كيف أصبحت شيوعياً؟
حين يستعرض الرفاق القدامى جوانب من سيرتهم الذاتية في إطار انتمائهم للحزب الشيوعي السوري، ومن خلال مواقف وتواريخ سجلت صفحاتها ذكريات ما زالت وستبقى غالية في مشاعرهم وصدورهم وعقولهم، وستبقى روافد ثرة تغني تراث الحزب وتلهم الأجيال الشابة مزيداً من الحماسة وفيضاً من النشاط لمتابعة المسير بثقة وقناعة بأن الآتي لا بد أن يكون أفضل لأن صنع مستقبل الشعوب رهن بما تقدمه هذه الشعوب من عمل وجهد وتضحيات هي أولاً وأخيراً ثمن تحررها من ركام القهر والتخلف والحرمان، لذلك لا عجب أن يستشعر القارئ لتلك الجوانب الذاتية أنها بعض مما يعيشه على أرض الواقع، وهذا ما يجعل لحديث الرفاق القدامى وقعاً مختلف الإيقاع، ومن ثم يترك تأثيراً متبايناً جراء تباين التجارب ودرجة نضجها وشدة حرارتها إن كانت حلوة أو مريرة، لكنها في كل الأحوال تظل مؤشراً واضحاً عن جهود ونضالات لأفراد سعوا صادقين ليكونوا جزءاً لا يتجزأ من مجموع مناضل يحمل اسم الحزب الشيوعي السوري، ومن أجل أن يستعيد الحزب دوره ووظيفته النضالية على الصعيد الوطني والطبقي، تبذل الجهود المخلصة لجميع الذين انتموا للحزب ووجدوا فيه بارقة الأمل لغد أكثر إشراقاً وكرامة وإنسانية..
ضيفنا لهذا العدد الرفيق القديم سمير إسحاق..
الرفيق المحترم أبو عادل نحييك، ونسألك أن تحدثنا كيف أصبحت شيوعياً؟.
«أنا من مواليد كفرون رفقة التابعة لمشتى الحلو عام 1931، درست المرحلة الابتدائية في مدرسة القرية ومنها حصلت على الشهادة الابتدائية سنة 1947، ولضيق الحال لم أستطع متابعة تعليمي فاشتغلت عاملاً مدة سنتين، وعندما افتتحت مدرسة متوسطة خاصة في مشتى الحلو وكفرون سعادة التحقت بها وتابعت الدراسة، وحصلت على الشهادة المتوسطة عام1951 ومن ثم عملت في العام نفسه معلماً ابتدائياً، وخلال فترة وظيفتي تابعت الدراسة، وحصلت على أهلية التعليم الابتدائي، هذا من جهة العمل، أما من جهة تعرفي على الشيوعية فقد بدأت السيرة في بداية النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي، وذلك عن طريق أخي ديب أبو عصام ورفاقه الذين كانوا يجتمعون في بيتنا، وكنت أحاول الدخول إلى الاجتماع لأستمع لما يدور بينهم من أحاديث، لكنهم كانوا يمنعونني من الدخول حفاظاً على سرية اجتماعهم، وهذا ما شدني أكثر لأكون بينهم ومعهم، ونمت لدي رغبة شديدة بالانضمام إلى صفوف الحزب الذي يكافح ضد الظلم والاستغلال ولمصلحة الفلاحين الفقراء والعمال، وقد تحققت رغبتي، ففي المدرسة المتوسطة وعن طريق الرفيق الأستاذ دانيال نعمة تم تشكيل منظمة طلابية كنت واحداً منها، وقد قمنا بتنفيذ بعض المهمات الحزبية كتوزيع المنشورات وإيصال الجريدة الحزبية إلى القرى المجاورة، إلى جانب نشاطي في نشر أفكار الحزب وسياسته بين زملائي المعلمين وطلابي وبخاصة الكبار منهم في جميع المدارس التي عملت فيها. وفي عام 1957 نقلت إلى محافظة دير الزور، وسبب النقل كان نتيجة نشاطي الحزبي الذي لاقى امتعاضاً من القائمين على شؤون التربية، فعاقبوني بهذا النقل بعيداً عن مكان إقامتي، وهكذا مرت السنوات، واستمر العمل والنضال إلى أن بدأت الخلافات في قيادات الحزب التي أدت إلى نشوء الفصائل التي دخلت في تناحر فيما بينها، فأخذ كل جانب يهاجم الآخر مما أضعف الحزب وأبعد عنه جماهيره وسياجه الحقيقي، ولقد آلمني هذا الأمر ودفعني إلى أن أتوقف عن النشاط الحزبي وإلى الابتعاد عن التنظيم لأجد نفسي خارج الحزب، وبقيت على هذا الوضع فترة طويلة إلى أن استجدت على الساحة أمور جدية أحيت الأمل من جديد في نفسي بإمكانية أن يعود الحزب موحداً مستعيداً دوره الفعال بين الجماهير بقيام اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وذلك في سبيل كرامة الوطن والمواطن، وهذا ما سوف أساهم فيه بكل مبدئية وإخلاص مع جميع الرفاق.
وأخيراً فإنني أدعو كل الرفاق الغيورين على مصلحة الوطن والشعب إلى الانتظام في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين للتصدي للهجمة الشرسة التي يتعرض لها بلدنا سورية من الدول الاستعمارية والكيان الصهيوني، هذه الحملة المسعورة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية بحجة مكافحة الإرهاب، علماً أنها تمارس إرهاب الدولة لبناء شرق أوسط جديد كما يريده جورج بوش والكيان الصهيوني، فبادروا أيها الرفاق إلى العمل المتفاني لتوحيد الحزب ليأخذ دوره في خدمة الوطن والمواطن.