كيف ستنعكس المصالحة السعودية - الإيرانية على الملف السوري؟
عبر سنوات عديدة خلال الأزمة السورية، وحتى قبلها بقليل، جرى تصوير سورية بوصفها ساحة صراع وتنافس بين السعودية وإيران. وقد وصل التخريب الثقافي والإعلامي والسياسي الغربي حدّ محاولة تصوير الساحة السورية بوصفها أساساً لتقارب بين «العرب» و«إسرائيل» للوقوف ضد إيران! الآن تهاوت هذه الرواية وهذه المحاولات مرة وإلى الأبد.
المصالحة السعودية- الإيرانية، من وجهة نظر مصلحتنا كسوريين، تعني ما يلي:
أولاً: المجموعة المصغرة الغربية، وبعد أن خسرت تركيا بشكلٍ شبه كامل، وستخسرها قريباً بشكل رسمي مع التسوية السورية- التركية، تخسر الآن السعودية وهي أهم دولة عربية ضمنها. ما يعني أنّ تأثير هذه المجموعة على سورية بات يقترب الآن من التناهي إلى الصفر.
ثانياً: عمليات اللعب على الحبال والابتزاز التي كان يقوم بها المتشددون وتجار الحرب في سورية، بالاستناد إلى ما يشبه تكافؤاً في القوى بين الغرب والشرق في سورية، قد وصلت إلى نهايتها، وتالياً لم يعد من مفر من الحل السياسي الشامل.
ثالثاً: ضمناً، فإنّ سياسة «تغيير سلوك النظام» والـ «خطوة مقابل خطوة» الغربية، قد أغلق الباب عليها نهائياً.
رابعاً: ستسمح هذه المصالحة بتسريع جهود أستانا في التسوية السورية التركية، وستكبّل المعطلين.
خامساً: مع السير في التسوية السورية التركية بالوساطة الروسية الإيرانية، وبعد المصالحة السعودية الإيرانية بالوساطة الصينية، إضافة إلى حل المشكلات بين الدول العربية وتركيا الذي جرى خلال الفترة الأخيرة، فإنّ الظرف الدولي الإقليمي المناسب للتطبيق الكامل للقرار 2254 يكون قد اكتمل، ولم يبق سوى التنفيذ.
سادساً: هذا التكامل في التعاون دون الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وبالضد منهما، يعني أيضاً أن أساس إخراج القوات الأجنبية من سورية، وعلى رأسها قوات الاحتلال الصهيوني من الجولان، وقوات الاحتلال الأمريكي من التنف والشمال الشرقي السوري، هي الأخرى قد اكتملت، وبقي التنفيذ.
سابعاً: حالة العربدة الصهيونية، وامتهان كرامة سورية والسوريين عبر الاعتداءات المستمرة، قد اقتربت من نهايتها، وسينفتح باب رد الصفعة صفعات باكتمال الحل السياسي الذي سيمكن الشعب السوري، بقبضته غير المرتجفة، وغير المتخاذلة، أنْ يمسك زمام الأمور بأسرها.
ثامناً: هذه المصالحة، هي رسالة مهمة جداً لأولي الألباب من الأطراف السورية التي ما تزال تعوّل على الأمريكي، والتي إذا لم تستوعب الرسالة سريعاً، فإنها ستكلف الشعب السوري آلاماً إضافية لا داعي لها، ناهيك عن أنها ستتكلف هي نفسها مستقبلها السياسي بأكمله. وهي إذاً شارة تنبيه وتحذيرٍ ربما تكون أخيرة، أنْ تَعَقّلوا واستوعبوا ما يجري، لمصلحة الشعب السوري أولاً ولمصلحتكم ثانياً.
المصالحة السعودية الإيرانية، وكما قالت قاسيون في افتتاحيتها، هي «فاتحة خير» للمنطقة بأسرها، ولسورية خاصةً، وهو ما يتطلب من كافة القوى الوطنية في سورية أن تتحضر لعملٍ كبيرٍ مستمرٍ لإعادة توحيد البلاد وإعادة بنائها. ويتطلب من الشعب السوري أن يخلق بيديه فضاءً سياسياً جديداً يمثله حقاً وفعلاً، بعيداً عن القوى التي تُمثل عليه وضده، والقوى الهرمة التي باتت مصابة بكل أنواع الأمراض، وعلى رأسها الانفصال التام عن الواقع.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1113