افتتاحية قاسيون 1043: الشمال الشرقي و2254

افتتاحية قاسيون 1043: الشمال الشرقي و2254

تعيش مناطق الشمال الشرقي السوري منذ عدة أسابيع وضعاً متوتراً ومعقداً، نتيجة التشابكات العديدة فيها، وتحت وقع التهديدات التركية المستمرة بعدوان جديد.

لا يخفى على أحد مدى أهمية مناطق شرق الفرات لسورية ككل، ابتداءً من أهميتها الاقتصادية والسكانية، ووصولاً إلى الأهمية المضاعفة الراهنة والناجمة عن تحولها إلى نقطة تقاطع وتكثيف لمختلف أنواع التأثيرات والتدخلات والمشاريع المتعلقة، ليس بمستقبل هذه المناطق فحسب، بل وبمستقبل سورية ككل، وبمستقبل الإقليم بأسره. وبهذا المعنى، فإنّ وضع الشمال الشرقي بات يكثّف بطريقة أو بأخرى الوضع السوري إجمالاً، وسيتحدد على أساس طريقة التعامل معه، إلى حد غير قليل، الوضع السوري ككل.

 ليس خافياً أيضاً، أنّ أحد مصادر تعقيد وضع الشمال الشرقي السوري، هو استمرار الوجود الأمريكي غير الشرعي، والتلاعب الأمريكي المستمر بهذه الورقة، خاصة وأنّ الاتجاه الإستراتيجي الانسحابي لواشنطن بات واضحاً ومفهوماً للجميع... ما يدفع بواشنطن إلى المساومة على وضع الشمال الشرقي بكل الاتجاهات، بما في ذلك عبر محاولة استخدامه لضرب الجميع بالجميع، سواء على المستوى الداخلي السوري، ابتداءً من تفعيل تناقض كردي- كردي، ومروراً بمحاولة تفجير تناقضات عربية-كردية، وكردية- تركية، ووصولاً إلى المتاجرة بالقضية الكردية لا لإنصاف أصحابها، بل على العكس من ذلك تماماً، لمحاولة استغلال قضيتهم ضد مصلحتهم بالدرجة الأولى، وضد مصالح شعوب المنطقة كافة.

 يضاف إلى ذلك، الدور التركي السلبي والمعطل حتى الآن، والذي يحاول بطريقة انتهازية وقصيرة النظر، الاستثمار في حساسية الموازين الدولية الراهنة، تحذوه في ذلك أوهام اقتناص نقاط ومكاسب مؤقتة ليست في حقيقتها سوى خسائر إستراتيجية لتركيا نفسها، ولكل دول المنطقة وشعوبها.

 بالتوازي مع هذين الدورين، يبرز أيضاً دور المتشددين من الأطراف السورية الذين لا يكفون عن نفخ النار في الرماد، والذين تدفعهم مصالحهم الأنانية لاستدعاء مزيد من الدم ومزيد من الخراب.

 على ضفة مقابلة، يظهر الدور الروسي كوسيط مقبول من كل الأطراف، ويسمح ذلك له حتى الآن بمنع انفجار الموقف، ولكن هذا الأمر وحده لا يمكن أن يشكل حلاً للمسألة...

البحث عن حل ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الأمور التالية:

أولاً: ليكون الحل سورياً- سورياً، لا بد من حوارٍ حقيقي وجدّي وتفاهم بين النظام ومسد.

ثانياً: تحقيق مثل هذا الحوار وهذا التفاهم، وكما توضح التجربة المرّة خلال السنوات الماضية، لا يمكن أن يتم دون أن يكون إطاره وأساسه ومنظوره هو القرار 2254.

ثالثاً: تطبيق هذا القرار هو أمر لا يعني النظام ومسد فقط، بل ويعني جميع السوريين. ولذا ينبغي أن تشترك فيه المعارضة الوطنية الديمقراطية، بحيث يتحول هذا الحوار، ونتائجه، إلى فاتحةٍ لتطبيق كاملٍ وشاملٍ للقرار 2254... والذي لا مخرج من مختلف أنواع الأزمات التي تعيشها سورية، بما فيها أزمة الشمال الشرقي وضرورة منع أي عدوان جديد، إلا بتطبيقه كاملاً.

(النسخة الإنكليزية)

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
1043
آخر تعديل على الأحد, 07 تشرين2/نوفمبر 2021 22:22