د. جميل: في جنيف: النقاش يجري حول جنس الملائكة! ... 2254 هو جسم انتقالي فدستور فانتخابات ... على أستانا رفع مستواها من العسكري للسياسي لتنفيذ القرار

د. جميل: في جنيف: النقاش يجري حول جنس الملائكة! ... 2254 هو جسم انتقالي فدستور فانتخابات ... على أستانا رفع مستواها من العسكري للسياسي لتنفيذ القرار

بدعوة من وكالة ريانوفستي، عقد د. قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، ورئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، مؤتمراً صحفياً يوم 24 من الجاري في موسكو، قدم خلاله عرضاً إجمالياً لوضع الحل السياسي حالياً، بالتوازي مع انعقاد الاجتماع السابع للجنة الدستورية في جنيف، وكذلك قدم مقترحات المنصة للخطوات الواجب اتخاذها للوصول بشكل فعلي إلى إنهاء الأزمة السورية وتنفيذ القرار 2254.

في ما يلي تنشر قاسيون المداخلة الأساسية التي قدمها د. جميل في بداية المؤتمر، علماً أنّ الفيديو الكامل للمؤتمر بات موجوداً على قناة قاسيون على يوتيوب، ويمكن الوصول إليه عبر الرابط الموجود هنا.

النقاش حول جنس الملائكة

هذه هي الجولة السابعة للمفاوضات، وقد بدأت هذه الجولات في أواخر سنة 2019 ونحن الآن في منتصف عام 2022 تقريباً، أي مرّ وقت طويل. سورية بحاجة إلى حل عميق ومستدام للأزمة التي تعيشها، والحل يتأخر واللجنة الدستورية من الصعب أن أقول إنها تعمل ببطء شديد، لأنّ الأدق أنها لا تعمل؛ لأنها حتى هذه اللحظة لم تصل إلى نتائج ملموسة لأنها لا تناقش القضايا الملموسة- الحيوية- الجدّية- الضرورية لإخراج الشعب السوري وسورية من الأزمة. ويمكنني أن أقول إنّ النقاش حتى اليوم يجري حول جنس الملائكة في أروقة الأمم المتحدة، مثال: اليوم الرابع من هذه الجولة وغداً ستنتهي هذه الجولة، ماذا تبحث هذه الجولة؟ ماذا بحثت حتى الآن؟ في اليوم الأول المعارضة تقدمت بورقة حول سيادة القانون والمبادئ العامة السياسية. في اليوم الثاني قدم قسم من المجتمع المدني ورقة حول مبدأ الهوية والعروبة... إلخ. في اليوم الثالث وفد النظام قدم ورقة حول الرموز واسم الدولة- واللغة.. إلخ، واليوم قدمت المعارضة ورقة حول تنظيم وعمل السلطات العامة.
ولكن لا أعتقد أن هذا هو المهم، المهم ما نتيجة ذلك؟ المشكلة أنه لا توجد آلية إلى الآن للوصول إلى نتائج عبر النقاش، أي إن النقاش من أجل النقاش وليس من أجل الوصول إلى نتائج، والأمم المتحدة بدورها لا تستطيع أن تقوم بدور فعال من أجل أن يصل النقاش إلى نتائج ملموسة. مثال حول النقاش على جنس الملائكة: اليوم وفد النظام قدم ورقته حول مبدأ رموز الدولة، سأقرأه: «تمثل الجمهورية العربية السورية قيمة وطنية عليا وحضارية راسخة، وتعبر عن تاريخها وتراثها ووحدتها، وهي كل غير قابل للتعديل» أي إنها إما أن تؤخذ كلها أو ترفض كلها.
أولاً: علم الجمهورية العربية السورية الذي يتألف من 3 ألوان؛ الأحمر والأبيض والأسود، وفيه نجمتان... إلخ من توصيف العلم.
ثانياً: «حماة الديار عليكم سلام» هو النشيد الوطني للجمهورية العربية السورية.
ثالثاً: اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجمهورية العربية السورية.
رابعاً: الليرة السورية هي عملة الجمهورية العربية السورية.
خامساً: شعار الجمهورية العربية السورية هو ترس عربي نقش عليه....
أنا لا أقلل من هذه الرموز، ولكن هل هذا زمان ومكان نقاشها؟ هذا هو السؤال، ماذا يجب أن تناقش اللجنة الدستورية؟ وقد قمت بتقديم أمثلة على الاقتراحات الأخرى كلها عامة وكلام، هذا السؤال إذا كنا نريد الوصول إلى نتائج في عمل اللجنة الدستورية يجب أن نسأل أنفسنا فعلياً ماذا يجب أن تبحث؟ وإلا فإن هذان العامان والنصف من عملها يمكن أن يستمرا عدة أعوام أخرى. والسؤال المُلحّ، هل الشعب السوري في وضع يسمح له أن يتحمل المزيد من المآسي والتعتير كالأوضاع الحالية؟ هذا هو السؤال، سأعرج لاحقاً على القضايا التي أعتقد أنها جوهرية ويمكن أن تحل بسرعة في حال توفرت الإرادة السياسية عند جميع الأطراف.

