د. جميل: قضية اللاجئين قضية إنسانية ما فوق سياسية

د. جميل: قضية اللاجئين قضية إنسانية ما فوق سياسية

أجرت شبكة BBC العربية، يوم الأربعاء الماضي 15-8-2018، حواراً مع رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، وأمين مجلس حزب الإرادة الشعبية، د.قدري جميل، تناول فيه آخر المستجدات السياسية المتعلقة بالأزمة السورية. فيما يلي ننشر بعض الأسئلة التي وردت في اللقاء، علماً أن الاطلاع على المقابلة كاملة متوفر على صفحات موقع قاسيون الإلكتروني.


منذ أيام عقدتم مؤتمراً صحفياً في موسكو، هذا المؤتمر جاء بين مطالبة أنقرة الشهر الماضي، وهي المطالبة نفسها التي تأتي من روسيا الآن بعقد قمة رباعية في أنقرة تتعلق في القضايا النهائية في حل الأزمة السورية، لماذا أردتم هذا المؤتمر في هذا التوقيت؟
جرت العادة أن أعقد مؤتمراً صحفياً كل فترة من الزمن عندما تتجمع مجموعة من القضايا التي تتطلب الإدلاء برأينا فيها. وهذا المؤتمر الصحفي الأخير يبعد عن سابقه ثلاثة أشهر ربما، وهو أمر لا سابق له، لأن وتيرة مؤتمراتي الصحفية عملياً كانت كل شهر أو شهرين مرة. لذلك يجب عدم الاستغراب بعقد المؤتمر الصحفي بل يجب استغراب تأجيله قليلاً، عالجت في المؤتمر الصحفي قضايا عديدة، والمؤكد الآن أن هنالك اجتماعاً رئاسياً ثلاثياً للدول الضامنة التي لها علاقة بآستانا في طهران، أما الموضوع الثاني الذي تفضلت به، فهو أمر غير مؤكد حتى هذه اللحظة، وهو حديث افتراضات وإعلام في الدرجة الأولى.

إذا كانت تركيا وروسيا طالبتا به، لماذا لا يعقد إذا كان في سبيل حل الأزمة؟
لا أعلم إن كان سيعقد أم لا، هذا السؤال من المبكر الإجابة عليه، هذا السؤال افتراضي، لا معلومات حقيقية حوله حتى الآن.

الأزمة السورية تمر في مراحل حرجة الآن، ربما كما تحدثت في المؤتمر الصحفي تقترب من حلحلة بأسلوب ما بالأزمة، كيف تنظر أنت، هل الحل قريب برأيك؟
نحن في حزب الإرادة الشعبية وجبهة التغيير والتحرير ومنصة موسكو كنا منذ البدء نقول: إن الحرب ضد الإرهاب يجب أن تتوازى مع الحل السياسي، لأن الحل السياسي يجب أن يوحد كل السوريين وكل بنادقهم باتجاه الحل الواحد، لذلك كنا ضد أن توضع قضية محاربة الإرهاب والحل السياسي على التسلسل كما كان يريد البعض من هنا وهناك من الطرفين.
كان رأينا من الأساس: أن هذه العملية يجب أن تسير بشكلٍ متوازٍ. اليوم بالتقدم الذي جرى ميدانياً بالقضاء على الإرهاب وحصره في مناطق محددة، نعتقد أن الظرف الموضوعي للبدء الحقيقي في المفاوضات التي يجب أن تكون مقدمة سريعة لبدء تنفيذ الحل السياسي على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 فقط لا غير، وأعتقد أن الظروف أصبحت مواكبة في هذه الاتجاه.

