رفض العنف والدخول بالعملية السياسية المخرج الوحيد للأزمة
عقد في دار الطليعة الجديدة مؤتمر صحفي في صبيحة يوم السبت 31/3/2012، حضره ممثلو عشرات وسائل الإعلام المختلفة ووكالات الأنباء العربية والأجنبية والمحلية، وذلك لتسليط الضوء على آخر المستجدات السياسية على الساحة الإقليمية والدولية والمحلية، وحول قرار «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» في المشاركة بانتخابات مجلس الشعب القادمة، وقد حضر من قيادة الجبهة كلٌّ من «د.علي حيدر» رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، «د.قدري جميل» أمين حزب الإرادة الشعبية، والأب «طوني دورة» المعارض المستقل.
بينت الجبهة خلال المؤتمر الصحفي، أبعاد ومنطلقات مواقفها مما يجري في سورية، ومدى صوابية قرارها في المشاركة بانتخابات مجلس الشعب حيث اكد د.قدري جميل أنه كان لدينا موقف لن يتغير من قانون الانتخابات الحالي القانون الذي لم يتغير، ونسعى إلى تغييره، فهذا القانون الذي اعتبر المحافظة دائرة واحدة لن يساعد على تطوير الحركة السياسية الناشئة على أساس قانون الأحزاب، ونعتبره مفصّلاً على مدى خمسين سنة على قياس أجهزة الدولة وقوى المال، وبالتالي يضعها في موقع الأفضلية، ولا يضمن المستوى العالي من النزاهة والشفافية للانتخابات بغض النظر عن النوايا هنا أو هناك. وقال د.جميل: ورغم ذلك وكمعارضة وطنية قلناها منذ البداية لا بد من البدء بالحوار الذي نعتبره محاولة للوصول إلى توافق يتطلب تنازلات متبادلة من جميع الأطراف المعنية بالحوار، على هذا الأساس نبين أننا في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير وكجزء من المعارضة الوطنية أننا حين وافقنا وأعلنا مع أصدقائنا ومؤيدينا الترشيح للانتخابات نعتبر أننا قدمنا تنازلاً، باعتباره مخالفاً لقناعاتنا المبدئية، ولأن مصلحة الوطن العليا تقتضي تقديم تنازلات، وبما أن التنازلات تتطلب موقفاً مقابلاً فإننا في هذه اللحظة نطلب من السلطات المعنية أن تضمن حداً معقولاً من النزاهة والشفافية في الانتخابات القادمة.
وأشار د.جميل: أننا قررنا الترشيح لجميع المقاعد المتوفرة أو القريبة من العدد المقرر للمقاعد، و يجب أن يكون مستوى الشفافية والنزاهة مقبولا إذا قررنا الاستمرار في هذه الانتخابات ، وغير ذلك يعني عدم الاستمرار، لأن تقديم طلبات الترشيح شيء و بدء الحملة الانتخابية شيء آخر بالإضافة إلى أنه يجب التنويه إننا ندخل الانتخابات بدستور جديد للبلاد ومادة ثامنة جديدة ، تؤكد على التعددية السياسية والحزبية ، وتسمح بوصول المواطنين لمجلس الشعب على أساس الكفاءات فقط وليس على أساس أية مقاييس أخرى.
وأكد جميل: أن الجبهة ستدخل الانتخابات بمرشحين من الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الإرادة الشعبية، ومجموعة كبيرة من الذين يقودون الحراك الشعبي السلمي الاحتجاجي وذلك على أساس معارضة التدخل الخارجي و وقف العنف بكل أشكاله.
وقال د.جميل: إن مصلحة البلاد تقتضي وصول أكبر عدد ممكن من الجبهة الذين يستحقون أن يكونوا أعضاءً بمجلس الشعب القادم إذا توفرت الظروف الضرورية من الشفافية والنزاهة التي نطالب بها.
من جانبه تحدث الأب طوني دورة عن الأجواء التي تسير على الأرض بسبب وجود نهجين متناقضين ومختلفين، النهج السياسي الذي يؤسس للغة الحوار، ويتخذ من الحوار وسيلة والوطن غاية، والنهج الآخر وهو العنفي الذي يمثل لغة المتطرفين المتواجدين في جميع الأطراف في السلطة والمعارضة.
