية وسياسية عميقة، جثمت فوق صدورنا لسنوات... سعياً وراء انتصارات أكبر قادمة... لأن أجمل الانتصارات هي تلك التي لم تأتِ بعد...
خطوة بالاتجاه الصحيح
في لحظة مهمة تلت الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزّة، طالب قائد الإدارة السورية المؤقتة أحمد الشرع، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء القطري، «إسرائيل» بالعودة إلى خطوط اتفاق 1974. فما القصة؟ وما سر التزامن بين الحدث والتصريح؟
كان واضحاً أن السوريين بدأوا يعبرون عن موقفهم الواضح من «إسرائيل» بعد أن نفضوا غبار السلطة السابقة وشعاراتها المنافقة عنهم، وشهد الشارع السوري حتى اللحظة عدة أحداث بارزة ضمن هذا الاتجاه، أولها: كان في ريف درعا، عندما خرجت مظاهرات في قرى حوض اليرموك ومنها قرية معرية لرفض التوغل «الإسرائيلي»، ثم تلاها منذ أيام مظاهرة أخرى في حمص تحث الإدارة الجديدة على وقف غطرسة العدو، ما عكس بوضوح أصالة الشعب السوري وحساسيته تجاه كل ما يمس كرامته.
وجاء موقف الإدارة المؤقتة في سورية متماشياً مع المزاج الشعبي، وعبّر عنه الشرع للمرة الأولى بشكلٍ واضح أثناء مؤتمر صحفي جمعه مع رئيس الوزراء القطري حين قال: «(إسرائيل) كانت تبرر سلوكها السابق بوجود المليشيات الإيرانية وحزب الله»، واليوم اختلف الوضع، لكن السلوك لم يتغير، وطالب على هذا الأساس بانسحاب القوات المعتدية إلى حدود اتفاق 1974.
الخطوة مطلوبة وفي الاتجاه الصحيح. وإذ كان البعض يقول: إننا في سورية نمر في لحظة ضعف، ولا نستطيع المطالبة بحقوقنا تحديداً بوجه «إسرائيل»، إلا أن اتفاق وقف إطلاق النار أثبت أن «إسرائيل» ليست بالقوة التي تحاول تصوير نفسها بها، وأن اللحظة مواتية لوضع حدٍ للاعتداءات المتكررة التي سرقت فرحة السوريين.
«مرطبات سياسية» في مقهى الكمال وسط دمشق
وجّه شباب من حزب الإرادة الشعبية دعوة للشباب في دمشق لحضور ندوة حوارية بعنوان «مرطبات سياسية» للحديث عن طرح الحزب حول المستجدات الأخيرة في سورية، ووقع الاختيار على مقهى الكمال، لأنّه كان ولا يزال مركز تجمع للشباب الذين اعتادوا قضاء وقتٍ طويل فيه، وما إن سقطت السلطة في سورية حتى تبدل نشاط عدد كبير من زواره؛ فبدلاً من لعب أوراق الشدة أو طاولة الزهر، بدأ الحدث السياسي يطغى على المقهى كغيره من أماكن التجمع، ولذلك كانت رغبتنا أن ننطلق في سلسلة نشاطاتنا في مدينة دمشق من هذا المكان بالتحديد. وقّدم كل من مهند دليقان أمين حزب الإرادة الشعبية، وأحمد الرز وعلاء أبو فرّاج القياديان في منظمة الشباب في دمشق، عرضاً مكثّفاً لثلاثة محاور، خصص الأول للجواب عن سؤال «كيف وصلنا إلى هنا؟» ركّز على الفرص التي أضاعها كل من النظام والمعارضة في الوصول إلى حل، وخاصة رفض النظام للتسوية مع تركيا، ثم بدأ المحور الثاني الإضاءة على حجم المشاكل الماثلة أمام السوريين، والتي ينبغي حلّها في الجانب الاقتصادي والسياسي والوطني، ثم كان المحور الأخير منصباً على ضرورة العمل السياسي المنظم لإنجاز التغيير القادم، واختتم المحور الثالث بدعوة مفتوحة للحضور كلهم لتنظيم صفوفهم، والبحث عن القوى السياسية الجدية القادرة على إقناعهم، والتعرف عليها، ووضعها تحت الاختبار لتحديد مدى صلاحيتها وقدرتها على تمثيل مصالح السوريين بشكل حقيقي.
بدأ بعد ذلك حوار طويل مع الحضور الذين قدّموا مداخلاتهم وطرحوا أسئلة كثيرة وجريئة عكست إلى حد كبير مدى رغبة الشباب السوري في البحث عن المخارج والحلول، وعن القيام بدور فاعل.
أنظار السوريين معلّقة على الشمال الشرقي!