إدلب هي منطقة خفض التصعيد، ما الذي يدور في إدلب؟ هل هو نفس ما دار في منطقة الجنوبية والغوطة الشرقية؟ ما الذي سيحدث؟ وما مصير المعارضة هناك؟
ذكرت في مؤتمري الصحفي إن حلب الشرقية والغوطة الشرقية والمنطقة الجنوبية الفترة الزمنية التي حُلت فيها قضايا هذه البؤر كانت تتناقص، وأعتقد أن إدلب على هذا المنوال ستسير، ويجب أن يكون هنالك تنسيق جيد بين الضامنين الثلاثة من أجل تنفيذ أهداف خفض التصعيد أولها عملياً: خفض التصعيد فعلاً، وهذا لا يمكن أن يمر إلا عبر عزل المتشددين والإرهابيين الموصوفين دولياً، وهم في هذه الحالة جبهة النصرة، لذلك أعتقد أن هنالك اتفاقاً.

تقع المسؤولية على عاتق منْ هنا؟ تركيا أم السلطات السورية وروسيا؟
أعتقد أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، ويجب أن يجدوا الأدوات الضرورية لتنفيذ هذا الهدف.

ماذا عن المعارضة المعتدلة الأخرى، كما سميت بالمعارضة المعتدلة بالأمس؟ ما الذي سيحدث لها في إدلب؟
لم أفهم، معارضة معتدلة حاملة للسلاح أم أنها دون سلاح؟ لأن هذا الموضوع أصبح ملتبساً كثيراً. هؤلاء، الفصائل المسلحة ليسوا موصوفين بالإرهابيين، ولست موافقاً على تسميتهم بالمعتدلين. المعتدلون هم نحن، الذين رفضنا منذ اللحظة الأولى رفع السلاح واتُّهمنا شتى الاتهامات نتيجة ذلك، هذه الفصائل غير معتدلة ولكنها غير مصنفة إرهابياً، ومطلوب منها اليوم أن توجه بنادقها باتجاه العدو رقم واحد الموصوف دولياً بقرارات مجلس الأمن، وأعتقد أن الضامنين الثلاثة لديهم وحدة رأي في هذه القضية.

لكن إذا لم توجه بنادقها ضد جبهة النصرة وتتحد مع السلطات السورية، ما هو مصيرها؟
«يكون ذنبها على جنبها» لأنها عملياً لم تساهم في مكافحة الإرهاب وحتى يوجد خطر في هذه الحالة إن ظهرت من تحت الطاولة تحالفات مع الإرهابيين ستكون هذه مشكلة، لذلك أنصح الفصائل المسلحة غير الموصوفة دولياً بالإرهاب الابتعاد كثيراً عن جبهة النصرة، الابتعاد جغرافياً والابتعاد سياسياً والتنسيق مع الضامنين الثلاثة في هذه الحالة تركيا وروسيا من أجل ضمان مستقبل آمن لإدلب نفسها.

منْ يستغل ورقة عودة اللاجئين والمهجرين ويستخدمها كورقة ضغط هنا، هل الغرب فعلاً يستخدم هذه الورقة؟
أريد أن أوضح موقفنا من هذه النقطة، نحن كمنصة موسكو وكجهة سياسية جزء من هيئة المفاوضات، ومختلفين مع بعض مكوناتها بالرأي في هذه النقطة بالذات. موضوع اللاجئين قضية إنسانية، يجب ألّا تُجير لأهداف سياسية ومصالح سياسية وإشعارات، موضوع اللاجئين موضوع إنساني ما فوق سياسي. يجب أن تخضع كل الاعتبارات السياسية لمصلحة تخفيف معاناة السوريين، هذه نقطة الانطلاق عندنا، أي: أنها ليست ورقة للمناورة والضغط والأخذ والرد، هذا عيب ولا يجوز، هذا ضد مصالح الشعب السوري.