بين واديين!

كي أوضح أكثر الحالة غير المحتملة التي يعيشها الشعب السوري والتي تجري بالتوازي مع بحث المفاوضين في اللجنة الدستورية في جنيف عن جنس الملائكة، أي عدم اقترابهم من القضية الرئيسية التي تهم السوريين لإيقاف مأساتهم، أذكر ما يلي...
قياساً على سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، خلال الجولة الأولى في 31/12/2019 كان الدولار يقابل 662 ليرة سورية واليوم نحن بتاريخ 24/3/2022 سعر صرف الدولار بحدود 4000 ليرة سورية أي إنه تضاعف خلال عامين ونصف ست مرات، وهذا قد انعكس على الأسعار وعلى تكاليف المعيشة وأصبحت اليوم بحسب حسابات مؤشر نسميه في سورية مؤشر جريدة قاسيون، جريدة حزب الإرادة الشعبية، أصبح وسطي تكاليف المعيشة لعائلة مؤلفة من 5 أشخاص أكثر من مليونين ليرة شهرياً، بينما الحد الأدنى للأجر الذي رفع مؤخراً أصبح 92 ألف ليرة سورية. ماذا يعني أكثر من مليونين ليرة؟ أي إنّ الحد الوسطي لتكاليف المعيشة لعائلة من 5 أفراد هو بحدود 519 دولاراً. الحد الأدنى للأجر للفرد الواحد على أساس سعر الصرف الحالي هو 23 دولاراً، أي إذا عمل فردان من العائلة فستحصل العائلة على 50 دولاراً أي إنها ستحصل على 10% فقط لا غير من ضرورات المعيشة الوسطى لعائلة متوسطة الحجم بمقاييس سورية. فإلى متى التمهل في عمل اللجنة الدستورية، ألا يدرك الموجودون فيها أن كل يوم يضيع هو آلام وعذابات وجوع وفقر ومرض وموت بالنسبة للسوريين؟ لماذا التمترس حول مواقف مسبقة قديمة؟ لماذا لا توضع مصلحة الشعب السوري أولاً فوق كل شيء وتلقى جميع الاعتبارات جانباً من أجل حل هذه المهمة؟

1063-24

تجريف سورية وتقسيمها!