يكاد لا يمر أي حديث سياسي دون أن يتطرق لما يجري في الشمال الشرقي السوري والسيناريوهات المحتملة لتطور الأمور هناك. وفي الحقيقة، يعكس هذا الاهتمام إحساس السوريين بحرصهم على إعادة توحيد بلادهم، بعد أن استمرت تقسيمات الأمر الواقع لسنوات، والأهم: أن هذا الاهتمام ينطلق من فكرة جوهرية هي الرغبة بحقن الدماء والبحث عن توافقات.
إذا نظرنا بشكلٍ واقعي لما يجري مؤخراً في ملف المفاوضات المستمرة بين الإدارة المؤقتة الجديدة في دمشق والإدارة الذاتية في الشمال الشرقي، نرى أن معالجة هذا الملف يمكن فقط من خلال أحد احتمالين؛ الأول: يكون باستخدام القوة، وهو خيار يعرف السوريون مرارته وكوارثه، ويعلمون أنه سيجلب بالضرورة مزيداً من الدمار والتدخلات الخارجية. الثاني: فهو عبر توافق متين يتبلور بالجلوس حول طاولة حوار بين الأطراف السورية كلها، لبحث شكل مستقبل سورية الجديدة، ولتكون للسوريين كلهم.
قد يظن البعض أن التوافق يعني نهاية تجربة الإدارة الذاتية، لكن إذا وقفنا قليلاً أمام هذه الفكرة تبين لنا أن هذه التجربة هي في الحقيقة ملكٌ للسوريين كلهم، بحسناتها وسيئاتها، وأن الوصول إلى توافق يعني فعلياً «تأميم التجربة» لصالح السوريين كلهم؛ ففي سورية، وأثناء السنوات العجاف التي مرّت، أنتج السوريون العديد من التجارب في إدارة شؤون مناطقهم، ولم تكن الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي هي الوحيدة، بل كانت هناك تجربة في الشمال الغربي، وتجربة أخرى في السويداء، وتجارب مختلفة في درعا، وعلى هذا الأساس يمكننا اليوم أن نصهر هذه التجارب كلّها ونفصلها عن الأخطاء التي تخللتها، لتكون بمجموعها درساً لنا جميعاً، نستفيد منه عبر الحوار، لإعادة بناء سورية.
جيش العاطلين عن العمل والأمن الوطني!
تنضم بشكل يومي شرائح وفئات جديدة، وبشكلٍ متسارع وبأعداد كبيرة، لجيش العاطلين عن العمل. من هؤلاء من فقد عمله تحت ضغط المنافسة الساحقة، التي تسبب بها فتح الحدود للبضائع الأجنبية دون وجود معايير ضريبية واضحة، ما أضعف المنتج المحلي، وسبب إغلاق ورشات عديدة، وخاصة تلك المشتغلة بالألبسة الجاهزة.
كذلك انضمت أعداد من المسرحين حديثاً من جهاز الدولة بقطاعاته المختلفة. وإلى جانب هؤلاء يجد كثير من الشبان الذين حملوا السلاح سابقاً أنفسهم بلا عمل حالياً.
لا توجد أي تقديرات موثوقة حول عدد العاطلين عن العمل في سورية اليوم، ولكن المؤكد: أن نسبة البطالة هي نسبة ضخمة جداً، وأن عدد العاطلين عن العمل هو بالملايين.
ينبغي التعامل بحكمة وبسرعة مع هذه الظاهرة، لأن استمرارها وتفاقمها يشكل تهديداً للأمن الوطني للبلاد، لأن كل إنسان سيحاول في النهاية البحث عن سبل لإعالة نفسه وإطعام أطفاله، وإذا لم تتوفر سبل قانونية للقيام بذلك، فإن الباب سيكون مفتوحاً موضوعياً أمام تفشي الجريمة الفردية والمنظمة، وكذلك فإن التدخلات الخارجية وشراء الذمم ستصبح أكثر انتشاراً وخطراً...
تدوير عجلة الإنتاج، والتريث والحكمة في التعامل مع موظفي قطاع الدولة، أمرٌ بالغ الأهمية في إدارة الأمور ودفعها نحو برّ الأمان والاستقرار...
صحف الكيان: فشلنا
نشر موقع «هآرتس» العبري مقالاً في 14 كانون الثاني، قال فيه: «ستضطر إسرائيل إلى قبول الاتفاق الجارية بلورته على مضض. وكما شككنا منذ البداية، لا يضمن الاتفاق القضاء على حُكم «حماس»، على الرغم من وعود نتنياهو ووزرائه. إن الحاجة إلى إنقاذ 50 مخطوفاً حياً قبل أن يموتوا في الأنفاق، معناه التخلي عن الهدف المعلن للحرب، أي التدمير الكامل لحكم «حماس». ولا شك في أن «حماس» ستستغل إطلاق سراح هذا العدد الكبير من الأسرى من أجل تحصين موقعها وسط الجمهور الفلسطيني، وفي الضفة الغربية. فالانسحاب من نتساريم، ثم في المرحلة الأولى، الانسحاب بصورة جزئية من محور فيلادلفيا، سيقيّدان سيطرة الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.