موقفكم من موجات الهجرة التي حصلت، لو كنت بموقع مسؤول كرجل قوي في السلطة في سورية في يوم من الأيام، كيف سيكون موقفكم بالنسبة لهؤلاء؟
السؤال لماذا حصلت الهجرة؟ الهجرة قامت لسببين أساسَين: الحرب والأوضاع غير الآمنة، حيث الناس تطلب الأمان، وثانياً: الأوضاع الاقتصادية المعاشية الاجتماعية السيئة جداً حيث لعبت العقوبات الغربية دوراً كبيراً في خلق هذه الأجواء، لذلك عندما تتوقف الحرب ويتوقف سيلان الدماء وعندما ترفع العقوبات، وعندما تبدأ الحياة بالعودة لمجراها الطبيعي، فمن الطبيعي أن يعود المهجرون ويجب أن يعودوا، فهذه أرضهم وبلادهم.
لكن بعضهم يتخوف من العودة، حتى إذا انتبهنا في التقرير، فيصل مقداد يطمئنهم ويقول: لا عمليات انتقامية، عودوا وسنسهل العودة...
أنا اتفهم المخاوف، وأطالب بأن تتوفر الضمانات الضرورية كي تزول هذه المخاوف، والضمانات يجب أن تكون دولية، وبهذه الحالة تحديداً يمكن أن يلعب الضامنون الثلاثة في آستانا دوراً كبيراً في هذه الموضوع، لذلك فالناس لديهم تراكم عدم الثقة في النظام مشروع، ويمكن لكي يتبدد من المطلوب تجربة معاكسة. من هنا، وحتى تتكون تجربة معاكسة مطلوب ضمانات دولية على الأرض كي يطمئن اللاجئون وكي يعودوا بأمان إلى سورية.

هل هذا جزء من الحل السياسي الذي يمكن أن تعود به؟
أعتقد أن قضية اللاجئين تساعد على الحل السياسي، ويجب عدم وضعها كورقة للضغط والمناورة والابتزاز لبدء الحل السياسي. الحل السياسي: هو القرار الدولي 2254، الذي اتخذ بالإجماع، ويجب على الجميع احترامه، وأنا أعتقد أن عودة اللاجئين ستخلق الأجواء المناسبة للبدء بالحل السياسي لتنفيذ القرار 2254 بشكل جيد.
حتى الآن هنالك مصادر إعلامية غربية تتهمكم بالسير خلف الحكومة السورية، الأمر الذي لا يسمح لكم بزيارة بعض الدول الغربية مثل: فرنسا على سبيل المثال، ما تعليقكم وموقفكم من ذلك؟
سؤالك دبلوماسي جداً، أنا لست فقط لا أستطيع زيارة فرنسا، بل أنا ممنوع من زيارة فرنسا على أساس العقوبات الأوروبية، وهذا الأمر مضحك جداً وفيه مفارقة. نحن معارضة معترف بنا بقرار مجلس الأمن كمنصة موسكو، والغربيون إلى الآن ما زالوا مصرين على معاقبتنا تحت اتهامٍ مُلتبسٍ وظالمٍ وغير صحيح وهو أننا مع النظام.
من أين أتى هذا الالتباس غير البريء بأن جبهتنا ومنصتنا ملحقة بالنظام؟ أتى من قضيتين، الأولى: نحن كمعارضة وطنية خلقنا سلوكاً جديداً حينما قلنا لا للتدخل الخارجي في وقت كان مقياس المعارضة فيه هو مقياس تأييد التدخل الخارجي العسكري، قياساً بالعراق وليبيا، نحن سجلنا موقفاً جديداً وهاماً في هذا الاتجاه، ولكن إذا كنا ضد التدخل الخارجي لحل المشاكل الداخلية فهل يعني ذلك أننا مع النظام؟ نحن مع الدولة، مع الشعب، النقطة الثانية: كنا ضد رفع السلاح منذ اللحظة الأولى وصدق توقعنا ووصلنا لزمنٍ اقتنع فيه الجميع- بعد سبع سنوات وبعد مئات الآلاف من الضحايا- أن رفع السلاح كان خطأً.

آخر تعديل على الأحد, 19 آب/أغسطس 2018 13:23