افتتاحية قاسيون 1182: هل اقتربت التسوية السورية-التركية؟

افتتاحية قاسيون 1182: هل اقتربت التسوية السورية-التركية؟

سجّل «الإرادة الشعبية» موقفاً داعماً لحصول تسوية سورية-تركية برعاية أستانا، منذ اللحظة الأولى التي بدأ الحديث فيها عن هذا الموضوع أواسط عام 2022. وليس من المبالغة القول إنه كان من أوائل من نظّروا لهذه الفكرة وأهميتها على صفحات قاسيون قبل حتى أن يتم الإعلان عنها. ورغم الهجمات المعتادة والمتوقعة من أعداء الحل السياسي من كل الأطراف، إلا أنّه استمر في الدفاع عن موقفه وفي شرحه وتفسيره عبر جملة من المقالات والدراسات.

بين أهم النقاط في موقف «الإرادة» من المسألة ما يلي:

  • مشروع التسوية السورية التركية، هو جزء من جهدٍ مركزه أستانا، وتشترك فيه الصين ودول عربية أساسية. وهو مشروع يهدف إلى الوصول بسورية إلى حالة من الاستقرار مبنية على حل سياسي شامل على أساس القرار 2254، وبالضد تماماً من نهج الفوضى الشاملة الهدامة الأمريكي، الذي ارتدى عبر السنوات الماضية عدة أقنعة بينها «تغيير سلوك النظام»، و«خطوة مقابل خطوة»، وغيرها من الأقنعة، والذي تصدرته دول التطبيع الأبراهيمي وخاصة الإمارات.
  • التسوية هذه، ليست مجرد بابٍ لخروج العسكر التركي من سورية، بل وهي أيضاً باب لتطبيق مزيد من الضغط على العسكر الأمريكي الموجود في سورية باتجاه إخراجه، وهي تالياً أداة في إعادة توحيد التراب السوري.
  • وهي كذلك، باب أساسي لكسر العقوبات والحصار الغربي، والأمريكي خاصة، عبر أوسع حدود برية لسورية، تتجاوز 900 كم، وتصل سورية بالشرق، من روسيا إلى إيران والهند إلى الصين، وتسمح باستفادة فعلية لسورية من مشاريع الحزام والطريق والمشروع الأوراسي.
  • طبيعة التوازنات الإقليمية والدولية القائمة، مع التراجع المزمن في صفوف القوى الغربية، يضعنا في موضع الند مع التركي على طاولة التسوية-المفاوضات، ويسمح بحل جملة من المسائل العالقة التي لا تقتصر على الوجود العسكري، وإنما تتعداه لمسائل المياه وغيرها.
  • مركز ثقل اللجوء السوري هو تركيا، والوصول إلى تسوية معها، سيفتح الباب لتأمين ظروف مناسبة لعودة مئات الألوف وربما ملايين السوريين خلال السنوات القادمة، وهو الأمر الضروري جداً لعودة سورية إلى الحياة مجدداً، ولإعادة إعمارها.
  • إنّ أي تسوية سورية تركية، إنما ستكون جزءاً من حزمة شاملة تتعلق بالحل السياسي والاستقرار واللاجئين، ولن تكون بحالٍ من الأحوال، استنساخاً للنمط من التقارب العربي مع سورية الذي تصدرته دول مثل الإمارات، وسيكون في الوقت نفسه حافزاً إضافياً لوضع تقارب سعودي ومصري مع سورية في إطارٍ أكثر ديمومة وجدية.

إنّ الموجة الجديدة من العمل على التسوية السورية التركية، والتي نعيشها هذه الأيام، تتسم بأنها أكثر جديةً وإصراراً وتصميماً من الموجة السابقة، ويرجع هذا بالدرجة الأولى إلى الاختلال المتعاظم في ميزان القوى الدولي؛ إذ تنتقل القوى المعادية لمخططات التخريب الغربي من حالة المقاومة إلى حالة الهجوم، ومن حالة منع مشاريع الغرب من المرور، إلى حالة تنفيذ مشاريعها هي.

مصلحتنا كسوريين تتقاطع إلى حد كبير مع كل من يقف في وجه النفوذ والتخريب الغربي في منطقتنا. والحل السياسي عبر 2254 طريقه الوحيد الحقيقي هو في كسر إرادة الأمريكان في منطقتنا، وبهذا المعنى فإنّ التسوية السورية التركية، يمكنها أن تتحول إلى مفصلٍ أساسي في مسار الأزمة السورية باتجاه الحل الشامل...

وفي السياق، ينبغي على المتشددين من كل الأطراف، الذين ما يزالون يعوّلون على الأمريكي، الابتعاد عنه بأسرع وقتٍ ممكن، والتخلي عن الأوهام التي يبيعها لهم، ليس لأنّ ذلك من شأنه أن ينقذهم، بل أهم من ذلك، لأنه من شأنه أن يقلل من العذابات، وأن يقصر درب الآلام التي يسير عليها الشعب السوري نحو خلاصه القادم...

(English version)

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
1182
آخر تعديل على الأحد, 07 تموز/يوليو 2024 20:40