افتتاحية قاسيون 1185: العالم الجديد سيُصاغ شرقاً... ضمناً سورية!

افتتاحية قاسيون 1185: العالم الجديد سيُصاغ شرقاً... ضمناً سورية!

أثارت اللاورقة المتعلقة بسورية التي أطلقتها مجموعة دول أوروبية مؤخراً، وكذلك تعيين سفير إيطالي في سورية بعد انقطاع طويل، جملة من ردود الأفعال.

وكما هي العادة في وسائل الإعلام المحسوبة على المتشددين من الطرفين السوريين، ظهر تطابق كامل تقريباً في قراءة وتفسير هذه المستجدات، وإنْ ترافق ذلك مع أهازيج على جانب، ولطم وندب على الجانب المقابل.

اتفق المتشددون على أنّ هذه المستجدات هي استكمالٌ لعملية «التطبيع مع النظام»، التي يمكنها أن تصل في نهاية المطاف بسورية إلى ما قبل 2011.

تكمن الحقيقة، فيما نعتقد، في مكانٍ آخر تماماً، تكشفه كلماتٌ مفتاحية ضمن اللاورقة نفسها، المشار إليها آنفاً؛ فاللاورقة التي تتحدث عن سياسة جديدة تجاه سورية، تفصح عن هدفها بالكلمات التالية: «زيادة نفوذنا السياسي [في سورية]».

وهذه الكلمات المفتاحية تكشف ضمنياً حقيقة تراجع الوزن الأوروبي والغربي عموماً في سورية، وهذه «المواقف الجديدة» بهذا المعنى، هي محاولة للدخول من الشباك بعد أن تمّ إغلاق الباب.

الشباك الذي تريد القوى الغربية الدخول منه، هو شباك «تغيير سلوك النظام»، عبر «خطوة مقابل خطوة»؛ وجوهر هذه العملية هو محاولة نسف 2254، والذهاب نحو تعميق الأزمة وإطالتها وتكريس تقسيم الأمر الواقع. وأكثر من ذلك، فإنّ التوقيت يكشف عن سعيٍ

غربيٍ محموم لمحاولة قطع الطريق على التسوية السورية التركية، وعلى عمل أستانا باتجاه الحل السياسي وباتجاه تطبيق 2254، عبر محاولة إحداث توازنٍ هدفه تصفير المحصلة، وإبقاء الواقع القائم على حاله، والسماح له بمزيد من التردي والتدهور.

رغم هذه المحاولات، فإنّ الوقائع أشياء عنيدة، ولا تنفع معها مساحيق التجميل؛ فالوزن الغربي، ليس في سورية فقط، بل وفي العالم بأسره، هو في تراجع متسارعٍ ومستمر، وعلى المستويات كلها: الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية والروحية...

بالمقابل، وضمن الصراع الجاري عالمياً وفي منطقتنا، فإنّ عملية صياغة العالم الجديد تجري بالضبط على يد القوى الصاعدة، على يد الشرق. وينبغي للقوى الوطنية السورية التي ما تزال لديها أوهام حول وزن الغرب وقدرته على تقرير مصير بلادنا، أو التأثير الجدي في هذا المصير، أن تتخلص بأسرع وقت من هذه الأوهام، لأنها أوهام ضارة وقاتلة.

الحل في سورية لن يكون غربياً بحالٍ من الأحوال، وإنما سيكون شرقياً، بأيادٍ سورية وبإرادة سورية، وعبر تفاهم وتعاون بين مجموعة أستانا والصين، ومجموعة من الدول العربية الأساسية في مقدمتها مصر والسعودية.

وكذلك، فإنّ الحل سيكون عبر «2254 فقط ولا شيء غيره... كاملاً والآن!»، ولن يكون عبر «خطوة مقابل خطوة» أو عبر «تغيير سلوك النظام» ... ناهيك عن «سياسة أوروبية جديدة»، هي في الحقيقة استمرارٌ للسياسة القديمة، ولكن ضمن طورٍ أكثر وضوحاً وعلنية، وبتكليف أمريكي في نهاية المطاف، وبهدف إطالة الأزمة وتعميقها!

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1185
آخر تعديل على الأحد, 18 آب/أغسطس 2024 22:36