الواضح أنه في ظروف سورية الملموسة، لا يمكن حل المأساة الإنسانية التي يعيشها السوريون دون حل مشكلتين حقيقيتين، الأولى أنه جرى تجريف -عبر الهجرة وعبر النزوح- لأكثر من نصف السوريين، وسابقاً كانوا ينزحون ويلجؤون بسبب الرصاص وخطر الحرب، واليوم الناس تهاجر بسبب ظروف المعيشة السيئة وليس تدفق الهجرة إلى الخارج اليوم أقل مما كان عليه في زمن التوتر العسكري في المناطق المختلفة. الناس تبحث عن لقمة خبز وتحاول الخروج من البلاد بأية طريقة كانت. هذا الوضع المأساوي يجب أن نعيه، وإذا نحن السوريين لم نعِ هذا الوضع ولم نعمل على حله ولم نضعه على رأس أهدافنا وأولوياتنا، فمن سيضعه؟
المشكلة أن هناك انفصالاً عن الواقع عند المعارضة الحاكمة، أي المعارضة المتنفذة التي تتحكم بقرار المعارضة. هنالك انفصال عن الواقع عند النظام أيضاً؛ لأن الذي يعيش الواقع يجب أن يذهب بسرعة إلى حل المشكلات، لدينا مشكلة التجريف السكاني ولدينا مشكلة التقسيم. اليوم واقعياً سورية مقسمة إلى ثلاث مناطق، إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع؟ وإذا استمر أكثر ماذا يمكن أن يحدث؟ هل يمكن أن يتحول التقسيم على أرض الواقع إلى تقسيم نهائي؟ إذا افترضنا أن هذا التقسيم استمر إلى أكثر من خمس سنوات أخرى، ما هي انعكاساته على الأرض بالنسبة لمستقبل ووحدة سورية؟
انعكاساته كبيرة لأنه فعلياً اليوم في سورية ليس هنالك فضاء اقتصادي واحد، سوق سورية انقسمت، لدينا قسم شمالي شرقي معزول نسبياً عن باقي البلاد، وقسم شمالي غربي معزول نسبياً عن باقي البلاد، وباقي البلاد معزولة عن هذين القسمين الغنيين جداً بالثروات والمواد الخام، لذلك فإنّ التقسيم على أرض الواقع اليوم هو حقيقة يجب عدم السماح باستمرارها. كذلك فإنّ هجرة السوريين- نصف سورية خارج سورية- هي حقيقة يجب عدم السماح باستمرارها. والحل الوحيد لذلك ليس عسكرياً كما يظن البعض، الحل هو الحل السياسي الشامل المقر بقرار مجلس الأمن 2254 الذي يمكن أن يؤمن وحدة سورية إن جرى تنفيذه.

موقع الدستورية ضمن 2254؟

يتحدث 2254 عن مرحلة انتقالية... اللجنة الدستورية والدستور هما جزء من المرحلة الانتقالية. والمرحلة الانتقالية حسب منطوق 2254 هي أولاً جسم انتقالي يتم تشكيله بالتوافق بين السوريين، وبين الطرفين الأساسيين بالدرجة الأولى. 2- دستور. 3- انتخابات. النقطة الأولى لم نتقرب منها إلى الآن بتنفيذ 2254، أي تشكيل ذلك الجسم الانتقالي الذي يشرف على عملية الانتقال. بدأنا من مكان ثانٍ- اللجنة الدستورية وهذا الأمر لم يفهمه البعض ولكن في حينه كان ضرورة في سوتشي لأنه كما تبين الأحداث اليوم فإن الغرب بشاطئيه الأوروبي والأمريكي كان يعيق تنفيذ 2254 لذلك كان يمكن للحل السياسي أن يموت، والحل الذي استخرج في سوتشي هو اللجنة الدستورية لإبقاء الحل السياسي في غرفة الإنعاش المركز إلى حين يرجع القرار إلى العافية وتنشأ الظروف التي تسمح بتنفيذه؛ لذلك سوتشي لعبت دوراً بإنقاذ 2254 ولكنها لا يمكن أن تنفذ 2254، وأعتقد أن مهمة سوتشي بإنقاذ 2254 انتهت.

أستانا والغرب

مجموعة أستانا «تركيا- إيران- روسيا» كانت قد أخذت على عاتقها سوتشي، اليوم نحن في وضع فيه التعامل مع الغرب أعقد من قبل؛ الغرب وافق على 2254 وعرقل تنفيذه في الواقع بكل الأشكال، تماماً مثل ما فعل باتفاق مينسك: «وافق وعطل».
ما هي خياراتنا في سورية اليوم لتنفيذ 2254؟ السوريون لا يمكن وليس ضرورياً أن ينتظروا الانفراج في الجو الدولي كي تُحل مشكلاتهم. أساساً وضعهم في الويل والمطلوب بسرعة إسعافية حل المشكلة السورية. أستانا بدولها الثلاثة لعبت دوراً كبيراً في إيقاف التوتر العسكري عبر إنهاء بؤر التوتر العسكرية، واليوم يمكن أن نقول بجرأة إنه في سورية لا يوجد إطلاق نار فعلياً، يوجد وقف إطلاق نار في سورية، أي إن أستانا رغم كل ما يمكن أن يقال، قد نجحت في تنفيذ مهمتها. اليوم لدينا المهمة الثانية وهي أنه يجب السير إلى الأمام نحو الحل السياسي. والمطلوب اليوم من أستانا أن تأخذ على عاتقها مبادرة جريئة وتاريخية، أن تأخذ على عاتقها تنفيذ 2254، رضي الغرب أو لم يرضَ، شارك الغرب أم لم يشارك، وأستانا هي قوى حقيقية موجودة على الأرض في سورية وهي إن أرادت قادرة بتوافقها بين بعضها البعض أولاً ومن ثم مع السوريين قادرة على تنفيذ الحل السياسي وفق 2254.
يرجى الانتباه، أدعو أستانا إلى أن تأخذ دوراً جديداً إضافةً إلى الدور الذي لعبته سابقاً، دورها السابق كان عسكرياً بالدرجة الأولى، ودورها الحالي يجب أن ينتقل مركز الثقل فيه إلى الجانب السياسي لتنفيذ 2254، شارك الغرب في العملية أهلاً وسهلاً وإن لم يشارك فليكن، وهذه العملية يمكن أن تنفذ من دونه، لأن الشعب السوري لن ينتظر ولا يجوز أن ينتظر رحمة الغرب كي تبدأ حلول مشكلاته. هذا موقف غير إنساني لكل الذين يتشدقون بالحديث عن الإنسانية والعدالة.

