د. جميل: كلمة السوريين في شؤونهم ستصبح الأعلى

د. جميل: كلمة السوريين في شؤونهم ستصبح الأعلى

أجرت مجلة صُـور الحوار التالي مع الدكتور قدري حول الحرب والمفاوضات والدستور السوري المستقبلي، وغيرها من القضايا التي تشهدها الساحة السورية. الحوار المنشور بتاريخ 8-7-2018 تنشر منه قاسيون المحاور التالية:

حاوره: كمال أوسكان

لنبدأ من منصة موسكو التي يترأسها الدكتور قدري جميل، والتي تشكلت في 2014 بعد مؤتمرات ولقاءات عقدت في موسكو. هل تعرفنا بها أكثر؟ ما هي رؤيتها للقضية السورية، وما هي القوى السياسية التي تضمها، ومكانتها في الحياة السياسية في سورية؟
تضم منصة موسكو مجموعة من القوى والأحزاب هي حزب الإرادة الشعبية الموجود في كل المحافظات السورية، ومجلس العشائر العربية الذي قدم وحده 2500 شهيداً في مواجهاته مع داعش، وكذلك تيار طريق التغيير السلمي، والتيار الثالث لأجل سورية، والحزب الديمقراطي الاجتماعي، وتجمع سورية الأم، والحزب الوطني الديمقراطي. القوى الممثلة في منصة موسكو هي بشكل أساسي قوى جبهة التغيير والتحرير التي تبنت- منذ السنة الأولى من الأزمة- الحوار سبيلاً ومخرجاً، ورفضت التدخل الخارجي والعنف بأشكاله المختلفة.
تميزت هذه القوى أنها رفعت نداءً للأمم المتحدة لم يوقّعه كل المشاركين من المعارضة بل أغلبيتهم، وطالبت فيه باستعادة مسيرة جنيف وتطبيق بيان جنيف1، وشكل الموقعون على هذا النداء لجنة متابعة أصبحت تعرف مجازاً بمنصة موسكو مع أن كل المشاركين فيها من قوى موجودة في سورية. وقفت هذه القوى ضد الانقسام الوهمي بين موالاة ومعارضة، وتمسكت بأنّ مصلحة أكثر من 90 بالمئة من الشعب السوري هي مصلحة واحدة بالضد من مصالح قلة قليلة من الفاسدين الكبار وتجار الحروب الموجودين في النظام والمعارضة على السواء، وشكلت نوعاً جديداً من المعارضة مختلفاً كلياً عن ذاك الذي جرى ترويجه خلال التسعينيات وبداية الألفية، (على غرار المعارضة العراقية)، حيث كانت وصفة المعارضة أنها تكون معارضة بقدر ما تستدعي التدخل الخارجي وبقدر ما تتماهى مع الطروحات الغربية.
على العكس من ذلك ظهرت في سورية معارضة وطنية تعمل لتغيير النظام تغييراً جذرياً عميقاً بكل الاتجاهات، وترفض التدخل الخارجي وتقف ضده حتى النهاية، وتتمسك بموقف وطني صلب ضد الكيان الصهيوني وضد القوى الغربية الاستعمارية. الطرح السياسي الذي يثبت الواقع صحته يعزز مواقع القوى التي تطرحه، وهذا بالضبط ما يحصل مع منصة موسكو.

مشاركة السوريين في المؤتمرات والمفاوضات من أجل وقف الحرب والاقتتال، وإيجاد حل سياسي في سورية مرهونان لإرادة قوى إقليمية ودولية. إلى أية درجة يمكن لهذه المفاوضات أن تثمر بنتائج تخدم مصلحة السوريين؟
كما قلت سابقاً، طبيعة الصراع الدولي والإقليمي تتجه نحو تصفير محصلة قوى التدخلات، وبهذا المعنى فإنّ كلمة السوريين في شؤون بلدهم ستصبح هي الأعلى، والقرار 2254 الذي يمثل إرادة ومصلحة الدول الصاعدة، يضمن هذا الحق للسوريين بشكل لا لبس فيه.