على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها «حماس»، فإنه من الواضح أن العملية لم تؤدّ إلى نتيجة حاسمة. المعارك في جباليا تراجعت، ويُفترض أنه بقيَ هناك عدة عشرات من «المخربين» الناشطين، وعدد مشابه لا يزال ناشطاً في بيت حانون، لكن على الرغم من ذلك، فإنهم نجحوا في تكبيد الجيش خسائر جسيمة، وعلى ما يبدو، يستخدم «المخربون» أنفاقاً لم يُكشف عنها بعد، ويعتمدون على كميات من الغذاء والسلع التي خزّنتها «حماس» في الأنفاق شهوراً طويلة».
النشاط في درعا... على قدم وساق
تشهد محافظة درعا، أسوة بالمحافظات السورية الأخرى، نشاطاً اجتماعياً وسياسياً عالياً، يعبر عن رغبة أهل درعا بإعادة الحياة لمحافظتهم على الصعد كافة.
يوم السبت، نظمت اللجنة التنفيذية الجديدة التابعة للاتحاد الرياضي العام في درعا بطولة «النصر» للعبة الشطرنج، والتي أقيمت في حي الكاشف في مدينة درعا، وشارك فيها 40 لاعباً من مختلف الشرائح العمرية.
بالتوازي، يواصل فريق عمل تطوعي مكون من طلاب الجامعات، عمله المستمر منذ أكثر من 20 يوماً، حملة تنظيف وتزيين تطوعية لمشفى «ازرع» الوطني. وقسم الفريق عمله إلى مرحلتين، في الأولى ركز الفريق على أعمال التنظيف، وبدأت مرحلته الثانية التي تتضمن رسم لوحات فنية على جدران المشفى، والتي من المتوقع أن تصل إلى نهايتها بعد أيام قليلة.
كذلك، فقد تجمع الأهالي في جاسم شمال درعا يوم الأربعاء الماضي للاحتفال بافتتاح دوار الشاعر أبو تمام، والذي جرى ترميمه بعمل تطوعي قام به أبناء المدينة.
كما شهدت المحافظة فعاليات اجتماعية وسياسية متنوعة في أنحائها كلها، تعبر بمجموعها عن درجة نشاط عالية بين الأهالي، وعن رغبة كبيرة بالعمل والبناء وإعادة الألق لمحافظتهم وبلدهم.
عرّف ما يلي: النظام...
منذ أن بدأت الاحتجاجات في تونس، بدأ الناس يرفعون شعارات نادت بإسقاط النظام، وبدأ ينتقل هذا المطلب من بلدٍ إلى آخر، لكن إذا ما أردنا حقاً أن نسأل: ما هو النظام؟ هل هناك فهم واحد واضح لهذه الكلمة ودلالتها؟
ما هو النظام؟
النظام السياسي هو في الواقع مجموعة من السياسات التي تحدد شكل البلد وطبيعة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين سكانه، وترسم علاقة هذا البلد مع محيطه في الإقليم والعالم، ويشمل على هذا الأساس السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية التي يختص الدستور بوضع صلاحيات كلٍّ منها وعلاقتها بالسلطات الأخرى.
كيف يمكننا معرفة طبيعة النظام؟
يتحدد النظام في الواقع على أساس كيفية توزيع الثروة التي يتم إنتاجها في المجتمع، وحصة غالبية أبناء البلد من هذه الثروة، ففي سورية مثلاً: كان النظام السياسي يقوم على أساس أن يحصل 90% من السوريين على 20% من ثروة البلاد، بينما تحصل فئة صغيرة على 80% من الثروة، وكان النظام السياسي في سورية يعمل للحفاظ على هذا الشكل المجحف من توزيع الثروة، وهو ما جوّع السوريين وأفقرهم خلال سنوات طويلة.
هل تغيير الرئيس يعني تغيير النظام؟
كما قلنا سابقاً: يقوم النظام على مجموعة من السياسات في المجال الاقتصادي، وشكل وطبيعة الحكم، بالإضافة إلى موقفه من القضايا الوطنية في البلاد، وعلى هذا الأساس يعتبر الرئيس بلا شك جزءاً مهماً من النظام السياسي، وخصوصاً إذا ما كان هذا البلد يعتمد النظام الرئاسي للحكم، لكن وجود رئيس بعينه أو رحيله لا يعني بالضرورة تغيير النظام، فالنظام يتغير عندما تتغير السياسات السابقة كلها، والبنية القانونية التي كانت قائمة سابقاً، والأهم من ذلك أن النظام يتغير عندما يتغير شكل توزيع الثروة داخل البلد، ففي المثال السوري الملموس ما حدث حتى الآن هو أن الرئيس سقط والسلطة السابقة سقطت، ولكي يتم فعلياً تغيير النظام بشكلٍ نهائي، ينبغي أن يحصل 90% من السوريين على حصّة عادلة من الثروة التي ينتجونها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1210