عرفات: تغيير إحداثيات عمل اللجنة الدستورية ضرورة لا مفر منها
أجرى اللقاء: سعد صائب أجرى اللقاء: سعد صائب

عرفات: تغيير إحداثيات عمل اللجنة الدستورية ضرورة لا مفر منها

بعد انتهاء الجولة السابعة من أعمال اللجنة الدستورية، بنتائج صفرية أسوة بالجولات التي سبقتها، استقصينا رأي الرفيق علاء عرفات، أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير وعضو هيئة التفاوض السورية، في نتائج الجولة السابعة، وفيما ينبغي عمله لإخراجها من الحالة الصفرية التي تراوح ضمنها منذ أكثر من عامين... وفيما يلي نص اللقاء:

  • يتفق معظم المتابعين على توصيف نتائج جولات الدستورية بأنها صفرية، هل تتفقون مع هذا التقييم؟

التقييم الموضوعي لصفرية نتائج جولات الدستورية، لا ينبغي بحالٍ من الأحوال أن يصب في الخانة نفسها التي يسعى إليها متشددو النظام ومتشددو المعارضة على حد سواء؛ فهؤلاء بانتقادهم للدستورية يسعون عملياً لا إلى تغيير الشروط والظروف بحيث تخدم اللجنة الحل، بل يسعون إلى إنهائها لقتل الحل نفسه...
واقع الأمور أنّه منذ تبني القرار 2254 في مجلس الأمن الدولي بالإجماع، فإنّ الغرب تعامل معه تعامله مع اتفاق مينسك، أي إنه وافق عليه شكلياً بينما عمل على الأرض في كل يومٍ لنسفه ومنع تنفيذه.
ضمن هذه الظروف، جاء مؤتمر سوتشي وأنتج اللجنة الدستورية ليس بوصفها حلاً بذاتها أو بديلاً عن 2254، بل بالضبط بوصفها غرفة إنعاشٍ مؤقتة للعملية السياسية لمنع موتها الذي كان ولا يزال رغبة مشتركة بين المتشددين السوريين وبين الغرب وخاصة الأمريكي والصهيوني.
وهذه المهمة قد أنجزت حتى الآن، أي منع موت العملية السياسية، ولكنّ مضي وقتٍ أطول دون الانتقال نحو الحل، بالتوازي مع استمرار العقوبات والفساد وتقسيم الأمر الواقع والخراب العميم الذي تعيشه سورية والشعب السوري، سيؤدي في نهاية المطاف المؤدى نفسه لعدم تطبيق الحل... ولذا لم يعد ممكناً الاعتماد على اللجنة وحدها لوقت طويل كمنفسة لمنع اختناق الحل السياسي...

  • أي دور ترون أن أستانا يمكنها أن تلعبه عدا دورها العسكري الذي لعبته سابقاً؟

أستانا أدت دورها بالمجال العسكري بالوصول إلى وقف إطلاق نار حقيقي في كل سورية، ولقناعتنا أن الغرب لا يريد الوصول إلى حل في سورية، فأستانا نفسها مطالبة اليوم بالارتقاء لاتخاذ زمام المبادرة في عملية الحل السياسي وبالتعاون مع الصين اقتصادياً، وذلك بغض النظر عن رأي الغرب.