انضمّت منصة موسكو إلى الهيئة العليا للمفاوضات رغم وجود خلافات كبيرة بين الكتلتين. هل تعتقد أنكم قادرون على بناء رؤية مشتركة للحل السياسي في سورية؟
نحن لم ننضم إلى الهيئة العليا للمفاوضات، الهيئة العليا للمفاوضات أصبحت من الماضي؛ ما جرى هو أن منصات المعارضة الثلاث المذكورة في القرار 2254 (موسكو- القاهرة- الرياض) اتفقت على تشكيل هيئة المفاوضات السورية لتشكيل وفد واحد للمعارضة، وقدمنا بذلك تنازلاً كبيراً بما يتعلق بنسب التمثيل، وكان هدفنا من ذلك هو الوصول إلى المفاوضات المباشرة مع النظام، والتي لا مخرج دونها. ورغم تشكيل الهيئة إلّا أنّنا حافظنا على استقلالنا السياسي الكامل، وكثيراً ما يجري نقاش وأحياناً صدام مع مواقف تتخذها كتل ضمن الهيئة، وتحاول فرضها على الهيئة ككل، وجزء من هذا النقاش قد خرج للإعلام. وأثبتت الوقائع أن تشكيل هذا الوفد الواحد ليس كافياً للوصول إلى الحل، خاصة أنّ التوجه المتشدد وخاصة لدى الائتلاف والفصائل يسلب الهيئة وظيفتها التفاوضية ويحاول زجها طرفاً سياسياً ضمن الصراع الدولي والإقليمي. ولذلك فإنّ خطوات عدة قد اتخذت لإصلاح هذا العطل، من بينها استمرار مسار أستانة وعقد مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي وما نتج عنه.
في ما يتعلق بالرؤية المشتركة، فهي القرار 2254، لا أكثر ولا أقل، ودون اجتهادات؛ هذا القرار كافٍ أساساً للتفاوض المباشر، أما محاولة البحث عن رؤى سياسية مشتركة فهي مسألة مستحيلة ولا داعي لها أساساً...

ضمن هيئة التفاوض السورية، ما نقاط الالتقاء التي تجمعكم مع تجمع تيار قمح، وتيار الغد- أحمد الجربا؟ وهل من الطبيعي أن تقدموا الأسماء المرشحة مع كلا التيارين في وقت أنتم تمثلون منصة موسكو في الهيئة، والجربا جزء من منصة القاهرة، علماً أن جميع المنصات كانت قد توصلت للاتفاق في اجتماع الرياض2 حين شكلت وفداً موحداً للمعارضة؟
ما يجمعنا مع تيار قمح ومع تيار الغد هو على الأقل أننا جميعاً شاركنا في مؤتمر سوتشي الذي أقر بيانه الختامي تشكيل اللجنة الدستورية، في حين أننا كنا الوحيدين ضمن هيئة التفاوض الذين شاركنا في سوتشي، رغم أن آخرين كانت لديهم الرغبة لكنهم لم يشاركوا في نهاية المطاف. إضافة إلى ذلك فإنّ الهيئة لم تقدم قائمة مرشحيها حتى اللحظة نتيجة تعطيل يقوم به مكونان، هما: الائتلاف والفصائل، رغم أن أربعة مكونات من أصل ستة تدفع باتجاه تسليم القائمة، لكن المكونين المعطلين يأخذان الهيئة رهينة لهما، ويعطلان تسليم القائمة.
بكل الأحوال، موقفنا هو أن تمثيل المعارضة ضمن اللجنة الدستورية يجب أن يكون شاملاً ولا يقصي أحداً لأنّ مسألة بحجم الدستور الذي سيؤثر على حياة السوريين لسنوات طويلة قادمة، يجب أن تتم بأوسع مشاركة ممكنة دون إقصاء أو استثناء أحد. ومن ناحية أخرى فإن مختلف القوائم التي يجري تقديمها هي قوائم مرشحين لعضوية اللجنة وليس قائمة أعضاء حكماً، لذا لا مانع من وجود عدة قوائم، وعملية الاختيار ستتم من خلال التشاور والتوافق بين الدول الضامنة من جهة وبالتشاور مع دي مستورا من جهة أخرى ومع الأطراف السورية أيضاً.

