الافتتاحية لكي لا يطفح الكيل

تجاوز الفريق الاقتصادي بإنجازاته المدى.. فهو إضافة لما أنجزه من ارتفاع للأسعار بسبب سياساته الكلية والتي يحاول تحميل مسؤوليتها ظلماً لصغار التجار، واستمراره في الإصرار على رفع الدعم عن المحروقات رغم الإجماع الشعبي ضد هذا الإجراء، وإخراجه لموازنة «تاريخية» في حجم عجزها المعلن، إلى جانب أزمة الكهرباء التي حققها بإدارته «البعيدة النظر»، ورفعه لأسعارها، أتحفنا بعجزه عن تأمين مادة المازوت مؤخراً، المتوفرة فعلياً والتي اختفت واقعياً مسببة في هذا الشتاء القارس صعوبات إضافية للمواطن العادي، وكأنه ينتقم منه لأنه منعه من رفع سعر المازوت عندما حاول ذلك في «غارة» الأول من أيلول الماضي الفاشلة ضد المازوت الرخيص والضروري شعبياً، محاولاً تحميله مسؤولية عجزه عن منع تهريب هذه المادة الإستراتيجية.. وأخيراً يتحفنا بإصراره على السير بعملية الخصخصة الفعلية لمؤسسات إستراتيجية مثل المرافئ السورية.. 

والنتيجة اليوم، أنه إذا بحثنا عن مؤيد وداعم لهذا الفريق، لما وجدنا أحداً.. وليس في هذا الكلام مبالغة..

ـ ففي الشارع هناك إجماع حقيقي ضده...

ـ وفي الإعلام هناك شبه إجماع ضده، ولمن يشك بذلك نرجو منه مراجعة جميع الصحف والمجلات المحلية خلال الأسبوعين الماضيين...

ـ وعلى مستوى القوى السياسية هناك أكثرية واضحة ضده، إذ أنه بسلوكه وممارسته اضطر كل القوى بما فيها أحزاب الجبهة أن تعلن موقفاً ضده بهذا الشكل أو ذاك...

ـ وإذا كان هنالك قوى حقيقية شعبية فعلية معه فدلونا عليها بالله عليكم...

ولكن السؤال الأساسي يبقى ماذا يريد هذا الفريق الاقتصادي؟

ولكي لا نُتهم بسوء النية والمبالغة، ندقق هذا السؤال ونقول: إلى أين أوصلنا موضوعياً هذا الفريق بغض النظر عن إرادته؟ آخذين بالاعتبار، كما يقال، أن طريق جهنم مفروش بالنوايا الحسنة...

لقد أوصلنا اقتصادياً إلى حافة الكارثة، فأرقام النمو المعلنة تجلت بانخفاض موارد الخزينة، وهو أمر عجيب غريب، لم يحصل في تاريخ التطور الاقتصادي العالمي والمحلي إلا هذه المرة...

كما أوصلنا اجتماعياً إلى استياء وقلق وإرهاق جماهيري وشعبي واسع يكاد يصل إلى حافة الاحتجاج على الأرض... الذي يمكن في أية لحظة أن يتحول إلى حالة غضب شعبي لا تحمد عقباها، وهي ليست في مصلحة البلاد في هذا الظرف الحساس والخطير الذي تمر به منطقتنا وبلدنا سورية بسبب استمرار الضغوطات والمؤامرات الأمريكية ـ الصهيونية..

والأسوأ من ذلك أنه أوصلنا سياسياً إلى حد تحميل الحكومة ــ كل الحكومة ــ التي هو جزء منها فقط لا غير، مسؤولية ونتائج أفعاله وسياساته الاقتصادية الشاملة...

نحن نفهم أن الحكومة وخاصة وزاراتها السيادية مثل الخارجية والداخلية والدفاع والإعلام لا يمكن أن تتحمل مباشرة مسؤولية ممارسات هذا الفريق.. ولكن، ابن الشارع العادي ليس مطلوباً منه بالضرورة أن يفهم ذلك... وحينذاك ماذا ستكون النتيجة؟ وكم ستكون الأضرار جراء ذلك؟

إن ما يجري لا يمكن فهمه إلا حسب المعادلة التالية:

1ـ تراكم استياء جار على قدم وساق بسبب ما يجري في المجال الاقتصادي ـ الاجتماعي.

2ـ وما استمرار هذا التراكم والإصرار عليه إلا استدراج للشارع للانتقال في لحظة ما إلى الاحتجاجات العفوية.

3ـ التي إذا وصلنا إليها، فالمطلوب منها الانتقال إلى «الفوضى الخلاقة» الداخلية لدعم «الفوضى الخلاقة» الخارجية التي تصوغها بامتياز في المنطقة الإمبريالية الأمريكية بالتعاون مع إسرائيل الصهيونية.

لذلك يجب إحداث قطع في هذه المعادلة لكي لا يطفح الكيل، وقبل المزيد من  تراكم الاحتقانات الجارية، وهذا يتطلب إجراءات جريئة تقضي على الفتنة المخططة في مهدها الذي تحاول الخروج منه، وهذه الإجراءات مازالت القوى النظيفة في جهاز الدولة والمجتمع قادرة عليها الآن بأقل قدر من الخسائر والآلام... لكن بكل الأحوال لدى سورية، شعباً وجيشاً، ما يكفي من القوى لرد كيد «الفوضى الخلاقة» الداخلية إلى نحر صانعيها، وتحويلها باتجاه التغييرات الوطنية الديمقراطية الحقيقية المطلوبة التي ستفشل بدورها جزءاً هاماً من مخطط «الفوضى الخلاقة» الإقليمي... حتى لو كانت حينذاك الخسائر والآلام أكثر... والتي يمكن وينبغي تجنبها...

لذلك الآن... الآن... وليس غداً، ولقطع الطريق على المؤامرات والفتنة، يجب ترحيل هذا الفريق الاقتصادي مع سياساته، وفي ذلك ضمانة لكرامة الوطن والمواطن..

آخر تعديل على الثلاثاء, 25 تشرين1/أكتوير 2016 11:41