وجهان لعملة واحدة

إذا أخذتم أرقام الأمم المتحدة، فسورية اليوم في جداول الأمم المتحدة هي الأخيرة أو ما قبل الأخيرة بمؤشرات الفقر والفساد. السبب، الحرب- الأزمة- العقوبات- الحصار- الفساد... وأنا لا أُبرئ الفساد وأحمل العقوبات فقط، بالنسبة لي الفساد والعقوبات وجهان لعملة واحدة، العقوبات حفزت الفساد في الداخل، العقوبات كان هدفها تحفيز الفساد وإنشاء نخب جديدة لا جذور ولا تاريخ لها، ونشأت. وفي نهاية المطاف فإن العقوبات لم تستهدف الحكومة السورية، استهدفت بنهاية المطاف الشعب السوري وقد سمعتم النتائج التي تحدثت عنها بمستويات المعيشة. ومستوى المعيشة قابل أن يتدحرج أكثر نحو الأسوأ لأننا إن لم نوقف الحصار ولم نرفع العقوبات ولم ننفذ 2254 فإن الوضع سيستمر على حاله، وهناك احتمال وحيد إن قررت أستانا وبدأت الحل السياسي ووافق عليه الغرب أهلاً وسهلاً وإن لم يوافق فالتعاون مع دول الشرق سيسمح بحلها وإيقاف المأساة الإنسانية.
إن قرأنا الوضع الدولي بشكل جيد بعد أحداث أوكرانيا وبعد قرار بوتين حول الـ «روبل» نفهم أننا ذاهبون عالمياً- تاريخياً- كونياً إلى مكان أخر يمكن أن تلعب فيه دول مثل الصين وروسيا دوراً مفتاحياً في تحديد مستقبل البشرية، إذا أخذنا بعين الاعتبار موقع الشرق الأوسط وموقع سورية كمفتاح للشرق الأوسط، فإنّه كان يلعب دائماً دوراً أساسياً في تحديد اتجاه تطور البشرية خلال عمر جميع الإمبراطوريات السابقة.