الحديث حول تشكيل لجنة لصياغة أو تعديل الدستور، وفي موازاة ذلك تجري معارك قوية على الأرض السورية على الرغم من وجود اتفاقات مناطق خفض التوتر. إلى أي حد يمكن أن تساهم صياغة الدستور في إيقاف دوامة العنف؟
الدستور هو أحد المداخل الرئيسة لتحديد شكل الدولة السورية المقبلة، بما في ذلك طريقة فصل السلطات وتوزيع الصلاحيات، والأهم، هو: تحديد طريقة حكم الشعب لنفسه؛ ولذلك فإنّ العمل على المسألة الدستورية هو جزء مهم من عملية التغيير المطلوب، وهو أحد بنود القرار 2254. أي: أنّ العمل على الدستور هو فعلياً البدء بعملية التغيير المطلوبة.

سورية كانت دولة شديدة المركزية يحكمها حزب أخضع المجتمع والدولة لحكمه، بعد سبع سنوات من الحرب والدمار، كيف يجب أن تكون سورية وفق رؤيتكم في دستورها الجديد؟
المركزية الشديدة لعبت دوراً مهماً بالمعنى التاريخي في سورية حيث أنجزت مرحلتها الأولى بتوسيع قطاع الدولة وزيادة دور الدولة في مختلف المجالات، ولكن بعد ذلك تحولت إلى عائق للتطور السابق خاصة في أوائل التسعينيات، وأرادت المراكز الرئيسة الحفاظ على دورها وصلاحياتها رغم انتهاء الضرورة التاريخية لذلك بغرض نقل الموارد من الأطراف نحو المراكز الأساسية لتعظيم النهب، وجرى تهميش تنمية الأطراف، وتهميش الاستثمار فيها، رغم أنها تسهم بالقسم الأكبر من الناتج الوطني. سورية الجديدة يجب أن تكون مزيجاً من المركزية السياسية واللامركزية الإدارية، بحيث يجري توزيع الموازنة الاستثمارية بشكل مناسب وعادل على جميع أنحاء سورية، والأهم، هو: أن نصل إلى مجالس شعب محلية منتخبة مباشرة وعلى أساس نسبي من المناطق وقابلة للعزل بأي وقت يرى فيه الناخبون أن المنتخبين لم يلتزموا بوعودهم، وأن تكون هذا المجالس أداة الرقابة المباشرة للناس على أجهزة الدولة في مناطقها.
على المستوى الكلي ينبغي تعزيز المركزية السياسية في المجالات الأساسية الكبرى، الخارجية، الدفاع، البنك المركزي، السياسات الكبرى الاقتصادية والمالية، لضمان وحدة البلاد.
النموذج الجديد للمركزية وطريقة توزيع الصلاحيات للأطراف مسألة تحتاج إلى بحث جدي ضمن الدستور، نحن لدينا تصور متكامل حول هذه النقطة، وسنطرحه حين يبدأ نقاش هذه المسألة.

إذا ما اتفقت الأطراف السياسية حول التغيرات أو التعديلات، هل بالإمكان فرضها على السوريين في ظل الانقسام الحاد الذي يعيشه المجتمع السوري؟ هل (سورية موحَّدة) ما تزال ممكنة؟
سورية موحّدة هو الاحتمال الوحيد الممكن، فالأساس أن التوازن الدولي لن يسمح بتقسيم سورية، وأن السوريين أنفسهم لا يرغبون بتقسيم بلدهم. ولن يفرض شيء على السوريين فرضاً، إذ ستمر التغييرات والتعديلات عبر استفتاء شعبي وعبر انتخابات حرة.
خلقت الأزمة السورية استقطاباً حاداً بين المكونات السورية أشبه بالحرب الأهلية، كما أنها أظهرت صراعاً آخر بين تيارين على الساحة السورية بعد سيطرة قوى إسلامية متشددة على المشهد في المناطق التي خضعت لسيطرة المعارضة، وغياب شبه تام لقوى علمانية وديمقراطية. كيف تنظرون إلى هذا التحول لصالح الإسلاميين؟
في مراحل الأزمات، ومراحل الحراك الشعبي الواسع، لا يعلق الناس أهمية كبيرة على «اليافطات» الأيديولوجية العريضة التي ترفعها القوى السياسية، أي: أنهم لا يهتمون كثيراً هل هذه القوة قومية أم شيوعية أم إسلامية، ما يهمهم حقاً هو الموقف الملموس لها مما يجري على أرض الواقع؛ ما يهمهم هو البرامج والحلول العملية لمشاكل حياتهم. وإذا نظرنا للوحة السورية نجد اختلاطاً هائلاً ضمن التيارات الأيديولوجية في مواقفها السياسية، حيث يوجد بين العلمانيين من يرى الولايات المتحدة حليفاً له، ويوجد العكس، كذلك الأمر مع الإسلاميين والقوميين والشيوعيين. جوهر المسألة: إن الفضاء السياسي القديم المتشكل في خمسينيات القرن الماضي قد انتهى، ونحن أمام ولادة فضاء سياسي جديد، تتقدم ضمنه القوى التي تقدم برامج حقيقية للخروج من الأزمة ولليوم الأول بعد الأزمة، وذلك بغض النظر عن «الطربوش» الأيديولوجي الذي تلبسه.

