شهداء مجدل شمس... «سرقت دموعنا يا ذئب»!
وصل عدد شهداء القصف الذي طال مجدل شمس السورية المحتلة يوم 27 الجاري إلى 12 شهيداً، إضافة إلى عشرات الجرحى معظمهم من الأطفال، ولا تزال هنالك 7 حالات حرجة ضمن المصابين.
السرديات المختلفة التي يجري تقديمها حول الهجوم، تنطلق في الغالب من الخلفيات السياسية لمطلقيها، ودون نظرةٍ تحليلية وواقعية إلى ما جرى، ومع قطع كامل عن السياق.
وعلى هذا الأساس، لم يتأخر مسؤولو الكيان عن اتهام حزب الله بالهجوم، وسارعوا إلى إطلاق التصريحات والتهديدات، في محاولة منهم لاختلاق سردية إعلامية شبيهة بسرديتهم حول 7 أكتوبر، لتبرير مزيد من الإجرام والقتل والإبادة الجماعية التي يرتكبها المحتل.
أكثر ما ينطبق على السلوك «الإسرائيلي» تجاه هذه المجزرة، هو قول الشاعر الراحل محمود درويش:
سرقت دموعنا يا ذئب
تقتلني، وتدخل جثتي، وتبيعها!
فالكيان يقدم نفسه في سرديته المعلنة، حامياً ومدافعاً عن أهل الجولان! في قطع كامل مع تاريخ طويل ومستمر من القمع والتضييق والظلم الذي يتعرض له أبناء الجولان، السوريون والعرب، وأصحاب الأرض السورية رغماً عن نتنياهو وعن كيانه.
أبعاد الهجوم
قراءة الحدث انطلاقاً من المعطيات، تشير إلى أنّ ما أصاب ملعب الأطفال هو صاروخ قبة حديدية ضلّ طريقه، وهذه الفرضية تتحدث بها وسائل إعلام الكيان نفسه. وقراءةٌ سياسية للحدث، تسمح بالقول: إنّ المستفيد الأول والأخير من هذه المجزرة هو الكيان الصهيوني وحكومة نتنياهو، ومحاولة تحميل حزب الله مسؤوليته هي ضربٌ من الحقد السياسي الأعمى، الذي يصل حدّ فقدان البوصلة، وحدّ تخديم دعاية العدو، انطلاقاً من فهم خاطئ وقصير النظر للمصالح، بما فيها المصالح الأنانية والضيقة.
فليس لحزب الله أي مصلحة في استهداف من هذا النوع، ناهيك عن أنّ مجدل شمس هي أكبر القرى السورية المحتلة في الجولان، وليس ضمنها أي هدف استيطاني يمكن أن يستهدفه حزب الله، و«يخطئ» باستهدافه.
فرضية إضافية
ينبغي أيضاً، إذا أردنا رؤية الأمور بأبعادها السياسية الفعلية، أن نضيف فرضية لا يكاد يطرحها أحد في الإعلام، وهي أنّ الاستهداف ليس نتيجة صاروخ قبة حديدية ضل طريقه، بل هو استهداف «إسرائيلي» مقصود لأهلنا في الجولان المحتل، وبالذات لسرقة دمائهم والمتاجرة بها.
وضع هذه الفرضية، على الأقل بالمعنى السياسي، له ما يبرره؛ فأولاً: وقبل كل شيء، ليس غريباً على هذا الكيان أن يخوض في الدم وفي المجازر بلا أي شفقة أو رحمة أو أي اعتبار إنساني، وهو أمر لا حاجة لإثباته، فهو مرسوم بدم وعظام ولحم مئات الآلاف من ضحاياه عبر التاريخ.
وثانياً: شهداؤنا هؤلاء هم من الـ«غويا» بالنسبة للصهيوني، هم رتبة أدنى من البشر، هم أغيار يحل قتلهم وتحل استباحتهم... وهم إلى ذلك سوريون أصيلون لم تنفع معهم لا سياسات الإغراء ولا سياسات القهر، في تجنيدهم في صفوف جيش القتلة «الإسرائيلي».
كل ذلك، يجعل من المنطقي افتراض أنّ «الحادثة» مدبرة على يد «الإسرائيلي»، ولأغراض بدأت بالتكشف، وستتكشف بشكل أوضح مع الوقت، وعلى رأسها زرع بذور الفتنة ضمن المنطقة، ومحاولة الاستفادة الانتهازية الدنيئة من الأبعاد الطائفية...
مع ذلك، فإنّ هذه المحاولات لن تغير شيئاً من المحصلة النهائية للمعركة التي يخسر فيها الصهيوني، ويخسر فيها معلمه الأمريكي، والتي ستفتح الباب نحو تغيير شاملٍ لوجه المنطقة بأسرها، بين علاماته الأساسية الفارقة، ستكون عودة الجولان السوري المحتل إلى سورية موحدة جديدة، يحكمها نظام جديد يختاره الشعب السوري بملء إرادته، ويعبر عنه تعبيراً كاملاً...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1185