1063-26

ما الذي يجب أن تفعله الدستورية؟

اللجنة الدستورية يجب أن تركز على القضايا الحقيقية والتي سأذكرها بعد قليل، ولكن سأذكركم بما قلته في المؤتمر الصحفي الماضي. أحد المسؤولين في الأمم المتحدة قال لي «جنيف مكان مريح جداً للقاءات لأنه يجعل الناس العالم لا يستعجلون في الحلول»، لذلك اجتماع أسبوع وعطلة ثلاثة أشهر والأسبوع هو خمسة أيام واليوم الخامس غداً ليس يوم عمل كامل ويوم العمل هو أربع ساعات، أي إذا عملوا على مدة أسبوع كامل يعطيهم العافية يعملون عشرين ساعة كل ثلاثة أشهر...
العمل المطلوب هو عمل مكثف أكثر- المطلوب هو عمل يومي وهذا لا يمكن أن يتم في جنيف، هذا يجب أن يتم في مكان آخر على الأرض السورية تحت أنظار الشعب السوري، تحت أنظار الإعلام السوري. البعض يقول لي «تريد أن تأخذ المعارضة إلى دمشق لكي يفتك النظام بها؟» أقول لهم «لا، هناك أمم متحدة تعطي ضمانات أمنية- أممية تضمن وجود الجميع وتلزم النظام أن يجلس على طاولة واحدة في دمشق مع المعارضة»، الاجتماع في دمشق حتى وإن لم ينتج شيئاً بجولته الأولى هو بحد ذاته اعتراف متبادل بين الطرفين ببعضهما البعض لأنه إلى الآن لا يوجد اعتراف متبادل. نقل المكان هام، وأنا لست مصراً على دمشق ولكن يجب نقله خارج جنيف إلى دمشق أو أي مكان آخر في سورية ومستعدون ومنفتحون لأن نسمع أية اقتراحات أخرى بنّاءة في مجال مكان عمل اللجنة الدستورية. ثانياً: لكي تعمل اللجنة الدستورية جيداً يجب تعديلها هي نفسها؛ ففي اللجنة الدستورية، ليس جميع السوريين الفاعلين المؤثرين موجودين، نحن من أول اجتماع للجنة الدستورية أصررنا على تمثيل مسد الموجودة في شمال شرق سورية في اللجنة الدستورية وهذا أمر هام جداً، لأن مسد فعلياً تسيطر على حوالي 30% من الأراضي وثروات سورية، لذلك إذا تكلمنا عن وحدة سورية لا يمكن أن تجري مفاوضات دستورية دون مسد، والذين يصرون على إبقاء مسد خارج المفاوضات أعتقد أنه لا يهمهم كثيراً مستقبل وحدة سورية ويمكن أن مقصودهم هو الإساءة لوحدة سورية... هذا الاحتمال يجب أن نأخذه بعين الاعتبار.

ثلاث جلسات كافية!

ما هي القضايا التي يجب بحثها؟ ثلاث جلسات تحل ثلاثة أمور والباقي يترك للمستقبل. النقطة الأولى: إعادة توزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمان، هل تعلمون اليوم أن البرلمان السوري ليس لديه حق التصويت على الثقة في الحكومة؟ أي لدينا البرلمان عاجز، مكتوب أنه يراقب الحكومة ولكنه لا يستطيع محاسبتها، لأنه ليس هو من يقوم بتعيينها وهذا أحد أشكال توزيع الصلاحيات. نحتاج تفكيراً جدّياً بإعادة توزيع الصلاحيات بين البرلمان والحكومة ورئيس الجمهورية ضمن رؤية مستقبل تطور سورية القادم كيف يمكن أن يكون أفضل، هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية الهامة جداً: ما هو النظام الانتخابي القادم، وكيف يجب أن يكون في سورية؟ هناك آراء عديدة علينا أن نبحثها «هاد الكلام يلي بيطعمي خبز» النظام الانتخابي لمجلس الشعب، كيف؟ لكل نظام شكله وأهدافه، نحن نهدف اليوم إلى تأمين وحدة سورية وتعميقها للمستقبل المنظور لذلك سنقدم اقتراحات في هذا الإطار ضمن هذا المنظور.
النقطة الثالثة: هي تأمين استقلال السلطة القضائية، اليوم السلطة القضائية حسب الدستور فعلياً ليست مستقلة لأن رئيس مجلس القضاء الأعلى هو رئيس الجمهورية، نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى هو وزير العدل، وبالتالي مجلس القضاء الأعلى ليس سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية وبالتالي يجب التفكير بأشكال حقيقية كي يكون القضاء مستقلاً، أنا لست حقوقياً ولكن أعلم ماذا يوجد في الدستور وأعلم بالدساتير الأخرى وأعلم أنّ الحديث عن استقلال السلطة القضائية لا يستقيم بهذا الشكل.
هذه القضايا الثلاث برأيكم إن بحثت في اللجنة الدستورية بشكل جدي كم من الوقت تأخذ؟ وكم ساعة عمل؟ لا أعتقد أنها تأخذ أكثر من 100 ساعة عمل التي ذهبت عبثاً حتى الآن...