هل يمتلك أي تيار أو قوى سياسية في سورية مشروعاً وطنياً يستطيع من خلاله استقطاب السوريين وخلق أرضية لبناء سورية جديدة؟
نزعم أننا نمتلك برنامجاً وطنياً شاملاً لليوم الأول بعد الأزمة، سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً وثقافياً، ملامحه الأساسية تتلخص في ثلاثة شعارات: (السلطة للشعب، الكرامة للوطن، الثروة للجميع)، وعند أول انتخابات حرة قادمة سنصارع لإقناع السوريين ببرنامجنا، ولتطبيقه بعد ذلك.

ماذا تريد روسيا من سورية؟
 أُفضل القول: إن روسيا هي الأقرب بسياساتها لمصلحة السوريين؛ ما تريده روسيا، ومصلحتها العميقة، هي تطويق النزعة الحربية الأمريكية وإخماد حرائقها، وفي الخاص السوري فإنّ هذا الأمر يستلزم أمرين: الحرب على الإرهاب، والحل السياسي على أساس القرار 2254، والذي يسمح للشعب السوري بتقرير مصيره بنفسه، ويسمح تالياً بتحقيق استقرار حقيقي في سورية، وهذا هدف استراتيجي وجيوسياسي بالنسبة لروسيا.

ماذا عن القضية الكردية في سورية؟
القضية الكردية هي قضية محقة، وحلها يتم على مستويين، ضمن الإطار السوري يبدأ الحل عبر الحل السياسي وتطبيق 2254 وصياغة دستور يضمن الحقوق الثقافية والحقوق المدنية الكاملة للكرد السوريين ويضمن لهم كما لغيرهم من السوريين تنمية حقيقية وعادلة في مناطقهم وإمكانية رقابة ومحاسبة جدية على أجهزة الدولة بحيث تعمل لمصلحة أغلبية الناس بعيداً عن الفساد والمحسوبيات والتمييز بأشكاله المختلفة. على المستوى الكلي، فإنّ حل القضية الكردية في البلدان الأربعة التي يتواجد فيها الكرد لا يمكن أن يتم إلّا على أساس التفاهم الأخوي بين شعوب هذه الدول، بما يضمن مصالحها جميعها، وبالضد مما كان سائداً حتى الآن حيث تستخدم حكومات هذه الدول إضافة إلى الدول الغربية المسألة القومية لضرب الشعوب ببعضها ولاستمرار نهبها واستلاب حقوقها.
لدينا عدد كبير من الملاحظات والانتقادات على قوات سورية الديمقراطية، لكن الدور الذي لعبوه في محاربة داعش هو دور مهم وقدموا خلاله تضحيات كبيرة، ونحن نصرّ على حقهم في المشاركة الفاعلة ضمن العملية السياسية ككل، وضمن اللجنة الدستورية خاصة.

وماذا عن الدور التركي؟
الدور التركي عموماً هو دور سلبي، ونحن ندين الاحتلال التركي لعفرين. رغم ذلك فإنّ اشتراك تركيا ضمن مسار أستانة ثم في سوتشي هو أمر إيجابي يحمل إشارات عن إمكانية استدارة تركية بعيداً عن الغرب، وإنْ كانت هذه العملية لا تزال في بداياتها وستأخذ وقتها، والمصلحة الطبيعية لتركيا هي عكس سلوكها طوال القرن الماضي تقريباً، أي: أنّ مصلحتها هي مع الدول المجاورة لها ومع دول الشرق وليست مع الغرب.

