الانسحاب من الجولان... كجزءٍ من الحل السياسي
ترتبط الأحداث الأخيرة في المنطقة الجنوبية في سورية بعموم الصراع في منطقتنا مع العدو الصهيوني إلى حد بعيد، وتحديداً بالاحتلال الصهيوني للجولان منذ عام 1967. جميع المؤشرات الموضوعية تقول إن الحل السياسي للأزمة السورية، سيشمل بداية وسمت حل الأزمات الدولية عموماً، وذلك عبر مفتاح قوة أساسي وهو: فرض تطبيق الشرعية الدولية، والقرارات الدولية المرتبطة.
تنشر قاسيون نصي القرارين الدوليين 242- 338، المرتبطان بحرب عام 1967 ونتائجها، حيث ستكون هذه القرارات المتكأ الأساس في حل وضع الجولان السوري المحتل، وجميع الأراضي المحتلة في حينها.
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 (1967)
بتاريخ 22 تشرين الثاني 1967- إقرار مبادئ سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط:
إن مجلس الأمن إذ يعرب عن قلقه المستمر إزاء الأوضاع الخطيرة في الشرق الأوسط.
وإذ يؤكد عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب، كما يؤكد على الحاجة للعمل من أجل سلام عادل ودائم يسمح لكل دولة في المنطقة بالعيش بأمان.
ويؤكد كذلك أن كل الدول الأعضاء قد التزمت, بموافقتها على ميثاق الأمم المتحدة، بالعمل وفق المادة الثانية من الميثاق.
1- يؤكد أن تنفيذ مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يجب أن يشمل تطبيق المبدأين التاليين:
أ ـ انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير.
ب ـ إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب، واحترام واعتراف بسيادة ووحدة أراضي كل دولة في المنطقة، واستقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، حرة من التهديد بالقوة أو استعمالها.
2- ويؤكد على ضرورة:
أـ ضمان حرية الملاحة عبر الممرات المائية الدولية في المنطقة.
ب ـ التوصل إلى تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.
ج ـ ضمان عدم انتهاك حرمة الأراضي والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة عن طريق إجراءات من بينها إقامة مناطق منزوعة السلاح.
3- يطلب من الأمين العام تعيين ممثل خاص للتوجه إلى الشرق الأوسط من أجل إقامة اتصالات بالدول المعنية ومواصلة هذه الاتصالات من أجل دعم الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية سلمية ومقبولة وفق نصوص ومبادئ هذا القرار.
4- يطلب من الأمين العام تقديم تقرير إلى مجلس الأمن بصدد سير مهمة ممثله الخاص في أقرب وقت ممكن.
تبنى المجلس القرار في جلسته رقم 1382، بإجماع الأصوات.
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 338 (1973)
بتاريخ 22 تشرين الأول 1973- طلب وقف إطلاق النار والدعوة إلى تنفيذ القرار رقم 242 بجميع أجزائه.
إن مجلس الأمن، يدعو جميع الأطراف المشتركة في القتال الدائر حالياً إلى وقف إطلاق النار بصورة كاملة، وإنهاء جميع الأعمال العسكرية فوراً في مدة لا تتجاوز 12 ساعة من لحظة اتخاذ هذا القرار وفي المواقع التي تحتلها الآن، يدعو جميع الأطراف المعنية إلى البدء فوراً، بعد وقف إطلاق النار، بتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 (1967) بجميع أجزائه.
يقرر أن تبدأ، فور وقف إطلاق النار وخلاله، مفاوضات بين الأطراف المعنية تحت الإشراف الملائم بهدف إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
تبنى المجلس هذا القرار في جلسته رقم 1747، بـ 14 صوتاً مقابل لا شيء. مع القرار: اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، أستراليا، أندونيسيا، بنما، بيرو، السودان، غينيا، فرنسا، كينيا، المملكة المتحدة البريطانية وإيرلندا الشمالية، النمسا، الهند، الولايات المتحدة الأمريكية، يوغوسلافيا.
المصدر قرارات الأمم المتحدة حول فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي 1947-1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1993.
تحرير الأراضي المحتلة
تكثر الأقاويل والتأويلات حول مسار تفاوضي بين القوى الدولية الأكثر فاعلية في الملف السوري، أي: روسيا تحديداً، وبين الكيان ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية... ليذهب البعض إلى استخدام تعابير (بيع الجولان)، و(صفقة حماية أمن إسرائيل) وغيرها من التفسيرات غير الموضوعية، والتي لا تستند إلى تحليل موازين القوى الدولية.
إن طرح القوى الصاعدة الفاعلة اليوم في الحلول الدبلوماسية للأزمات الدولية الكبرى، وفي مقدمتها الأزمة السورية... يركز على عنصر قوة أساسي، وهو «الشرعية الدولية». وهذا ما تقوله وتكرره الدبلوماسية الروسية، حول طريقة حل الأزمة السورية بالقرار 2254، والأهم حالياً التأكيد على تطبيق القرارات الدولية، في كل ما يخص مسألة الصراع «العربي الإسرائيلي» أي: القراران 242- 338، كما صرح الرئيس الروسي في مؤتمره الصحفي مع الرئيس الأمريكي ترامب في قمة هلنسكي.
إن تأكيد الطرف الروسي اليوم على مسألة اعتماد تطبيق قرارات مجلس الأمن المرتبطة بالصراع في المنطقة، يعني عملياً التأكيد على الانسحاب الإسرائيلي من الجولان، فيما يخص الوضع السوري، الأمر الذي سيشكل واحداً من بنود ونتائج الحل السياسي للأزمة السورية.
الكيان الصهيوني خاسر سياسياً في سورية، وفي القضية الفلسطينية، والمحدد لهذا: أن وجوده واستمراريته مرتبطة بحالة الفوضى والتقسيم في المنطقة، وهذه الحالة هي المشروع الأمريكي الذي يفشل اليوم... فالكيان يخسر حمايته الأمريكية، بسبب تراجع وزن وقدرة الولايات المتحدة، وانتهاء فعاليتها العسكرية، وتراجع كبير في قدراتها الاقتصادية، الذي يتبعه أفول تدريجي لفعاليتها السياسية وقدرتها على التأثير في المنطقة. وبالمقابل فإن الأطراف الأخرى، وتحديداً الطرفين الروسي والصيني، معنيان إلى حد بعيد بالاستقرار في منطقتنا لجملة أسباب اقتصادية، وسياسية. وبينما المبادرة أصبحت اليوم متركزة في يد الطرف الروسي في المسألة السورية، فإن حلها حلّاً سلمياً ووفق الشرعية الدولية سيعني الانسحاب الإسرائيلي من الجولان. أما ما يتعلق بمجمل القضية الفلسطينية، فإن المنطق يقول: إن الظرف الدولي سيسمح بتطبيق قرارات الشرعية الدولية كلها والعودة إلى الحدود وفق القرار 181، وليس حدود الـ 1967. بل إن ما يمكن الوصول إليه أبعد من ذلك، فمسببات وجود دولة الكيان، وآليات استمرارها، لم تعد متوفرة، ما يجعل وجود الكيان من عدمه مسألة مطروحة على الطاولة لدى داعميه الدوليين.