خطوة مقابل خطوة؟

مطلوب من الأمم المتحدة أن توضح بعض الأفكار والآراء التي تطرحها عبر ممثلها الخاص السيد غير بيدرسون. وهو كان موجوداً في موسكو مؤخراً والتقيته لمدة ساعة ونصف وسألته: «أنت تقول إنك تريد تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 عبر سياسة الخطوة- خطوة، فقلت له ممكن أن تقوم بتوضيح الذي تقصده لأنه لا أحد يفهم ما الذي تريده، ما المقصود بـ الخطوة- خطوة؟».
شرح لي بصعوبة ماذا يريد بـ الخطوة- خطوة، وبصراحة إلى الآن لم أفهم عليه ماذا يريد بـ الخطوة- خطوة، قال مثلاً نقوم بطرح ملف المعتقلين بـ 2254 ونطلب من الطرف الآخر أن يكون ذلك مقابل تخفيف شيء من العقوبات عليه... إلخ، فقلت له هذه الخطوات صغيرة جداً وإذا قمت بطرحها ليس معروفاً إن كانت الخطوة ستسير إلى الأمام أم سترجع إلى الخلف؟ وقلت له هذا ليس المطلوب، لأن هذه الأمور الجزئية لا يمكن حلها خارج إطار الحل الشامل للأزمة السورية، لا يمكن. الحل الشامل هو الذي يضمن تنفيذ جميع بنود 2254 والحل الشامل برأينا هو أولاً: جسم انتقالي. ثانياً: دستور. ثالثاً: انتخابات. هذا هو الحل الشامل لذلك عندما يؤكد صانع القرار 2254 الذي هو الطرف الروسي أنه يجب تنفيذ 2254 بكل جوانبه نحن نفهم الأمر بهذا الشكل. والدستور يراوح في مكانه منذ عامين ونصف وسيبقى عامين ونصف وخمسة أعوام يراوح إن لم نحل النقطة الأولى وهي الجسم الانتقالي.

أهلية وفدي المعارضة والنظام؟

تشكيل الجسم الانتقالي يتطلب أن يكون هناك وفد تفاوضي مؤهلٌ من المعارضة؛ المعارضة بشكلها الحالي غير مؤهلة وغير قابلة وغير جاهزة كي تفاوض النظام، والتجربة أثبتت وستثبت أكثر أنه يجب إعادة النظر جذرياً بشكل المعارضة الحالي الذي يحكمه ائتلاف اسطنبول ويعيق الحل السياسي لأنه يعيق تشكيل الطرف المفاوض الحقيقي للنظام وبالتالي يؤخر حل الأزمة ويعطي النظام الوقت والفرصة كي تطول الأزمة ويبقى الوضع كما هو عليه.
الجهة الحاكمة في المعارضة هي حزب قائد في المعارضة مثل حزب البعث- هي تتحكم وهي تعيق وتعاني مشكلات كبرى، لذلك نحن نطرح جدياً ونعمل عملياً على إعادة النظر بشكل تمثيل المعارضة على أساس القرار 2254 الذي نص على أن المعارضة هي منصة موسكو- القاهرة- الرياض. لن نخرج عن هذا الإطار ولكن توجد له جوانب عديدة وليس الشكل الوحيد له هو ما نراه حالياً، الشكل الحالي هو معيق جداً.
أخيراً أقول لكم إن استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم، إذا كان قد جعلني أقول إنه يجب إعادة النظر في تمثيل المعارضة بهذا الشكل لأنها معيقة، فإنه يجعلنا جميعاً نقول أيضاً إنه يجب إعادة النظر في تمثيل النظام في اللجنة الدستورية، لأنه هناك شيء مضحك في الطروحات التي تطرح، يبحثون عن جنس الملائكة والشعب السوري جائع وبردان وتعبان ولا أحد يفكر في الموضوع وهذا يطرح على جدول البحث فعلياً إعادة النظر ليس فقط في شكل وفد المعارض وإنما بشكل وفد النظام، نريد أناساً جديين قلوبهم على الشعب يفهمون مشكلته ويسعون إلى حلها بأسرع وقت ممكن. لذلك إضافةً إلى ما اقترحناه سابقاً بنقل المركز الجغرافي لعمل اللجنة الدستورية تحت إشراف الأمم المتحدة إلى مكان آخر ويفضل دمشق، ونحن على استعداد للاستماع لكل اقتراح آخر إن كان موجوداً إضافةً إلى تعديل بنية اللجنة الدستورية وإدخال قوى حقيقية غير ممثلة فيها بفعل فاعل. 3- نقترح أن يفرض على الوفدين في جنيف بحث القضايا الحقيقية التي تساعد على تنفيذ 2254 وإن لم يجرِ ذلك فليست هنالك إمكانية للمضي قدماً...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1063
آخر تعديل على الإثنين, 28 آذار/مارس 2022 13:48