النهوض بالاقتصاد السوري بعد الحرب
في رد للدكتور قدري جميل على سؤال حول عملية إعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد السوري أجاب: إن بناء الاقتصاد السوري يتطلب تجاوز مرحلتين، المرحلة الأولى: هي العودة إلى مستوى 2011 والثانية: هي الانطلاق إلى الأمام لتجاوز كل المشكلات والثغرات التي كانت قائمة سابقاً وساهمت بشكل مباشر في انفجار الأزمة السورية، إذ إن الوضع الاقتصادي قبل 2011 قد وضع الأساس المادي الاقتصادي الاجتماعي للانفجار السياسي الذي جرى. المشاكل الاقتصادية الكبرى للاقتصاد السوري منذ 2005 بشكل واضح للعيان هي: الفقر البطالة المهمشين الخدمات التعليم الصحة... إلخ، لذلك المطلوب إيجاد حلول جذرية لهذه القضايا. بالنسبة لإعادة الإعمار، فمشكلتها الأساسية هي الموارد، الغرب بشقيه الأميركي والأوروبي يحاول أن يدفعنا باتجاه حلول معينة في إعادة الإعمار كي يستفيد هو من هذه العملية عبر تشغيل شركاته، وأشك أنّ لديه القدرة أن يقدم عوناً مادياً حقيقياً، مع أن من المطلوب منه أن يساهم في التعويض لأن الغرب ساهم بشكل مباشر بالتخريب الذي جرى في سورية. موارد إعادة الإعمار في سورية، هي، أولاً: التعويضات التي يجب تحصيلها واستيفاؤها من تلك الدول التي دفعت مئات المليارات في الحرب السورية ودمرت البنية التحتية والاقتصاد السوري ومنازل السوريين، ناهيك عن الضحايا بمئات الآلاف، والمعاقين والأيتام والأرامل... وهذه التعويضات يجب تجميعها في صندوق سيادي سوري، يتقرر سورياً، وفقط سورياً، كيف يتم صرفها لإعادة الإعمار.
المورد الثاني، هو: العمل مع الأصدقاء الذين يسمح وضعهم المادي بذلك، وأقصد بالدرجة الأولى بلدان بريكس وخاصة الصين والهند وروسيا، هذه البلدان لديها إمكانات كبيرة ويجب إعطاؤها الإمكانات اللازمة لتعمل في إعادة بناء سورية. المورد الثالث، هو: الموارد الذاتية لسورية. سورية بلد غني جداً لكنه غير مستفيد من موارده لأن عمليات الفساد والنهب التي كانت تجري تاريخياً كانت تهتم بقطاعات سريعة الربح، وتهمل الاعتماد على تصنيع المواد وخلق القيم المضافة. المطلوب هو خريطة استثمارية مدروسة جدياً ترفع العائد في التوظيف الاستثماري الذي يجب أن يجري، ويمكن أن يتاح للاستثمارات العمل على أساس هذه الخريطة مع شروط معينة تحافظ على السيادة السورية والاستقلال الوطني، هذه هي رؤيتنا لموارد إعادة الإعمار.
في ما يخص المرحلة بعد إعادة الإعمار، وكيف يجب أن يكون البناء الاقتصادي، فهذا متعلق بالحلول السياسية وكيف ستحسم، لأن البناء الاقتصادي لا يمكن أن يكون محايداً هو إما لمصلحة الفقراء المظلومين أو لمصلحة الأغنياء الذين كانوا يستفيدون قبل الحرب واستفادوا خلالها ويريدون أن يستمروا بالاستفادة بعد الحرب. هناك في نهاية المطاف برنامجان سيتصارعان على استمالة قلوب وعقول السوريين، نحن لدينا برنامجنا، برنامج اليوم الأول بعد الأزمة لحل كل القضايا الكبرى التي تنتصب أمام بلادنا وأمام شعبنا.