ونوه الأب دورة إلى أن الكثير من الشرائح صنفت ضمن المعارضة المسلحة، ولكن تبين معنا على الأرض والتواصل مع الفئات كافة أنها لا تبغي التسليح أو شيئاً آخر أو أنها وجدت نفسها «محشورة» في هذا التموضع، وفرض عليها واقع معين، وهذا الموضوع سببه سوء التواصل ، وازدياد هامش الخوف على الذات ورفع مستوى الاستعداد للحاضنة الاجتماعية من بعض المتطرفين في السلطة أو الذين غرروا الكثيرين من الناس في الحاضنة الاجتماعية، والتي لم يصل إليها أي أحد ليتواصل معها أو يتفهم احتياجاتها أو ليسألها عما تريد، أو لماذا تستعدى، لذلك نحن كمعارضة وطنية في الجبهة، ومستقلين متحالفين مع الجبهة عملنا بالاتصال مع هؤلاء، وسمعنا لاحتياجاتهم وأصغينا لمخاوفهم، وعملنا بهذه الوساطة المقبولة لدى المعارضة، ولدى جزء من القيادة في السلطة على تقريب وجهات النظر وخلق حد أدنى من التوافق في الرؤية وخاصة عند أصحاب الإرادة الوطنية الذين يضعون الوطن كحد أعلى لكل المطالب، وبدأت هذه المساعي تنجح في كل الأماكن، وتوصلنا لنزع السلاح فيها.
واستغرب الأب دورة أسفاً بوجود طابور خامس يريد أن يشعل الفتنة هنا وهناك، وهو قد يعمل بشكل مستقل لكنه في الوقت ذاته قد يعمل مع بعض الجهات وهو من الطبيعي أن يوجد بعض من ضعاف النفوس لتنفيذ مهامه سواء من القوى النظامية أو ممن يريدون أن يكونوا مأجورين لأجندات خارجية، وهؤلاء لا يريدون تسويات، رغم أننا وفي أكثر من منطقة أنهينا مظاهر التسلح بتسوية سياسية تؤسس للحوار القادم إلا أنها كانت في المرحلة الأخيرة تلاقي الاجهاض تحت عناوين مختلفة، أي هناك من يؤمن بمنطق كسر العظم، لذلك أريد أن أقول للجميع إن لم يكن الجميع للوطن لن يكون الوطن للجميع، ولا يوجد خيار أمام السوريين كما قلناه سابقاً حسب النتائج والوقائع سوى إيجاد أرضية للحوار لأن من يحرك الناس على الأرض إنما هي مشاعر الناس واحتياجاتهم والشعور بالظلم إضافة لمن يستغلون هذه الأوضاع لأجنداتهم وأسيادهم في الخارج.
وختم الأب حديثه قائلاً: لذلك علينا العمل معاً بتوافق وتنسيق بإرادة عليا لأن الجميع يريد أن يحيا معاً وهذا ما لمسناه على الأرض الكل ضد الفرز الطائفي والتهجير والتقسيم،و الكل يوافق على حالة وطنية فيها عدالة للجميع.
بدوره د.علي حيدر قال : حقيقة وبناء على ما تقدم نستطيع القول إن سياسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير سياسة واضحة ثابتة منذ بداية الأزمة تقوم على مبدأ أساسي وهو أن مصلحة الوطن فوق كل المصالح، وبالتالي هذا هو المقياس الذي بنينا عليه جميع مواقفنا السابقة، وعلى أساسه قبلنا الدخول بالعملية السياسية لأننا ومنذ سنوات نقول إن الإصلاح السياسي هو مقدمة لأي إصلاح آخر، وأن هذه العملية السياسية ستمر بأشكال مختلفة قد نتوافق على بعضها ونختلف على تفاصيل أخرى لكننا وافقنا عليها لأنها المدخل الوحيد لحل الأزمة السورية.
وأوضح د.حيدر بالقول: هذا هو رأينا بجميع المبادرات التي طرحت في الفترة الماضية، وقلنا إن الأزمة السورية حلها سوري وأطرافها سوريون، وبالتالي أي تبدل في بعض المواقف سببه التغير بالمزاج الدولي ومع ذلك إن كان من جهة مبادرة كوفي عنان أو الاتفاق على النقاط الخمس بين وزير الخارجية ألروسي سيرغي لافروف وبين العرب أو من جهة البيان الرئاسي لمجلس الأمن وافقنا تحت عنوانين رئيسين هما: رفض العنف من أية جهة كانت بالتوازي وبالتساوي، والدخول بالعملية السياسية لأنها الآلية الوحيدة للحوارالوطني المباشر بين جميع الأطراف.
وأضاف د.حيدر: باختصار يمكنني القول إن سياق عمل الجبهة واحد منذ البداية لأن المبدأ هو أن ما نعمل عليه يجب أن يحقق الاستقلالية لسورية مع رفضنا لكل المبادرات التي لا تصل إلى مستوى إنقاذ البلد.