  • بالعودة إلى الحديث عن اللجنة، ما تقييمكم لأداء الوفود الثلاثة؟

اتضح من مجمل الجولات السابقة، وطبيعة الطروحات التي تجري ضمنها، أن التركيبة القائمة للوفود الثلاثة، وليس فقط لوفدي المعارضة والنظام، هي تركيبة غير كفوءة للوصول الفعلي إلى حل، وهو ما يعكسه الانفصال الكامل الذي نراه عن آلام ومعاناة الشعب السوري عبر نقاشات شكلية تصل حد الترف المنقطع العلاقة نهائياً بأحوال الشعب السوري المأساوية بكل المقاييس.
وإذا كانت وضعية وتركيبة وفد النظام واضحة، فإنّ ما يعنينا ويمكننا العمل عليه كمعارضة بشكل مباشر، هو وفد المعارضة وكيفية تمثيلها... الأساس في القضية أنّه كما في النظام «حزب قائد»، ففي المعارضة هي الأخرى حزب قائد، وهو حزب قائد رافض في الجوهر للحل السياسي. وكمثال، فإنه لم تكد تبدأ الأزمة الأوكرانية حتى قفز هذا «الحزب القائد» مباشرة، وبانعدام أية مسؤولية وطنية وبضيق أفق عجيب، للمطالبة مجدداً بالتسليح وبإعادة توليع الحرب...
ولذا ينبغي العمل على إعادة هيكلة المعارضة على أساس القرار 2254 نفسه الذي يقول بثلاث منصات، ولا يشترط الشكل الحالي من التمثيل، وهذا الأمر ممكن وضروري. يضاف إلى ذلك أنّ الغائبين عن التمثيل وخاصة مسد، ينبغي تمثيلهم بالضرورة، لأنّ غيابهم يعني وضع لغم بشكل اختياري في وحدة سورية ووحدة شعبها، وقبل ذلك كله لأن تمثيلهم حقٌ لا يجوز هدره، وليس من مصلحتنا كسوريين أن يغيب أي تمثيل جدي ضمن عملية رسم التصور العام المستقبلي للبلد التي سنعيش فيها معاً...

  • قلتم إنّ اللجنة ينبغي أن تستمر لكن ينبغي أن تتغير إحداثيات عملها، وكما هو واضح أنكم تقصدون بذلك جزئياً مسألة تركيبة الوفود، هل هنالك إحداثيات أخرى يمكن أن تضمن أن تكون اللجنة فعلياً جزءاً من الحل؟

صحيح أن بين الإحداثيات الأساسية التي تحتاج إلى تعديل هي تركيبة الوفود، ولكن ينبغي أن نضيف الأمور التالية:
أولاً: تحويل اللجنة الدستورية إلى أحد الأعمدة الثلاثة ضمن تنفيذ 2254، يتطلب وضعها في مكانها وإطارها الصحيح بين هذه الأعمدة... (أولاً: جسم انتقالي، ثانياً: دستور، ثالثاً: انتخابات)... أي كي تتمكن اللجنة الدستورية من أن تكون آلية لتنفيذ الدستور الجديد فإنها ينبغي أن تعمل في ظل جسم انتقالي توافقي كما نص عليه القرار.
ثانياً: هذا لا يعني أنه لا يمكن دفعها أية خطوة إلى الأمام قبل تشكيل الجسم الانتقالي، بل نعتقد أنها يمكن عبر تغيير إحداثياتها أن تساهم هي أيضاً في تقريب عملية تشكيل الجسم الانتقالي (والذي لن يتشكل إلا بطريقة واحدة: هي مفاوضات مباشرة بين وفدين مؤهلين وذوي صلاحيات حقيقية من النظام والمعارضة).
ثالثاً: نقل عمل اللجنة إلى الداخل السوري، والأفضل دمشق، مع تأمين الضمانات الأممية اللازمة، يمكن أن يحقق أمرين هامين دفعة واحدة: الأول: هو إنهاء التقطع غير المقبول وغير المعقول في عملها، (حيث تجتمع الآن بمعدل 5 أيام كل ثلاثة أشهر، بينما تنحدر أوضاع السوريين بشكل يومي من جحيم إلى جحيم أكثر شدة)، ففي دمشق يمكن أن تجلس الوفود بشكل مستمر ودون انقطاع حتى الانتهاء من مهمتها. الثاني: هو تحقيق الاعتراف المتبادل بين الطرفين وإنهاء حالة التراشق غير المسؤول للاتهامات وإنهاء حالة التبارز الإعلامي المتعجرفة والمتبطرة على واقع الناس وواقع البلاد، فحتى هذه اللحظة لم يحصل اعتراف متبادل حقيقي، وهو شرط لا مفر منه ومقدمة لا مفر منها لأية عملية توافق، فكيف بتوافق على مصير بلاد وشعب؟؟
كمحصلة، فإنّ تغيير الإحداثيات الداخلية للجنة الدستورية، والذي بات استحقاقاً لا مجال للهروب منه، لا يعني أنها ستتحول إلى تنفيذ كامل للقرار 2254، ولكنه يعني بالتأكيد أنها ستسهم بشكل فعالٍ في تقريب لحظة التفاوض المباشر المطلوب لتشكيل جسم الحكم الانتقالي، كما أنها تعني اختصاراً لوقت سيصرف بكل الأحوال على هذه المهمة (أي مهمة كتابة مسودة الدستور) بعد تشكيل جسم الحكم...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1063