حاصر حصارك

انتصارات متتالية تحققها قوى الشعوب، وانتكاسات متوالية تحصدها قوى العدوان..
فمن نيكاراغوا حيث عادت الجبهة الساندينية، مروراً بالبرازيل حيث ثبّت اليسار مواقعه، وصولاً إلى فنزويلا التي مرغت أنف الإمبريالية الأمريكية بالتراب، تتوالى المؤشرات التي تؤكد أن قطب الشعوب ينهض، بل إنه ينتقل إلى الهجوم بعد ركونه إلى الدفاع لعقد من الزمن، وهذه الانتصارات ليست ظاهرة أمريكية لاتينية بل هي ظاهرة عالمية، فمن الشرق الأقصى إلى الشرق الأوسط ترتفع القبضة المتحدية لقوى العدوان وتجبرها على إعادة حساباتها.

وإذا كانت الإدارة الأمريكية مضطرة لإعادة حساباتها آخذة بعين الاعتبار التغييرات الجارية على الأرض، فهذا لايعني بتاتاً أن تغيراً جوهرياً طرأ على أهدافها، فهي إن اضطرت لشيء، فستضطر إلى تغيير التكتيك والأدوات فقط، فأهدافها كانت وماتزال الهيمنة العالمية، ودونها فهي مهددة بانهيار مدوٍّ ومجلجل، واستمرارها في محاولات الهيمنة وفرض إراداتها لتكون قطباً أوحد، لايخفف احتمال انهيارها حسبما تعتقد، بل يزيد هذا الاحتمال، لذلك لن يتغير شيء من حيث الجوهر بالنسبة للشعوب إن ذهب الجمهوريون وأتى الديمقراطيون، ولا إن ذهب «رامسفيلد» وأتى «غيتس»، فكل ذلك ما هو إلا لعب على هوامش الرقعة الكبرى التي ستحدد مسار التاريخ العالمي.
وإذا كنا نقول دائماً إن الظرف الموضوعي يتوفر بازدياد لتحقيق الانتصارات على العدو الأساسي وملحقاته المختلفة، الخارجية والداخلية، فإن ذلك لن يتحقق دون وعي هذه الحقيقة نفسها، ودون توفر الإرادة والعزيمة الضروريتين لذلك.
لقد انتهى ذلك الزمان الذي كانت فيه القوى الوطنية مضطرة للمناورة متراجعة تحت ضغط العدو.
وجاء الزمان الذي أصبح من الضروري فيه  أخذ المبادرة والانتقال إلى الهجوم بدقة وهدوء لإجبار العدو الأمريكي ـ الصهيوني وكل من لف لفه إلى التراجع والهزيمة.
والطامة الكبرى إذا كان البعض يعتقد أنه مضطر للتراجع في زمن انتزاع المبادرة والهجوم والتقدم وتحقيق الانتصارات، فهو كذلك يعيش اليوم بعقلية ونفسية الأمس.
وحين نتحدث عن المبادرة والانتقال إلى الهجوم، إنما نقصد تحديداً جميع الجبهات، الوطنية العامة، والاقتصادية ـ الاجتماعية، والديمقراطية.
فالوطنيون على كافة مشاربهم، أينما كانت مواقعهم ومسؤولياتهم مضطرون لأخذ زمام المبادرة، ومحاصرة أحصنة طروادة داخل البلد وداخل جهاز الدولة، وإلغاء تأثيرها، لأن في ذلك الضمانة الوحيدة للانتصار في المواجهة الكبرى القادمة المفروضة علينا.
فمحاصرة وهزيمة قوى الاستسلام «الواقعية» واجب..
ومحاصرة قوى الفساد الداخلي التي هي مراكز الاختراق الأساسية للعدو الخارجي واجب.
ومحاصرة من يكمم أفواه الناس، مقدماً خدمة كبيرة لقوى الفساد الكبرى، واجب.
ومحاصرة قوى الليبرالية الجديدة داخل جهاز الدولة التي تريدنا أن «نجرب المجرّب»، هو واجب كبير.
وإذا لم يجر ذلك، فإن هذه القوى ستحاصر قوى المقاومة والشموخ داخل البلد وداخل النظام، من داخل البلد ومن داخل النظام، محققة سلماً ما لم يستطع العدو تحقيقه حرباً خلال سنوات وسنوات.
إن الوطن الحر من ارتفاعات الأسعار التي تمتهن كرامة المواطن، والحر من قوى الفساد التي تهين كرامة الوطن، والحر من السياسات الليبرالية الجديدة التي تفرط بمكتسبات البلد والشعب، هو القادر على استيلاد الشعب المقاوم وصولاً إلى الانعطاف الوطني الاجتماعي الديمقراطي المقاوم المطلوب الآن...... الآن......  وليس غداً.......   

معلومات إضافية

العدد رقم:
285